أجوبة المسائل الشرعية العدد (84) شهر(ذوالقعدة) 1425 هـ

شبكة مزن الثقافية
اجوبة المسائل الشرعية

 كلمة العدد

اغتنام الفرصة

  إن من أعلى درجات الحكمة في تدبير أمور البلاد والعباد واتخاذ المواقف إزائها الاعتبار بعبر الماضي وتفحص مفاصل الحاضر وطبيعة حركة أحداثه والقوى المؤثرة فيها، والتأمل في إسقاطات وتداعيات ذلك على المستقبل ورسم خطوطه وتحديد معالمه، إذ إن الانطلاق من الحاضر وإلى الحاضر دون النظر في ما قبل ذلك أو استشراف ما بعده يعد قصوراً نظرياً وعملياً في آلية التفكير في حركة الإنسان على طريق تحديد الحكم أو إصدار القرار الأصوب بحق هذه المسألة أو تلك الأزمة.

   وهذا هو جوهر الأسباب في اختلاف الآراء في قبول المشاركة بالانتخابات التي من المؤمل إجراؤها في العراق في نهاية الشهر الأول من العام الميلادي القادم. وهو ما استوعبه واحتواه بيان مكتب المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) عبر إلزامه فيها، وحث الجهات المسؤولة على توفير فرصة المشاركة في الانتخابات للجاليات العراقية في بلاد المهجر، حتى يتمكن الجميع من الإدلاء بأصواتهم، وأيضاً إلزام الأحزاب الإسلامية والوطنية المخلصة بعدم الدخول في ائتلاف مع أحزاب وأشخاص يعارضون الدين، كفلول النظام البائد، والأحزاب الإلحادية، والجهات المشبوهة. وأيضاً دعوة الجميع إلى تحمل المسؤولية الشرعية والتاريخية الملقاة على عواتقهم، والمساهمة الجادة الإيجابية في الانتخابات المرتقبة، والتضحية بالمصالح الشخصية والحزبية لأجل المصالح العامة في النظرة البعيدة المدى.

   وفي الإطار نفسه إن ما يدعونا إلى الالتزام بالمشاركة في الانتخابات ووعي أبعادها المستقبلية المصيرية، ما دعا إليه البيان من تقديم لوائح انتخابية تضم العناصر المخلصة التي تريد مصلحة الأمة فقط، والسعي بجد لإبطال المحاصصة الطائفية الظالمة التي كانت تمنع الأكثرية حقوقها وتعطيها دون حقها المشروع، والأكثر من ذلك دفع البيان الجميع إلى المشاركة في الانتخابات رغم التحفظ على النظام الانتخابي الذي يراد أن يعمل به، بجعل العراق كله دائرة واحدة، وإلزامه بأن يكون لهذه المرة فقط، وألاّ يتحول إلى عرف سائد في الانتخابات اللاحقة، فإن هذا النظام الانتخابي إنما هو لحالة الضرورة، وأما في الحالة الطبيعية فيلزم أن تكون هنالك دوائر انتخابية متعددة، ولعل أفضل السبل في العراق بأن يكون لكل مائة ألف إنسان دائرة انتخابية واحدة.

   وجدير بالمؤمنين والمؤمنات في هذه المرحلة المهمة والصعبة التي يمر بها العالم عموماً والعراق بشكل خاص التأمل في أبعاد كلمة سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله مع أحد الوفود العراقية التي زارت سماحته في مدينة قم المقدسة مؤخراً حيث قال: إن العالم يتجه صوب الحرية وعلينا اغتنام الفرصة على أصوب وجه، الأمر الذي يدعونا إلى التمسك بحقوقنا والوقوف أمام أي محاولة لتضييعها بقصد أو بدون قصد، واعتماد الطرق الناجعة والمنهج العقلاني في تجاوز الخلافات والحد منها وتحجيمها، والابتعاد عن اللجوء إلى العنف والتصفية الجسدية أو الفكرية، والإصرار الى احترام الرأي الآخر وحرية التعبير، وبث روح الأمل الكبير والتفاؤل ببناء عراق حر وزاهر وكريم… وما ذلك إلا بالسير على هدى الإسلام العزيز ومنهج أهل البيت الغر الميامين (عليهم السلام).
 

لتحميل العدد