تجربة سماحة الشّيخ الحبارة -رحمه الله- في السوشيال ميديا

السيد زكريا الحاجي *

تجربة سماحة الشّيخ الحبارة -رحمه الله- في السوشيال ميديا، أعطت دفعة معنويّة واضحة للعديد من رجال الدّين لاتخاذ ذات الخطوة، لا سيما بعد ملاحظة مدى تفاعل النّاس معه بعد رحيله، وهو ما يكشف عن مدى مقبوليّة وتفاعل الجمهور مع هذا الاسلوب، واتصور أن العديد لم يكن يتوقع أن للشّيخ هذه القاعدة الجماهيريّة الضّخمة في المنطقة، ولعلّ الشّيخ نفسه لم يكن يُدرك ذلك أيضاً، نعم.. كان مشهوراً بعطائه وافاداته، لكن كان التشييع والتفاعل مع رحيله فاق شهرته -وهي كرامة من عند الله-، ولازلنا نشاهد اعادة تداول كلماته بحيويّة وكأنّه لازال حيّاً بين النّاس.

وجاءت جائحة كورونا وأضافت فرصة قويّة كذلك، وأصبح حضور رجل الدّين أكثر اتساعاً في هذا الميدان، وبعد هذه الأزمة ستكون هناك نقلة نوعيّة من حيث العدد في التعاطي مع العالم الافتراضي.

إلا أنّ عطاء الكثير من حيث المواضيع والأداء والإخراج لازال متواضعاً جداً، ويحتاج رجال الدّين إلى الاهتمام الجاد بالجوانب الفنيّة من أجل عطاء أفضل، ونحن -بحمد لله- نمتلك طاقات شبابيّة رائعة في هذا المجال بل مميّزة، ويمكن الاستفادة من خبراتهم وتوظيف هواياتهم، لا سيما وأنّ شبابنا ذو طبيعة معطاءة ويتفاعل مع خدمة المجتمع، بل كثيراً ما هو يبادر بنفسه.

ولهذا تدور في ذهني فكرة مشروع كنتُ أنوي ذكرها لبعض الفضلاء والوكلاء فيما إذا كانت مُجدية ويمكن تبنّيها، وهو تشجيع الطاقات الشبابيّة للتكاتف وعمل مجموعة -أو مؤسّسة- تُعنى بتسجيل واخراج مشاركات رجال الدّين في هذا الميدان، ومن ثمّ سيكون لدينا عطاء أفضل، بالاضافة إلى توفير مصدر دخل للشباب في مشروعهم هذا، ولو بتحمّل نسبة من الدّعم، أو بأيّ نحو من التنسيق المناسب.

كما أنّه يمكن لمجموعة من الشّباب أن تتبنّى الفكرة بدون الحاجة إلى دعم الوكلاء، وذلك بعمل مؤسّسة تُعنى بالخطاب الدّيني والاجتماعي، وهي مادة لها جمهور واسع في مجتمعنا، وعمل قناوات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتحمّل المؤسّسة التسجيل والاخراج والنشر، ويحق لها أن تفتح المجال في قنواتها للاعلانات التي تشكّل لها مصدر دخل، لا سيّما وأنّ الكثير من رجال الدّين يُقدّمون المحاضرات والكلمات في السوشيال ميديا بدون هدف الاسترزاق، بل لمجرّد أداء وظيفة شرعيّة، ويمكن للمشروع أن يتوسّع من خلال تطوير الأفكار.

كما أنّه يمكن لمجموعة من أصحاب الدّخل الجيّد، والتي لها مشاركات في الدّعم الخيري، بالتكاتف والعمل على مؤسّسة تشتري محاضرات وكلمات رجال الدّين، وتتحمّل التسجيل والاخراج والبث في قنوات خاصة بالمؤسّسة، وتنتقي نوعاً من الخطاب الذي ترتئيه مناسباً للمجتمع، وهي بهذه الخطوة تُساهم في توجيه الخطاب الدّيني بدعم مادته وتشجيع رجال الدّين، بدل الاكتفاء بالنّقد، كما يصبح مصدر دخل لرجال الدّين.

الأفكار عديدة في هذه النّقلة النّوعيّة في ميدان رجل الدّين، واتصور أن هناك فرصة جيدة ينبغي الالتفات لها والاستفادة منها.