التربية الإيجابية وفوائدها - تسع نصائح أساسية

عدنان أحمد الحاجي *

التربية الإيجابية والتهذيب (التأديب) الإيجابي يركزان على تعليم سلوكيات جيدة وصالحة وذلك بتوظيف أساليب ووسائل تربوية مليئة بالحنان لكنها لا تخلو من الحزم.  فيما يلي بعض النصائح التربوية الفعالة المفيدة لخلق بيئة عائلية هادئة وسعيدة.

ما هي التربية الإيجابية؟

التربية الإيجابية هي مبدأ تربوي يفترض أن الأطفال يولدون صالحين ولديهم الرغبة في فعل الشيء الصحيح.  وتؤكد على أهمية الاحترام المتبادل واستخدام أساليب تهذيبية إيجابية.  تركز المناهج التربوية الإيجابية على تعليم الطفل السلوك المستقبلي السليم بدلاً من معاقبته على سوء سلوكه وتصرفه السابق.

في عشرينيات القرن الماضي، أدخل الطبيبان النفسيان النمساويان، ألفريد أدلر Alfred Adler  ورودولف دريكورس Rudolf Dreikurs، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، استراتيجيات التربية الإيجابية(1).  منذ ذلك الحين، قام خبراء التربية والبرامج التي تُعني بالتربية في جميع أنحاء العالم بصقل ودعم العديد من الطرق والأساليب التربوية.

الكثير من أولياء الأمور المعاصرين يتبنون مبادئ تربوية كيّسة لأنهم لا يرغبون في تربية أطفالهم بالطريقة التي هم رُبوا عليها.
التربية الإيجابية تعني أنه يمكن لأولياء الأمور تربية أطفال سعداء بأساليب تعكس قيمهم ومعتقداتهم العائلية.  أولياء الأمور الإيجابيون داعمون لما يحتاجه أطفالهم وفقًا لمراحل نموهم ومزاجهم(3). من بين أساليب التربية الأربعة التي وضعتها ديانا بومريند Diana Baumrind(4)، يُعتبر أسلوب التربية الإيجابية أسلوبًا حازمًا authoritative(4).

فوائد التربية الإيجابية

1- مشكلات سلوكية أقل

بينت عقود من الدراسات أن توظيف التهذيب الإيجابي يؤدي إلى نتائج إيجابية فيما يتعلق بسلوك الطفل وتطور ملكة ضبط النفس عنده خلال مراحل الطفولة والبلوغ والرشد(5، 6).

في المقابل، التربية القاسية والعقابية في مرحلة الطفولة المبكرة تؤدي إلى المزيد من المشكلات السلوكية.  أولياء الأمور غير المبالين وغير المعنيين وغير الداعمين يربون أطفالهم تربية تتميز بمستوى ضبط نفس سيء، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات سلوكية لدى الطفل(7).

2- علاقة وثيقة بين الوالدين والطفل

لا يحتاج الوالد / الوالدة الإيجابي / ة إلى معاقبة الطفل لتصحيح سلوكه الإشكالي. لا حاجة إلى صراخ أو صراع قوى أو خصومة [بين الأب والأم]. نتيجة لذلك، تتغير ديناميكيات صراع القوى بين الأب والأم(8) وتتحسن علاقتهما مع بعضهما.

علاوة على ذلك، فإن الاحترام المتبادل والتواصل المفتوح يعززان العلاقة بين الوالدين والطفل.  [المترجم: التواصل المفتوح: أي حين يستطيع كل طرف أن يعبر عما يجول في خاطره بشكل صريح إلى الطرف الآخر(9)] .

3- تقدير الذات والصحة العقلية

الأطفال الذين تربوا تربية إيجابية لديهم مستوى من تقدير الذات(10) عالٍ، يعتقدون أنهم يستطيعون فعل الأشياء بنفس الجودة التي يفعل معظم الأطفال الآخرين الأشياء بها.

هؤلاء الأطفال لديهم أيضًا مرونة نفسية أكثر [المترجم: المرونة النفسية هي القدرة على التعافي من النكسات والاخفاقات].  و يتعافون بسهولة من الشدائد والمحن.

الأطفال الذين لديهم مرونة نفسية وثقة بالنفس يتمتعون بمستوى خلاف عائلي أقل وعلاقات أفضل مع والديهم المحبين(11).  ويتمتعون بصحة عقلية أفضل(12، 13).
13).

4- تحصيل دراسي أفضل

يتمتع الأطفال الذين تربوا في حضن أبوين إيجابيين بمزيد من النجاح الاكاديمي(14، 15).  العلاقة الأفضل بين الوالدين والطفل الناتجة عن أسلوب التربية هذا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتحصيل الدراسي.

5- كفاءة اجتماعية(16)أفضل

يتمتع الأطفال الذين تربوا على يدي أبوين إيجابيين بمهارات أفضل في حل المشكلات الاجتماعية ونجاعة ذاتية اجتماعية [المترجم: النجاعة الذاتية الاجتماعية هي ثقة الفرد في قدرته على المشاركة في علاقات تفاعلية اجتماعية ضرورية لبدء علاقات شخصية والحفاظ عليها(17، 18)]. يُعتبر هؤلاء الأطفال أكثر تكيفًا ولديهم شعور إيجابي بالذات(19).

6- تقدير ذات أعلى وضغط نفسي أقل لصالح الوالدين 

ليس الأطفال وحدهم من يستفيد من التربية الإيجابية.  وجد باحثون أن الوالدين اللذين يمارسان التربية الإيجابية يكتسبان أيضًا تقدير ذات وثقة في اسلوب تربيتهم.  الضغوط النفسية المتعلقة بالتربية التي يعانيان منها ستكون أقل لأن أطفالهما يمارسون ضبط النفس وحسن التصرف.
نصائح للتربية الإيجابية

1. ركز على الأسباب الكامنة وراء السلوكيات

هناك دائمًا سبب لتصرفات الأطفال السيئة، على الرغم من أن السبب قد يبدو سخيفًا بالنسبة للوالدين، إلًا أنه بالنسبة للطفل يُعتبر أمرًا معقولًا ومقبولًا، ولهذا يتصرف بهذا التصرف.

إذا كان بإمكان الوالدين معالجة السبب مباشرة، حتى لو لم يحصل الطفل على ما يريده بالضبط، إلّا أنه سيظل يشعر أن احتياجاته مسلَّم بها.  غالبًا ما يكون حصول الطفل على الدعم العاطفي من الأسرة أكثر أهمية من تلبيتها لطلباته الفعلية.

الطفل الذي يجد من يهتم به يمضي قدمًا ويتقدم دون أن يحتاج إلى أن يسيء تصرفه.  ربما يبقى غاضبًا، لكنه لا يحتاج إلى أن يسيء أدبه كتنفيس عن غضبه حتى يُسْمع صوته من قبل والديه.

اسألهم أسئلة حتى تتوصل إلى لب المشكلة.  الاستماع الفعال / الايجابي(20) ومعرفة السبب وراء السلوكيات التي يصعب التعامل معها(21) قد تساعد الأبوين أيضًا على تجنبها في المقام الأول.

على سبيل المثال، لمَّا ضربت طفلة شقيقها؟ قد يكون السبب هو أنها كانت محبطة بعد أن أخذ شقيقها الصغير لعبتها.  لذا فإن تعليم الطفل الأصغر كيف يطلب الإذن أولاً قبل أخذ ألعاب شخص آخر سيمنع ظهور هذا النوع من المشكلات.  تعلُم هذا السلوك الجيد يكسبهم أيضًا الأخلاق الحميدة.


إذا بدا أن طفلك لا يستمع إليك (ولا يطيعك) قطعًا(22)، فهناك سببان معقولان.  قد يكون أحدهما هو أن توقعاتك منه غير معقولة.  أعد النظر فيما تطلب منه فعله أو عدم فعله.  هل كان أمرًا أم طلبًا؟ هل وراءه سبب وجيه؟ قبول الطفل تبريرًا جيدًا لما أمرته بفعله أو طلبته منه، لا سيما التبرير الذي يتعلق بشكل وثيق بمصلحته، أكثر سهولة من أن يطيع الأمر بشكل عمياني. سبب آخر للعصيان (عدم الطاعة) هو عدم وجود علاقة وثيقة بين الوالدين والطفل، والتي تشكل الأساس لنمو الطفل وتطور دماغه(23) ونجاحه في المستقبل(24).

2. كن حنونًا لكن حازمًا

كن حنونًا مع طفلك حتى تكون قدوة لكيف أن يكون حنونًا مع الآخرين ويحترمهم(25).  يتعلم الأطفال من خلال تقليد الآخرين [اتخاذهم قدوة]، ويُعتبر الأبوان القدوة الأساس لطفلهما.  عندما يصرخ أحد الأبوين أو يهين أو ينبز الطفل بلقب بغيض، فهذا يجعل الطفل يتصرف بنفس التصرف عندما يكون منزعجًا أو غاضبًا.  والعكس صحيح أيضا.  عندما يكون الوالد لطيفًا ومحترمًا على الرغم من انزعاجه، يتعلم الطفل التعامل مع الصعوبات بهدوء واحترام.  كما أن كون الوالدان حنونين يساعد الطفل أيضًا على الهدوء، ويساعده على أن يكون مستعدًا للاستجابة وقبول التبرير المنطقي لتصرف الأبوين معه، وعلى احتمال تعاونه معهما.

كونك حنونًا لا يعني أن تكون متساهلًا

كثير من أولياء الأمور بشكل خاطيء يساوون بين كونهم إيجابيين وحنونين وبين كونهم متساهلين فيما يتعلق بتربيتهم لأطفالهم.

هذا ببساطة غير صحيح. لا يزال يتعين علي الأبوين أن يضعا حدودًا لذلك المنهج التربوي، ولكن في نفس الوقت، يجب عليهما فرض هذا المنهج بطريقة لطيفة وحنونة ولكنها حازمة.  على سبيل المثال، يمكن للوالدين أن يخبرا الطفل بحزم ولكن بلطف أنه من غير الممكن أن يحصل على كل ما يريد.  ليست هناك حاجة ليصرخا عليه أو يستخدما نبرة حادة أو التحدث بصوت شديد اللهجة معه.  الصوت الشديد اللهجة ينقل غضبهما اليه بينما الصوت الحازم يوصل فكرة أنهما أبواه ولهما السلطة عليه.

لستَ بحاجة إلى أن تكون حادًا حتى تتخذ قرارًا جادًا.  تعتبر كلمة "لا'' الحازمة والهادئة جيدة، إن لم تكن أفضل، من كلمة  "لا'' بصوت عالٍ وحاد.
يمكنك أن تكون حازمًا في وضع الحدود وفرض العواقب حتى يعرف طفلك ما يمكن توقعه منك وماذا يبني عليه في قراراته المستقبلية.
إن ممارسة اتخاذ القرار بهذه الأسلوب الهاديء والحازم يساعد الطفل على تنمية مهاراته المعرفية(26)، وهي مهارات لا تقدر بثمن وضرورية لنجاحه في المستقبل.

3. التهذيب المترفق(27)

وفقًا لجين نيلسن Jane Nelsen في كتابها: التهذيب الإيجابي(28): السنوات الثلاث الأولى، ينجم عن التأديب العقابي أربع رآت (Rs وهي أول حرف من مفرداتها الأربع) التي لا تساعد الطفل على التعلم - الاستياء Resentment، والتمرد Rebellion، والانتقام Revenge، والاستسلام والتراجع Retreat.  [وهنا ممكن تسميتها بالعربي: 4 ياءات لأول حرف من أربعة تصرفات لا تساعد الطفل على التعلم: وهي ان يستاء، يتمرد، ينتقم، يتراجع].

في كثير من الأحيان، لا يمكن للعواقب السلبية غير الطبيعية أن توقف السلوك السيئ، ولا تُعلم / تُكسب سلوكيات جيدة.
عندما يصرخ الأبوان على طفلهما أو يعاقباه، فإنهما يخلقان دورة قسرية(29).  وُجد أن الحلقة القسرية ترتبط بقضايا سلوكية ومشاكل سلوكية، مثل اضطراب المعارض المتحدي (30، 31) عند الأطفال.

تعد ردة الفعل الإيجابية التي لا تنطوي على عقاب أكثر فاعلية في تهدئة الطفل المفرط الاثارة [أي الذي يعاني من حمل حسي مفرط(32)]وإشغاله بتعلم سلوك جديد.

انتُقد اسلوب عزل الطفل time out (33) على نطاق واسع في السنوات الأخيرة.  ذلك لأن معظم أولياء الأمور لا يوظفونه بشكل صحيح(34).  لا يُقصد من اسلوب عزل الأطفال أن يكون اسلوبًا عقابيًا ولكن لسوء الحظ، يوظفه معظم أولياء الأمور لهذا الغرض.  يقومون بعزل وتقييد حركة الطفل ويضيفون إلى ذلك توبيخه.

في التصميم الأصلي لأسلوب العزل، يُخرج الطفل من بيئة الحمل الحسي المفرط الذي يؤدي ألى سوء الأدب أو إلى تفاقمه، ويوضع في مكان غير معزز للسلوك [غير المرغوب فيه]، أي حين لا يتلقى سلوك الطفل استجابة معززة من المحيط ولذلك يفترض أن يكون علاجًا ليهدأ ويشعر بالأمان(35) [المترجم: وهذا بخلاف البيئة المعززة للسلوك التي من شأنها أن تهدف الى تكرار الفعل المرغوب (36)] .

لذا طرح بعض خبراء التربية "اسلوب التهذيب بأسلوب بقاء الأم أو الأب مع الطفل حتى يهدأ time-in(37) " ليحل محل أسلوب العزل.  هذا الأسلوب الثاني هو في الواقع فكرة مشابهة للاستخدام السليم لأسلوب العزل الأصلي(38)، والذي ثبت أنه مفيد بحسب نتائج ما أجري من بحوث على مدار عقود قام بها علماء نفس.

استخدام أسلوب العزل ليس هو الأسلوب الوحيد لإيقاف السلوك غير المرغوب فيه.  كتاب اسلوب التهذيب الإيجابي من الألف إلى الياء: 1001 حلٍ لمشكلات التربية اليومية، للمؤلفة نيلسن  Nelsen ، غني بالنصائح والحلول والتوصيات الجيدة بشأن التهذيب الفعال(39).

ولكن من الصعب تذكر جميع الـ 1001 حل أو أن يكون الكتاب دائمًا موجودًا عندك حينما تحتاج إليه.  لذلك من المهم أن تكون مبدعًا ومرنًا عندما تطبق أساليب التهذيب.  تذكر أن اسلوب التربية الإيجابية يركز على تعليم السلوك السليم لا على المعاقبة غير المرغوب فيها.

4. كن واضحًا وثابتًا 

قرر واشرح عواقب تعدي الحدود المسموح بها بوضوح قبل أن تفرضها عليه.  بالإضافة، على الوالدين أن يكونوا ثابتين وأن يتابعا عملية التهذيب الى نهايتها.  إذا لم يكن أحد الوالدين ثابتًا، فسيكون هناك ارباك لعملية التهذيب.  قد يستمر الطفل في محاولة تعدي للحدود أو يتعداها ليرى ما يمكن أن يحدث بعد ذلك.

فكرة تتبع اسلوب التهذيب الى النهاية يعني ألّا تقول شيئًا إلا إذا كنت تعنيه وتقصده.  لا تطلق تهديدات فارغة لتلغي مفعول المهمة التهذيبية إذا أساء طفلك التصرف إلا إذا كنت على استعداد لتنفيذها حين يكون هناك تجاوز للحدود.

5. السلوك المتناسب مع العمر وتطور الدماغ

في بعض الأحيان، ما نعتقد أنه سلوك غير لائق هو في الواقع سلوك متناسب مع عمر الطفل.

على سبيل المثال، سورات الغضب(40) عند الأطفال الدارجين طبيعية جدًا. هؤلاء الأطفال الصغار لديهم مشاعر كبيرة لكنهم لا يتمكنون من التعبير عنها بكلمات.  كما أنهم لا يملكون القدرة على ضبط أنفسهم لأن هذا الجزء من الدماغ لم يتطور بعد.  ولذا يحتاج أطفالنا إلى مساعدتنا ليتعلموا ضبط النفس.

تلعب مراحل نمو الدماغ دورًا في اختيار استراتيجية التربية الإيجابية.  قد لا يفهم الأطفال الدارجون وأطفال ما قبل سن المدرسة (حتى الأطفال في سن الثالثة) الآثار المترتبة على أفعالهم وتصرفاتهم. لذلك بالنسبة لهم، يجب استخدام اسلوب توجيه الطفل من سلوك غير مرغوب فيه إلى آخر مرغوب فيه بدلاً من بيان عواقب تصرفاتهم لهم.

6. ابدأ مبكرًا

تبدأ التربية الإيجابية عندما يصبح الوالد / الوالدة قدوة إيجابية للطفل وبعد أن يكتسبا معرفة بمراحل نمو الطفل.  لذلك يمكن أن تبدأ حتى مباشرةً بعد ولادة الطفل.

يتعلم الأطفال الصغار من خلال مشاهدة والديهم وكيف يتفاعلون في الحالات المختلفة.  الاهتمام بما يبديه طفلك من إشارات (عبر لغة الجسد والتعابير الأخرى) والاستجابة الإيجابية لها قد يؤدي إلى إحداث فرق كبير في حياته.

الأطفال السعداء لا يولدون ولكن يترعرعون في ظل والدين ايجابيين.

7. خذ فترة استراحة حتى تهدأ

نعم لقد سمعت أنت ذلك جيدا، فأنت بحاجة الى هذا الوقت المستقطع للراحة.  حتمًا، في بعض الأحيان قد يكون الوالدان مرهقين ومغضبين من جراء تصرفات طفلهما الجامحة.  ولكن هذه اللحظة هي اللحظة الحقيقية لكي تقرن القول بالفعل.  إذا تمكنت من تهدئة نفسك والتحدث بطريقة محترمة وحازمة مع طفلك، فسيتعلم طفلك التغلب على الغضب وخيبة الأمل بكياسة.

إذا كان هناك شيء لا يمضي حسب رغبة طفلك، فأنت تريد أن يكون لديه القدرة على ضبط نفسه والبقاء محترمًا. إذا كنت لا تستطيع أن تضبط نفسك، فلا تتوقع من طفلك أن يضبط نفسه.

عندما تشعر أنك على وشك أن تفقد السيطرة على نفسك، أخبر طفلك أنك بحاجة إلى لحظة بمفردك لأنك مستاء.  حدد إطارًا زمنيًا متى تعود له ثم اذهب إلى غرفة أخرى حتى تهدأ.

الابتعاد [عن الطفل في هذه اللحظة الغاضبة] لا يوقف الصراع على السلطة بين الوالدين فحسب، بل يتيح لك أيضًا الوقت لتهدأ.  ذكّر نفسك بهدفك التأديبي، الذي يجب أن يكون تركيزه على التعليم ، لا على أن يربح الخلاف.

أثناء وجودك بمفردك، خذ أنفاسًا عميقة وواعية حتى تصفي ما علق في ذهنك.

لديك الآن المزيد من الوقت وغرفة للتنفس لتفكر في أساليب جديدة للتعامل مع المشكلة القائمة.  عندما تعود، ستكون بذهنية جديدة ومستعدًا لمعالجة الصعوبات التي تعترض أسلوب تربيتك مرة أخرى.

8. اغتنمها كفرصة للتعلم

عندما يكبر الأطفال بما يكفي للتفكير في عواقب تصرفاتهم (أكبر من ثلاث سنوات)، يمكن تحويل كل نوبة من نوبات سوء الأدب إلى درس لا يقدر بثمن في حل المشكلات.  ما هو الدرس المستفاد من كسر طفلك لعبته؟ كسرها يعني أنه لا يستطيع أن يلعب بها مرة أخرى. هذه نتيجة طبيعية.

إذا لم يرغب الطفل في اللعبة، يمكنه أن يهبها لصديقه أو يتبرع بها حتى يستمتع باللعب بها أطفال آخرون. لو كسر اللعبة بداعي الإحباط والنرفزة، ساعده في أن يجد منفذًا أخر للتخلص من غضبه (مثلِا، أن يسدد لكمة بيده إلى وسادة). علمه كيف يفكر في طرق بديلة لحل المشكلة بدلاً من التصرف بتصرف سيء للتنفيس عن غضبه(41).

علمهم مفردات للتعبير عن مشاعرهم بالكلام ("أنا غاضب لأن ...") بدلاً من اساءة التصرف.  ساعد الأطفال على تطوير مهارات التواصل.  سيؤدي تعزيز تطوير اللغة إلى تقليل سورات الغضب والسلوك السيء بشكل معتبر.

9. كن صبورا ولا تيأس

التربية الإيجابية والتهذيب الإيجابي لن ينتجا تغييرات سلوكية يريدها الوالدان بين عشية وضحاها.  ممارسة التربية الإيجابية لا تعني الحصول على نتائج سريعة.  يتعلق الأمر بالتركيز على السلوك الذي يرغب الوالدان في أن يحذو أطفالهم حذوه بمرور الوقت.  تحلى بالصبر ولا تستسلم لضغط الأقران من أولياء أمور اخرين يفضلون التربية القائمة على الخوف [من العقاب].

في البداية، قد تضطر إلى القيام بالكثير من التبرير بشكل يومي.  قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن ترى تغييرات حقيقية مقارنة بالتربية التقليدية القائمة على العقاب(42) لأن الأطفال يحتاجون إلى التكرار كي يتعلموا.  قد يستغرق الأمر أسابيع أو حتى أشهر قبل أن يبدأ طفلك في استيعاب هذا الأسلوب من التربية.  ولكن عندما يستوعب الطفل هذا الأسلوب من التربية، سيكون اسلوبًا مجزيًا جدًا وستستمر فوائد هذه التربية مدى الحياة.
الأفكار الختامية عن التربية الإيجابية

التربية الإيجابية تختلف اختلافًا كبيرًا عن التربية التقليدية القاسية.  وتتطلب عقلية وأساليب تربوية مختلفة.  ولكن بالصبر والمثابرة و (الكثير من) الممارسة، يمكنك تحويل اللحظات التأديبية إلى دروس قيمة للأطفال.