المنع من السفر

إجراءات تقييد حرية الحركة والتنقل للأفراد، ومن بينها المنع من السفر قد تكون له مبرراته القانونية والإجرائية في بعض الحالات، ولكن أن يتم تجاوز ذلك بصورة واسعة وبدون الرجوع لأحكام قضائية واضحة ففيه إنتهاك لحقوق الناس.

يحصل في حالات كثيرة أن يتم إتخاذ قرار بمنع أفراد معينين من السفر للخارج إما لضمان حضورهم جلسات محاكمة والترافع في قضايا تخصهم، أو أن مثل هذا الحكم يتخذ أيضاً لتأكيد تواجد هؤلاء الأفراد وإلتزامهم بتنفيذ أحكام صادرة عليهم. وهذا أمر منطقي ومقبول ويضمن حقوق المتقاضين، مادام مستندا لحكم قضائي واضح.

ولكن يحصل في أحيان كثيرة تجاوزات في هذا المجال، من قبيل صدور مثل هذا القرارات من قبل جهات إدارية وليست قضائية، ولأسباب تبدو غير مبررة ولمدد غير محددة أيضاً، مما يسبب مثل هذا التجاوز أضراراً بالغةً بحق الأشخاص المعنيين ماديةً ومعنويةً.

من بين الحالات التي تتكرر دائما، أنه في حال التوقيف أو السجن لأشخاص في قضايا الرأي، فإنه عادة ما يتم منعهم من السفر دون أن يكون ذلك جزءاً من الحكم القضائي المتعلق بهم. وهنالك حالات تسببت في حرمان طلبة من تقدمهم للدراسة في الخارج، أو تقييد سفر البعض وهم في حاجة للعلاج بسبب مثل هذا الإجراء.

ما يسببه مثل هذا الإجراء لا ينعكس ضرره على الشخص المعني فقط، وإنما على أسرته أحيانا. وهنالك أسباب عديدة تتطلب من الإنسان السفر والتنقل، ويصبح المنع لدى البعض نوعاً من الإهانة الرمزية أكثر منها إجراءاً إحتياطياً، وخاصة لمن لا توجد عليهم قضايا أو محاكمات.

البعض يضطر إلى الإستجداء من إدارة لأخرى، محاولاً الحصول على ترخيص له بالسفر، وكأن ذلك ليس من حقه الطبيعي، وكالعادة فإن الكثيرين يتوهون بين مختلف الإدارات والأجهزة باحثين عن حل أو معالجة. ويشعرون بأن في مثل هذه المتابعات مهانةً كبيرةً، والأسوأ أنه لا يوجد محامون مثلاًلديهم الإستعداد للترافع أمام الجهات الإدارية عن المحرومين من السفر للمطالبة برفع هذا الحظر عنهم.

ومنعاً لمثل هذه الإشكالات، وحمايةً للحقوق العامة، فإنه ينبغي أن تستند جميع الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الإدارية والأمنية إلى مراجع قضائية لضمان العدالةكما هو مبين في الأنظمة الجزائية المحلية. وأن لا تتم مثل هذه الإجراءات بحق مواطنين دون الرجوع إلى القانون والنظام الذي ينبغي أن يحمي حقوق الجميع.