صفعة صهيونية للإدارة الأميركية

علي آل غراش *

ما قامت به حكومة الكيان الصهيوني أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن لفلسطين المحتلة؛ هي صفعة وإهانة لأميركا، ولو من قام بذلك غير إسرائيل لكانت ردود فعل الإدارة الأميركية غير.
بلا شك موقف العدو الصهيوني بالإعلان عن بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية، لا يدل على ما تتمتع به إسرائيل من قوة، وإنما يدل على الضعف الأميركي أمام الصهاينة – وهذا المثير ومحل التساؤل-، وان ما حدث إهانة لأميركا، - وقد وصفت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية ذلك الموقف: انه إهانة لبلادها-، وفضيحة للرئاسة الأميركية، وطعنة لمشروع أميركا لإعادة التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وان كان في الحقيقة مجرد مشروع تفاوض للتفاوض، وتطمين ومجاملة للعرب، وإعطاء فرصة اكبر للكيان الصهيوني لتعزيز قوته.
إن زيارة نائب الرئيس الأميركي السيد بايدن للمنطقة دعم للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإيصال رسالة لدول المنطقة ومنها العربية بان أميركا جادة في مشروع التفاوض، وذلك بعد رضوخ العرب لمطالب واشنطن والموافقة على العودة إلى المفاوضات غير المباشرة. ولكن ما قامت به الحكومة الصهيونية أثناء وجود نائب الرئيس الأميركي بالإعلان عن مخطط لبناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية، هو تحد واضح لمطلب أميركا بتجميد بناء مستوطنات جديدة، ويدل على مدى عنجهية الكيان الإسرائيلي وإصراره على ممارسة أساليبه التعسفية وفرض ما يريده على الأرض بدون اللجوء للدبلوماسية المؤقتة كما هي العادة لتحقيق المزيد من المكاسب لصالح أميركا أو إسرائيل على العرب الذين يصدقون ما يقوله العم سام.
وقد شكل موقف الإسرائيليين صدمة للسيد بايدن الذي ندد قائلا: «قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير ببناء مساكن جديدة في القدس الشرقية (المحتلة) يقوض الثقة، الثقة التي نحن جميعا بحاجة إليها اليوم للانطلاق وإنتاج مفاوضات مثمرة».
أميركا دولة عظمى، تفرض سياستها وأجندتها على اغلب دول العالم ومنها دول منطقتنا، والمعروف أن أميركا تضع جميع إمكاناتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية للدفاع عن الكيان الإسرائيلي المدلل، وقد استخدمت حق النقض الفيتو لإفشال أي قرار يدين الاعتداءات الإسرائيلية المكررة، ولقد دفعت أميركا غاليا نتيجة مواقفها الداعمة لإسرائيل منها أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، ولكن إسرائيل لا تهمها أميركا وإنما مصالحها فقط، وحكومة إسرائيل بزعامة نتنياهو الحالية لم تأت بجديد في منهجية هذه الدولة مع الدول الأخرى وان كانت صديقة لها، إنما هذه الحكومة أصبحت أكثر وضوحا وشفافية في إعلان خططها على الإعلام مباشرة بعنجهية بدون دبلوماسية لإرضاء أميركا.
الإدارة الأميركية تشعر بالمذلة من صديقتها المدللة إسرائيل، فقد كانت واشنطن تأمل من إسرائيل التريث بالإعلان عن بناء مستوطنات إلى بعد سفر نائب الرئيس،- وبعد ما يبلع العرب سم الموافقة على عودة المفاوضات كالعادة-، وقد اعتبرت وزيرة الخارجية كلينتون إن الخطوة الإسرائيلية بإعلان خطط سكنية في القدس الشرقية «إشارة سلبية جداً في مقاربة إسرائيل للعلاقات الثنائية».

ولأجل إرضاء أميركا الغاضبة عبرت حكومة إسرائيل عن اسفها عن سوء اختيارها للوقت عن إعلان بناء المستوطنات!. وأمر نتنياهو بفتح تحقيق في ملابسات ذلك الإعلان أثناء وجود نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن.
من العيب أن يثق العرب بنظام صهيوني لا يحترم المواثيق، ويهين اقرب الداعمين له (أميركا).

كاتب سعودي