الإمام المدرسي : لا تلغوا دور الدين في العراق!

شبكة مزن الثقافية شبكة كربلاء للأنباء

 سماحة المرجع المدرسي في خطبة صلاة العيد:

من خلال التقوى والحكمة الالهية وحكمة اهل البيت والقرآن نكشف ما يحيط بنا في العراق.

أقام المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دامت بركاته صلاة العيد في مكتبه بمدينة كربلاء المقدسة صبيحة يوم الاحد غرة شوال المكرم، بحضور عدد غفير من المؤمنين.

وفي خطبة العيد تحدث سماحة السيد المرجع عن ضرورة عودة العبد الى ربه والتعرض للنفحات الالهية والاستفادة منها والفوز بالجنة، وعن كيفية التعرض لهذه النفحات قال سماحته بانها تتم من خلال تكريس المكاسب التي حصلت عليها خلال شهر رمضان المبارك.

وتحدث سماحته في خطبته الاولى عن واجبين على الانسان المؤمن:

الاول: ازاء ربه وهو العودة اليه وفي هذه العودة فرحة ومسرة عند الله تبارك وتعالى كما ورد في الحديث الشريف، والواجب الثاني: ازاء نفسه وهو اعادة الحسابات بعد انقضاء شهر رمضان المبارك وقال سماحته: علينا التفكير مع انفسنا لحظات.. ما هو الاخطاء التي ارتكبناها؟ وما هي الافضل والامثل لحياتنا؟ وكيف نستطيع ان نتقدم خطوة الى الامام؟ واضاف سماحته مستطرداً ان الحياةعبارة عن محطات نتزود في كل محطة لنصل الى محطة اخرى. وتابع سماحته بالقول اننا في هذه المحطة الايمانية وهو يوم العيد لابد ان نقف ونقيم ماضينا ووضعنا الحالي ونرسم لحياتنا الجديدة برنامجاً جديداً بهمة جديدة انشاء الله، فالطريق طويل ومعقد ومظلم تتخلله تعرجات وعليه شياطين لديهم همزات؛ وتساءل سماحة المرجع عما يتزود به الانسان المؤمن؟ وأجاب سماحته في سياق حديثه مستشهداً بالحديث الشريف: "تزودوا فان خير الزاد التقوى"، وطالب سماحته بوضع برنامج جدي لزيادة التقوى في حياة الانسان، ومثالاً على ذلك اشار سماحته الى الصلاة مؤكداً على اداءها في اوقاتها.

وفي خطبته الثانية اشار سماحة السيد المرجع الى قضية الامتحان التي يعيشها الانسان طوال حياته، وقال ان مشكلة الامتحان ان الانسان لا يعرف كيفية التخلص منه، ولابد إذا ان يعتمد على رصيده، وكما أشرت في الخطبة الاولى فان رصيد الانسان هو التقوى، وايضا الحكمة التي وجهها الله للانسان، والقرآن الذي يتدبر آياته، وحكمة اهل البيت عليهم السلام، وقال سماحته موضحاً اننا من خلال هذه الركائز الاربعة يمكننا اكتشاف الحياة وما يحيط بنا في العراق.

وتطرق سماحته الى مسألة الصراع في الحياة الدنيا بين قوى الخير وقوى الشر، وقال: الصراع هو محور الفتنة في الدنيا لان الله سبحانه وتعالى حينما أنزل آدم على الأرض قال بعضكم لبعض عدو، ومحور الفتنة في الانسان وجوده في هذه الدنيا، ووجود الآخرين بعضهم فتنة للبعض الآخر.

واضاف مستطرداً في العراق كما في الكثير من الدول في العالم الاسلامي، الصراع بين جهتين اساسيتين الاولى الغرب الذي يريد ان يفرض علينا افكاره ومصالحه واساليبه ومناهجه وبين اهل البلاد الذين يريدون ان يكون لانفسهم هوية ضمن افكارهم وتاريخهم، هذا الصراع الاول أما الصراع الآخر فهو بين من يعرف الحياة ويتفاعل معها وبين من ينسحب عنها وينهزم فيها. إذاً فثمة صراعات.. وأضاف سماحته مستطرداً: إن المشكلة الاولى والفتنة الاولى في العراق هي فتنتنا مع الغرب والمتمثلة في الفضائيات والتنظيمات العلمانية الغربية والأمتدادات والمصالح والضغوط، فالغرب يأتينا في البداية عبر الأغراء، وإذا لم ينفع الأغراء يأتينا عبر القمع، ويسلط علينا بعض الناس الذين يفرضون أنفسهم بقوة السلاح كما رأينا في التاريخ، اليوم نحن أيضا نعود الى نفس السلسلة.

اليوم في العراق ليست المشكلة فقط في الارهاب الذي نجده هنا وهناك، جذر المشكلة انه حينما سقط نظام الطاغية في بغداد ـ تنفس الشعب العراقي الصعداء وقال: الحمد لله، الطاغية ذهب ستعود زمام امورنا الينا، راينا انه هناك من خالف هذا الشيء من هم؟ انهم القوى الاستكبارية!

نحن في البداية حين سقوط النظام طرحنا وعبر اكثر من منبر الاطروحة التالية وقلنا اجروا الانتخابات في هذا البلد ودعوا الناس يحكمون انفسهم بانفسهم ـ لقد اطلقنا الحجة عليهم قلناها بصراحة في احاديثنا الخاصة والعامة، قالوا لنا بان الانتخابات لا تجرى، لماذا؟ قالوا: أولاً نحن ما عندنا احصاء للشعب العراقي قلنا لهم هذه البطاقات التموينية وعليها انتخبوا!، قالوا هذه البطاقات التموينية غير دقيقة، ثم قالوا هناك بعض التوتر الامني في بعض المناطق. قلنا لهم لا يهم في المناطق التي يوجد فيها التوتر الامني اوقفوا الانتخابات الى ان يستقر الامر لكن في المناطق التي لا توتر فيها اجروا الانتخابات، قالوا حسناً بعد شهرين ان شاء الله، لكن السؤال على ماذا يعتمدون؟ على الاحصائية الجديدة او على البطاقة التموينية؟ رجعوا الى نفس المشكلة. ثم مَن منكم لا يعلم ومن في العالم لا يعلم انه وقتها كان الوضع الامني في العراق احسن من الان. الان الوضع الامني لا اقل في كثير من المدن وضع غير طبيعي، اذن لماذا لم يسمعوا كلامنا؟ نحن اهل هذا البلد نحن ناضلنا عقود من الزمن من ثورة العشرين أي من العشرينات.. ثلاثينات.. اربعينات.. خمسينات.. ستينات.. سبعينات.. ثمانينات.. تسعينات.. وهذه الالفين. حوالي ثمانين سنة الشعب العراقي يناضل، صحيح ان الناس يختلفون بعضهم يموتون بعضهم يحيون لكن المسيرة، نفس المسيرة هي: العلماء والعشائر.

والحركات الدينية كانت موجودة في ثورة العشرين وموجودة الان، لماذا لا يسمعون كلامنا؟ هذا هو السؤال ولماذا يعتقدون بانهم بفهمون اكثر منا؟

.. الان ايضا نقول لهم عودوا الى الانتخابات بالرغم من ان الوقت متاخر، وبالرغم من أنّنا قدمنا تضحيات كبيرة جداً وتطور الوضع الى اسوا ما يكون لكن مع ذلك نحن ندعوكم الى الانتخابات. اليوم الانتخابات افضل من بعد شهرين وبعد شهرين افضل من بعد اربعة اشهر، يعني قبل اسبوع لو كانت تجري انتخابات لكان الوضع في الموصل هادئاً لكن اليوم في الموصل الوضع متوتر ولا ندري غداً يتوتر الوضع في اي بلد وفي اي مكان آخر. نحن قلنا نرجو ونأمل ان تكوّن الحكومة المؤقتة كما قلنا في وقته وكما ذكر ذلك في اكثر من موقع ونحن كنا نرجو ان تكون من مسؤوليات الحكومة المؤقتة المصالحة الوطنية واقناع كل اهل هذا البلد بالمشاركة في الانتخابات اما القوة العسكرية فكانت موجودة عند الامريكيين ذلك اليوم فكونها تحتاج الى حكومة مؤقتة حتى تستخدم القوة العسكرية. نحن لا نريد تجزئة العراق، مثلث سني ومربع شيعي ومثلث كردي هذا شيء من اكبر الاخطاء، كل الشعب العراقي بكل طوائفهم نريدهم مشتركين.

وصرح سماحة المرجع مؤكداً على الكلمات: أنا اقول اليوم من خلال هذا المنبر وارجو ان ينتشر هذا الصوت الى كل افق اقول وبكل صراحة ان من مصلحة العراق شيعة وسنة واكراد واقليات.. من مصلحة العراق.. كل العراق ان تكون هنا حكومة دينية شعبية معتدلة يعني ان يكون هنا الدين هو السائد في العراق. لا تلغوا دور الدين، الدين هنا كل شيء في العراق، اذا كنتم تعيشون في الغرب بلا دين فهذا شانكم، نحن لا نستطيع ان نعيش بلا دين، إذا عشنا بلا دين ـ لا سمح الله ـ فنحن سنعيش بلا دنيا ايضا، يعني اذا فقدنا الدين فقدنا كل شيء.

وفي ختام خطبته وجه سماحة السيد المرجع جملة نصائح الى المسؤولين الحكوميين من ذوي العلاقة مع افراد المجتمع وحذر من يجلس على الكرسي الذي جلس عليه سابقاً اعوان صدام، من مغبة القيام باعمال وممارسات صدامية، واوصاهم بخدمة الناس مذكراً إياهم بانهم ليسوا دائمين على الكرسي كما انه لم يدم لمن قبلهم.