التطرف اليتيم

كلما تفتقت بذور التطرف عن جرائم سياسية يخرج علينا الكليشيه الاعلامي المعتاد، فئة شاذة ولا تمثل احدا!, وهكذا كأن الحكومة تغتسل من إثم تحميل اي جهة هذه الاعمال الشنيعة التي ترتكب باسم الاسلام والاسلام منها براء.

لا تولد هذه التطرفات شاذة ولا تتربى يتيمة بل ان هناك ايدي معينة تتبناها وترعاها بعد ان تكون قد خرجت من رحم البغضاء والكراهية والتطرف الطائفي وسياسات التكفير بلا هوادة وسياسات تصفية الاخر ممن ليس معي, واذا كانت سياسات واشنطن قد قسمت العالم الى فسطاطين احدهما الخير كله والاخر يمثل الشر كله فإن جماعات التطرف تتخذ نفس السياسة تماما والغريب في الامر انها ليست نقطة الاشتراك الوحيدة بين الاثنين الاعدقاء - مصطلح ألفه الاديب السعودي القدير غازي القصيبي !!.

يقول المثل - والامثال وضعت لمن اراد التعقل والاستفادة من خبرات السابقين - اذا حلق شعر جارك فبلل شعرك وشاربك، والمملكة العربية السعودية تعاني منذ فترة ليست بالوجيزة من جراء هذه الاعمال المتطرفة التي لا دين لها سوى الأنا ومن بعدي الطوفان، ولا ديدن لها سوى قتل الابرياء بوحشية منفردة، وكل ما نسمعه هنا انهم فئة شاذة لا تنتمي لأحد والاعمى يستطيع ان يرى انها شبكة تمتد من بن لادن في افغانستان الى زرقاوي العراق مرورا بأبطال احداث المملكة وانتهاء الى حولي وام الهيمان, وكان من المفترض ان تكون الحكومة قد بللت شعرها استعدادا لهذه الاحداث حيث ان الكويت محاطة تماما بهذه الفئات من جميع الجهات تقريبا، وكان من المفترض ان تتفق دول مجلس التعاون على استراتيجية فكرية واضحة للقضاء على بذور التطرف وأدواته بدل الاكتفاء بالاستراتيجيات الامنية التي تكون آلياتها مقتصرة على التعامل مع الحدث في حينه لا من اساساته وجذوره.

التطرف الحالي لم يولد من فراغ، وربما نحتاج في دول الخليج الى دراسات مطولة لتحديد جميع المعطيات التي ساهمت في خلق هذه الفئات ولكن ما هو مؤكد ان ما يجري حاليا لا يقتصر مطلقا على أفكار السراديب وخلطات المتفجرات المتنوعة، بل هناك فئات تتحرك علنا وتلعلع اقلامها في الصحف اليومية، ويتكلم محاضروها جهرا او عبر المواقع الالكترونية المعروفة عن اساليب الاقصاء التي قد تبلغ حد القتل للفئات التي تخالفها في العقيدة او الفكر، بل وتلقى التصفيق والتشجيع الكافيين اما من فئات الجهلة الغافلين عن خطط هؤلاء وتسلسل تحقيق مآربهم او من فئات الحاقدين الذين يؤمنون بسياسة حرق الجميع حتى ان احترقت اطراف اثوابهم.

آن للحكومة ان تتخذ مواقف واضحة تجاه هذه الاطراف التي تغذي هذا النوع من الفكر القاتل لا ان تتعامل مع القتلة وحدهم، وآن لجميع افراد الشعب الكويتي ان يتعاملوا مع هذه الاطراف كالقذى الذي ترفضه العين مهما حاول الاختفاء بلبوس الحمية الطائفية او الغيرة العقائدية الكاذبة، فالتطرف الحالي اثبت انه لا يعرف سوى فكر واحد وفئة واحدة وما دونهم فهم خرط قتاد والقتل في حقهم من احب الحلال لا من أبغضه.