هل معارض الكتاب تكريس للانغلاق ومحاربة للتعددية؟

علي آل غراش *


هل معارض الكتاب التي تقام في بلداننا بشكل دوري تؤدي الدور والهدف الأساسي من إقامتها بعرض وتقديم الكتب التي تساهم في تنمية الثقافة الفكرية المتنوعة والمتعددة لجميع الأطياف والتيارات، أمَ أنها على العكس من ذلك فقد ساهمت في تكريس حالة الانغلاق والفكر الأحادي المتشدد، ومحاربة الانفتاح وما هو جديد، مما أدى إلى غياب روح التعددية الفكرية والتنوع الثقافي؟.

لا شك إن لمعارض الكتاب فوائد كثيرة في الحراك الثقافي والعلمي والمعرفي في جميع المجالات ولكافة الشرائح، ومن أهم الفوائد تمكين الزوار للمعرض من أبناء الوطن ومن المقيمين، من الاطلاع والتعرف على كافة العلوم والثقافات البشرية في عالمنا الذي أصبح قرية صغيرة، كتب يتفق أو يختلف معها الزائر، والاطلاع المباشر عن قرب على علوم وأفكار الآخرين – أفرادا أو مدارس - من خلال كتبهم وما تسطره أقلامهم، - الكتب التي لا تتوافر للأسف في المكتبات المحلية-، أي بدون وسيط وبدون الاعتماد على ما ينقل بالطريقة اللفظية أو المكتوبة؛ تلك الثقافة – النقلية - التي أنجبت ثقافة أحادية متشددة متعصبة في بلادنا تعتمد على معلومات لا تخلو من التجني والإساءة والسطحية والفهم الخاطئ، وهذه مصيبتنا الكبرى وأعظم مآسينا.

من المفترض ومن خلال الكتب التي تعرض في المعارض أن يتعرف الزائر على ثقافة وعقول الآخرين، وكيف يفكرون؛ والاستفادة من تجارب الأمم السابقة، ومما هو جديد فالكتب هي كنوز عقول الآخرين، والاستفادة في رفع المستوى الثقافي والعلمي والمعرفي الحقيقي ونشر ثقافة التعددية الفكرية، والقضاء على الجهل المركب وعلى الفكر الأحادي المتشدد والسطحية، وهي بالتالي فرصة للتعرف على ثقافة الآخر، وتغيير المعلومات والأفكار الخاطئة المحشوة بطريق النقل والاعتماد على ما كتبته بعض الأقلام ومنها السيئة التي تشوه الحقائق.

من المخجل الادعاء بان سقف الحرية والتعددية في المعرض عال وليس هناك منع للكتب، والحقيقة تؤكد عكس ذلك، بل هناك كتب تسيء وتقذف بالآخرين الممنوعة كتبهم، أي منع وحرمان الزائر من التعرف على فكر الآخر مباشرة من المنبع دون وسيط، ومخطئ من يقول إن كتب بعض الطوائف والمذاهب لأبناء الوطن ممنوعة، بل هي موجودة ولكن للأسف الكتب المخالفة والمسيئة لها التي تكرس الكراهية والطائفية البغيضة- من قبل جهات متطرفة.

لماذا الخوف من الكتاب، ومنع العديد من الكتب لمفكرين وباحثين وعلماء وكتّاب وأدباء من أهل البلد (مواطنين) كتبهم تجد إقبالا في مكتبات الدول المجاورة، ومنع كتب تتعلق بأفكار ومعتقد فئات من الوطن؟ أليس بإمكان أي شخص اقتناء الكتاب الذي يريده عبر ضغطة زر؟.

 في السنوات الأخيرة شهدت إقامة معارض الكتاب اهتماما كبيرا من قبل الجهات المسؤولة، وإقامة الفعاليات المصاحبة، واهتماما بالغا من الإعلام ومن القراء والمتابعين للكتاب، ومن دور النشر، ولكن للأسف الشديد الحلو لا يكمل، فسيطرة المتشددين والمتطرفين عبر تكريس الفكر الأحادي المنغلق ومحاربة الانفتاح والتعددية، لاسيما في ظل ضعف الجهات المسؤولة الثقافية والإعلامية، تشوه معرض الكتاب والثقافة وتنشئ بيئة موبوءة بالأمراض العقلية والنفسية؛ سترك يارب.

كاتب سعودي