وقفة مع موسم عاشوراء

الشيخ عادل ال جوهر *

عَنِ اِبْنِ سِنَانٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: "نَظَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ هُوَ مُقْبِلٌ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ وَ قَالَ إِنَّ لِقَتْلِ اَلْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ لاَ تَبْرُدُ أَبَداً" (1).

ونحن نستقبل هذه الأيام موسمًا من المواسم الدينية العظمى ذات الطابع العقائدي والعاطفي والتاريخي، يحسن بنا أن نتعرض إلى أمور مهمة، علينا ان نضعها امامنا.
أن لشهر محرّم الحرام خصوصية وتميّزًا، فبحلول هذا الموسم الديني، وبمجرّد أن يهل هلاله، يتبادر إلى الذهن اسم الإمام الحسين حيث قتل في العاشر منه مظلومًا شهيدًا.

كما إنّ حزن شيعة أهل البيت بمناسبة مقتل سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وسائر مصائب أهل البيت ، وإحياء مراسم العزاء وإقامة شعائره، والإغراق في ذلك وتحرّي المناسبات له، ليست أمورًا اعتباطية جرّهم إليها التعصب والشقاق، ولا هي عادات محضة أخذوها عن أسلافهم وجروا عليها تقليدًا لهم، كسائر التقاليد والعادات التي تزاولها بعض المجتمعات، وإنما هي نشاطات لها جذور دينية أصيلة، وقد قامت عليها أدلة محكمة رصينة.

  • وقفة مع موسم عاشوراء 

يذكّرنا شهر محرّم الحرام بمسؤوليتنا تجاه قضية الإمام الحسين ومن جملة مسؤوليتنا أمور؛

الأول: التعريف بالإمام الحسين

التعريف بالحسين وقضيته وجعله علمًا بحيث يراه كل إنسان في شرق الأرض وغربها، ويتعرف على هذه الشخصيةالعظيمة.

إن التعريف بالإمام الحسين وقضيته من خلال إقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية، من جانب، والعمل على تحقيق هدف الإمام الحسين المتمثّل بإنقاذ العباد من جهالة الكفر، وضلالة الباطل، إلى نور الحق والإسلام والإيمان.

الثاني: معرفة هدفية حركة الإمام الحسين
 
تحقيق أهداف الإمام الحسين وهو الأهم، وقد جعل الأمر الأول طريقًا إليه، وهو متابعة أهداف الإمام الحسين .

إن شيعة أهل البيت يملكون ببركة أئمتهم (صلوات الله عليهم)، وبفضل توجيهاتهم محافل ثقافية لا يملكها غيرهم، وهي التجمعات التي يعقدونها  في المناسبات التي تخص أهل البيت (صلوات الله عليهم) في مواليدهم وأفراحهم واستشهادهم وأحزانهم،وهم يبذلون في سبيلها طاقات مادية ومعنوية هائلة.

وتمتاز هذه التجمعات بأنها تجمعات طوعية، يندفعون إليها وينشدّون لها تبعًا لروابطهم الدينية، المشفوعة بمزيد من التقديس والعاطفة، والمبتنية على ما تجذر في أعماقهم من الولاء لأهل البيت (صلوات الله عليهم)، ونتيجة لذلك فهم يتفاعلون مع تلك التجمعات، ومع ما يلقى فيها من مواد تثقيفية تتناسب وتلك المناسبة. 

ومن هنا فاللازم أن يفوزوا بثمرات مناسبة لذلك في تثقيفهم دينيًا، وشدهم عاطفيًا نحو مبدئهم ورموزه الذين هم القمة في الكمال والقدسية والفناء في الله تعالى والتضحية في سبيله.

ومن هنا نقول: ليس من الإنصاف أن تكون نتيجة هذه التجمعات أحاديث وخطابات شكلية غير مثمرة، وتذهب تلك الجهود ضياعًا، فضلًا عن أن تبتني عن الإنحراف عن الأهداف السامية التي أقيمت لها تلك التجمعات، ودعا لها أئمتنا صلوات الله عليهم، وحثوا شيعتهم عليها، بل ينبغي أن تستثمر بشكل إيجابي ينعكس على سلوك كل فرد يحضر هذه المناسبة. 

ثالثًا: المحافظة على الطابع الديني

ينبغي أن تحافظ تلك النشاطات على طابعها الديني والروحاني، وذلك بالحفاظ على حدود الله تعالى، وإقامة الفرائض عند حلول أوقاتها، وحسن الخلق، وحفظ اللسان، وصدق اللهجة، وغير ذلك، مما يناسب قدسيتها وانتسابها لأهل البيت (صلوات الله عليهم).