حقيقة نجمة إسرائيل

قال تعالى في محكم كتابه المجيد :﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (102) سورة البقرة

يُفهم من الآية أن مجموعة من الناس مارست السحر في عصر النبي سليمان , فأمر سليمان  بجمع كل أوراقهم وكتاباتهم , واحتفظ بها في مكان خاص ولعل الاحتفاظ بها يعود إلى إمكان الاستفادة منها في إبطال سحر السحرة.

بعد وفاة النبي سليمان عمدت جماعة إلى إخراج هذه الكتابات , وبدؤوا بنشر السحر وتعليمه, وذلك بواسطة النجمة الخماسية واستغلت فئة هذه الفرصة فأشاعت أن سليمان لم يكن نبياً أصلاً , بل كان يسيطر على ملكه ويأتي بالأمور الخارقة للعادة عن طريق السحر !

مجموعة من بني إسرائيل سارت مع هذه الموجة ولجأت إلى السحر وتركت التوراة , وعندما ظهر النبي محمد وجاءت آيات القرآن الكريم مؤيدة لنبوة سليمان , قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون من محمد يقول سليمان نبي وهو ساحر ! وجاءت الآية ترد مزاعم هؤلاء وتنفي هذه التهمة الكبرى عن سليمان .

إن الحديث عن السحر وتاريخه طويل , ونكتفي هنا بالقول إن جذوره ضاربة في أعماق التاريخ , ولكن بداياته وتطوراته التاريخية يلفّها الغموض ولا يمكن تشخيص أول من استعمل السحر.

وبشأن معناه يمكن القول : إنه نوع من الأعمال الخارقة للعادة , تؤثر في وجود الإنسان , وهو أحياناً نوع من المهارة والخفة في الحركة وإيهام للأنظار , كما أنه أحياناً ذو طابع نفسي خيالي.

  • والسحر في اللغة له معنيان :

1. الخداع والشعوذة والحركة الماهرة.
2. كل ما لطف ودقّ.

  • وللفظ السحر ثلاثة معاني قرآنية :

1. الخداع وتخيلات لا حقيقة لها , نحو ما يفعله المشعوذ بصرف الأبصار عما يفعله لخفة يده , وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للأسماع.
2. استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه.
3. هو اسم لفعل يزعمون أنه من قوّته يُغير الصور والطبائع فيجعل الإنسان حماراً , ولا حقيقة لذلك طبعاً.

  • السحر في رأي الإسلام

أجمعت الفقهاء على حرمة تعلم السحر وممارسته , وجاء عن أمير المؤمنين علي : ( من تعلم من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر وكان آخر عهده بربه ).(1)
ولكن يجوز تعلم السحر لإبطال سحر السحرة , بل يرتفع الجواز أحياناً إلى حد الوجوب الكفائي , لإحباط كيد الكائدين , والحيلولة دون نزول الأذى بالناس من قبل المحتالين , ودليلنا على ذلك حديث روي عن الإمام أبي عبدالله جعفر الصادق : ( كان عيسى بن شقفى ساحراً يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الأجر فقال له : جعلتُ فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الأجر وكان معاشي وقد حججت منه ومَنَّ الله عليَّ بلقائك وقد تبت إلى الله عز وجل فهل لي في شيء من ذلك مخرج , فقال له أبو عبدالله حُلَّ ولا تعقد ).(2)
ويستفاد من هذا الحديث أن تعلم السحر والعمل به من أجل فتح وحلّ عقد السحر لا إشكال فيه.

  • السحر في رأي التوراة

إن أعمال السحر والشعوذة في كتب العهد القديم ( التوراة وملحقاتها ) هي أيضاً ذميمة غير جائزة , فالتوراة تقول : ( لا تلتفتوا إلى الجان ولا تطلبوا التوابع فتنجسوا بهم وأنا الرب إلهكم ).(4) وجاء في موضع آخر من التوراة : ( والنفس التي تلتفت إلى الجان وإلى التوابع لتزني ورائهم , اجعل وجهي ضد تلك النفس وأقطعها من شعبها ).(5) ويقول قاموس الكتاب المقدس : ( واضح أن السحر لم يكن له وجود في شريعة موسى , بل إن الشريعة شددت كثيراً على أولئك الذين كانوا يستمدون من السحر ) ,ومن الطريف أن قاموس الكتاب المقدس الذي يؤكد على أن السحر مذموم في شريعة النبي موسى , يصرح بأن اليهود تعلموا السحر وعملوا به خلافاً لتعاليم التوراة فيقول : ( ... ولكن مع ذلك تسربت هذه المادة الفاسدة بين اليهود , فآمن بها قوم , ولجأوا إليه في وقت الحاجة ).(5)
ولذلك ذمهم القرآن الكريم , وأدانهم لجشعهم وطمعهم وتهافتهم على متاع الحياة الدنيا .

  • السحر في عصرنا

يوجد في عصرنا مجموعة من العلوم كان السحرة في العصور السالفة يستغلونها للوصول إلى مآربهم , منها :

1. الاستفادة من الخواص الفيزيائية والكيميائية للأجسام , كما ورد في قصة سحرة فرعون واستفادتهم من خواص الزئبق أو أمثاله لتحريك الحبال والعصي . وواضح أن الاستفادة من الخصائص الكيميائية والفيزيائية للأجسام ليس بالعمل الحرام , بل لابد من الاطلاع على هذه الخصائص لاستثمار مواهب الطبيعة , لكن المحرم هو استغلال هذه الخواص المجهولة عند عامة الناس لإيهام الآخرين وخداعهم وتضليلهم , مثل هذا العمل من مصاديق السحر ( تأمل بدقة ).
2. الاستفادة من التنويم المغناطيسي , والهيبنوتيزم , والمانية تيزم , والتله بآتي ( انتقال الأفكار من المسافات البعيدة ). هذه العلوم هي أيضاً إيجابية يمكن الاستفادة منها بشكل صحيح في كثير من شؤون الحياة , لكن السحرة كانوا يستغلونها للخداع والتضليل . ولو استخدمت هذه العلوم اليوم أيضاً على هذا الطريق المنحرف فهي من السحر المحرم.

  • سر النجمة الخماسية 

كثيراً ما نرى النجمة الخماسية أو ما تسمى بنجمة إسرائيل التي وضعتها الدولة الإسرائيلية على علمها وتفتخر بها في أغلب الأوقات , تستخدم في السحر برسمها بالرمال أحياناً وأخرى بالدماء وغيرها بالنار , وينادي الساحر بأسماء بعض ملوك الجان ويقسم عليهم بهذه النجمة أن ينفذوا طلباته , وإلا فأنه بهذه النجمة سيحرقهم , والسر في ذلك يكمن في إن اسم النبي الأعظم هو ( محمّد ) و إن الاسم في الحقيقة مكون من خمسة أحرف أي أنه ( محممد ) لوجود علامة التضعيف ( الشدة ) على حرف ( الميم ) الثاني في الاسم و لو رجعنا إلـــى رسم النجمة نرى إنها عبارة عن اسم ( محممد ) كتب  بصورة دائرية و كما هو مبين بالتوضيح التالي :


 نجمة اسرائيل

  • نجمة النبي داود

جاء في التاريخ اليهودي من إن اليهود أنفسهم يطلقون على النجمة الخماسية ( مجن داود ) ويعني باللغة العربية ( درع داود ) ربما يعود السبب إلى أن الدروع الذي صنعها النبي داود   كان شكلها هو نفس شكل النجمة أو أن القطع المكون منها الدرع كان شكلها يمثل شكل النجمة , فلهذا سُميت النجمة باسمه.

  • رمز علم إسرائيل

إن نبي الله داود   قد بين لليهود أن هناك رجل سيظهر عند انتشار الظلم والظالمين في آخر الزمان و أنه سيرفع كلمة الله و يقهر كل ظالم  كــما بينت التوراة  و الإنجيل ووضع  مما يمكن أن يكون رمزاً أو علامة مميزة له و هو شكل ما يسمى الآن بـ(نجمة داود) و لهذا فان اليهود قد جعلوا هذا الرمز شعاراً للنصر و التضحية و الشجاعة فهو يمثل لهم رمزاً للرجل الذي سينصرهم على بقية البشر الكفار ( كـــما يعتقدون) و لهذا فأنهم قد جعلوا راية دولتهم مكون من هذا الرمز.
 

 

(1) وسائل الشيعة : الباب 25 , الحديث 7
(2) وسائل الشيعة : ج12 , ص105 , الحديث 5
(3) سفر لاويين : الإصحاح 19
(4) سفر لاويين : الإصحاح 20
(5) قاموس الكتاب المقدس : تأليف المستر هاكس الأمريكي , ص471