الخليجي والمجاهرة بالحب وذل الاعتذار

علي آل غراش *


مخطئ من يظن ان المجتمع الخليجي يتألف فقط من أفراد؛ قلوبهم قاسية، خالية من المشاعر الرومانسية والحب، أو انهم لا يملكون القدرة على التعبير والبوح والمجاهرة بكلمات الحب والغزل للأنثى وبالخصوص للزوجة - أم الأولاد -، أو الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار للزوجة، مستندين إلى ثقافة المجتمع والعادات والتقاليد التي تصف البوح بالحب للحبيب بأنه عيب، والاعتذار ذل، وعند المتطرفين مجاهرة بالفسق.

فها هو «أبو صالح» يثبت ما يتمتع به الخليجي من عاطفة جياشة ومشاعر رومانسية رقيقة ومرهفة، وانه يملك القدرة والاستعداد للتعبير والبوح عن مشاعره وحبه لزوجته داخل وخارج المنزل، بل والمجاهرة بالحب والاعتذار لها. أبو صالح عاشق ولهان، اختلف مع زوجته حول قضية ما، وعندما افاق من نومه لم يجد حبيبته أم صالح بجانبه كالعادة، جن جنونه، واخذ يبحث عنها في كل مكان، في المنزل وفي الشارع وعند الجيران والأهل والأقرباء والزملاء والمعارف، وفي المشاغل والأسواق والمجمعات التجارية والمطاعم والصالات الرياضية للتخسيس، فأم صالح كبقية اغلب نساء الخليج تحب التسوق والمشاغل ولم ينس ابو صالح المستشفيات.

وعندما فقد العاشق الأمل بالعثور على عشيقته أم صالح لم يجد سوى اللجوء إلى وسائل الإعلام وبالخصوص للصحف الورقية،  - ربما بوصالح وأم صالح ليس لهما علاقة بالانترنت والمحطات الفضائية - إذ نشر إعلانا مدفوع الثمن، في الزاوية العليا من الجهة اليمنى في الصفحة الأخيرة الرئيسية لبعض القراء، ولقد اختار أبو صالح الصفحة الأخيرة لان أم صالح تعشق هذه الصفحة لأنها تهتم بالصور والموديلات النسائية والموضة والأخبار الخفيفة البعيدة عن وجع السياسة والأخبار التي تجلب الهم والغم.

وللأمانة اذكر لكم نص رسالة أبو صالح في الإعلان الشخصي: إلى الغالية أم صالح أرجو ان تعودي إلى البيت آملا من الله العلي القدير أن يوفقني لأرضيك وأعوضك عن الأيام السابقة، وختمها بــ زوجك المحب دائما أبو صالح، ولم ينس أبو صالح أن يضع صورة ورود حمراء داخل الإعلان للتعبير عن مقدار الحب والعشق والصدق، فأم صالح الغائبة تعشق الورد الأحمر.

هنيئا لام صالح بحب «ابو صالح» الذي تنازل عن كبرياء الذكورة وغطرسة الفحولة، وتغلب على الخجل عبر البوح بالحب والاعتراف بالخطأ الذي يعتبر عيبا وذلا وجرما اجتماعيا.

الله يستر عليك يا ابا صالح خايف عليك أن تكون مطاردا من قبل جهاز الشرطة الدينية بتهمة الإساءة للعادات والتقاليد الاجتماعية الصحراوية المقدسة التي تحرم الاعتذار للزوجة! وبتهمة المجاهرة بالحب والعشق ووضع ورود حمراء لامرأة ولو كانت زوجة، وبتهمة نشر ثقافة البوح عن مشاعر المحبة بين أفراد الأسرة والمجتمع الذي ينبغي أن يكون حبيس الكراهية والقسوة. عودي يا أم صالح وارحمي قلب العاشق «أبو صالح»، فهو سيرضيك ويعوضك عن الأيام الماضية، ومن اليوم – ورايح - على كل زوج أن يحذر من زعل زوجته، فالاعتذار سيكون غاليا عبر وسائل الإعلام، واللي ما سمع يتفرج!.

نأمل أن يعم الحب والرومانسية والتسامح والتفاهم بين كل زوجين، ويسود الاعتذار عن الخطأ فانه فضيلة كما قال الإمام علي : «أعقل الناس اعذرهم للناس»، وذلك لتخريج أبناء يؤمنون بالمحبة والتسامح والتعايش بين كافة البشر.

كاتب سعودي