خيانة

مفيد صالح *

وقعت في غرام القلم الرصاص منذ اللمسة الأولى، ووقع في غرامي، قد حصل ذلك دون مقدمات ولا سابق معرفه أو إنذار.. كان يكفيني أنه يحمل معي أحلامي في أكثر ليالي عمرنا. نعم أحببته لأنه كان مثلي يفضل الشغف على الهدوء ونتيجة لذلك أقسمت على الوفاء له في السراء والضراء، في الفقر والغنى، في البوح والصمت. هذا الحبيب كانت له القدرة على إسعادي وإتعاسي فهو وفي، لدرجة أني أفترسه فتزداد كنوزي، في أوقات وحدتي لا يسليني سوى ظله الشاهق.
نعم يا حبيبي.. "أنت الحبيب الذي لا يمكن أن أتخلى عنه ما حييت"، ولطالما رددت هذه الجملة على مسامعه، كان من أسخن الأحبة وأنبلهم، كلما جئته استقبلني بهدية. ولكم نهرته ونهرني، وعاقبته ونجاني وكم أيقظته في منتصف الليالي!... ثم تجاهلته ساعات وأياماً، لم يتذمر مرة.
ما أجملها من قصة! حبنا استمر أعواماً طويلة، لكنه أدرك في أحد الأيام نهايتها؛ لأن عيناي وقعت على حبيب آخر، اسمه "الكمبيوتر"، فهو جذاب وذو مؤهلات مدهشة، فلم أتمالك إلا أن أقارن بينهما: هذا سريع فيما ذاك بطيئاً. هذا نظيف ومرتب، فيما ذاك فوضوي.. عند ذلك هجرته. أنا لا أزعم أني هجرته فما كان بيننا لا يمحيه "ضغطة زر"، فأحيانا نلتقي مصادفة فأحييه ويحييني، نتصافح بتهذيب الغرباء، لكني أشعر أنه حاقد علي.. يحدث طبعاً أني أحن إليه ولكني سعيد مع حبيبي الجديد. ولأكون أكثر صراحة وواقعية أنا لست نادماً على طلاقي لحبيبي الأول: "قلم الرصاص "، ولكن ها أنا ذا أوجه إنذاراً لحبيبي الجديد "الكمبيوتر".. إنذاراً بأن إياك أن تخذلني وتعطل أعمالي، فأنا عند ذلك لن أتردد في ارتكاب خيانة جديدة إذا ما التقيت بحبيب أفضل. وعند ذلك سيكون مصيرك الحذف/ delete.  
 

القطيف - طالب دراسات عليه بجامعة الملك سعود
قسم الكيمياء الحيويه