دقيقة تأمل

أ . بدر الشبيب *

من سمات الناجحين بعد النظر والتفكير في المآلات. فقبل بداية أي عمل ينظرون بعيون بصيرتهم للعواقب المحتملة، مستفيدين بذلك من إمكانياتهم العقلية وقدراتهم التخيلية، ومن تجارب الآخرين الذين سبقوهم. يستفيدون من التجارب الناجحة ومن الفاشلة أيضا.

يقول تعالى مستنكرا على أولئك الذين لا يحاولون قراءة التجارب الأخرى وما آلت إليه من نهايات: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ.


ويمتدح من جهة أخرى أولئك الذين لا تغيب النهايات عن أذهانهم أبدا، فهي تدفعهم نحو العمل الدؤوب إن كانت نهايات سعيدة، وتكبحهم عن السير في الطريق المؤدي لنهايات تعيسة. تأمل في قوله تعالى في سورة ممتدحا ثلاثة من أنبيائه ومبينا السر المشترك لعظمتهم: ﴿وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46).

فهؤلاء الأنبياء الثلاثة العظام أولو القوة في العبادة والبصر فيها وصلوا لما وصلوا إليه بسبب خصلة خالصة فيهم وهي (ذكرى الدار) أي التذكر الدائم للحياة الآخرة، وهو ما يعصمهم عن الوقوع فيما يقع فيه غيرهم ممن يعيشون اللحظة الآنية دون اكتراث بالمستقبل.

قبل أن تشرع بأي عمل فكر في نهايته، ثم بعد أن تقرر أن تبدأ، اجعل النهاية حاضرة في ذهنك دائما وأبدا، حتى لا تنشغل بالأمور الجانبية التي تصرفك عن مبتغاك، وكي تكون النهاية محفزة لك على الاستمرار والتغلب على العقبات. بهذا تنضم لنادي الناجحين بإذن الله.

أديب وكاتب وباحث في علوم اهل البيت عليهم السلام