السيّد الطباطبائي صاحب (الرسائل الفشاركية).

الشيخ عادل ال جوهر *


سافر السيّد محمد الطباطبائي الفشاركي الإصفهاني (قدس سره)مع أُمّه إلى كربلاء، وعمره أحد عشر عامًا، وكفله هناك أخوه السيّد إبراهيم المعروف بـ(الكبير)، فأكمل عنده العربية والمنطق، وحوالي عام ١٢٨٦هـ سافر إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراسته، ولمّا سافر السيّد الشيرازي الكبير إلى مدينة سامرَّاء عام ١٢٩١ هـ، صحب معه السيّد الفشاركي، وتوطَّن معه، وصار من أفضل مقرَّبيه، وخيرة خواصِّه وتلاميذه.

ولمّا كثرت أعمال السيّد الشيرازي لتحمُّله أعباء المرجعية، فوَّض أمر التدريس إليه، واعتمد في تدريس طلبة الحوزة عليه، فقام السيّد الفشاركي بتلك الوظيفة على أكمل وجه، حتّى صار كعبة العلم، ومَطاف أصحابه، ومُرَاد طلاّبه، وبعد وفاة السيّد الشيرازي عام ١٣١٢هـ، رجع السيّد الفشاركي إلى مدينة النجف الأشرف، فتهافتت عليه طلاَّب المعرفة، وروَّاد العلم، لينهلوا من علومه.

قال السيّد الصدر في التكملة(تكملة أمل الآمل 5 /83): «كان ثقةً نقةً ورعًا، كثير الخيرات، خصوصًا فيما يتعلّق بمجالس الأئمّة الأطهار(عليهم السلام)،خصوصًا في عزاء الحسين (عليهالسلام)، حَسَن المحاضرة، حُلو المعاشرة، صفيًّا وفيًّا، عاشرته سنين عديدة لم أقف له على زلّة».

ومن كراماته ما نقله أحد أحفاده حيث يقول: 

لمّا كان السيّد الفشاركي في سامرَّاء انتشر وباء (الطاعون) بين أهالي المدينة بشكل مُرعب، وكان عدد كبير من الناس يموتون في كل يوم، وفي أحدى الأيام اجتمع نفرٌ من أهل العلم والتقوى في دار السيّد، ودار الحديث حول الوباء الذي عمَّ المدينة، وما تركه من خوف ووحشة في قلوب الناس، فالتفت السيّد الفشاركي للحاضرين قائلًا: إذا أصدرتُ حكمًا شرعيًا هل يجب تنفيذه؟ فأعلن الجميع بأنَّ تنفيذ الحكم واجب على الجميع عند ذلك.
فقال: إنّني أصدر فتوى، وحكمًا شرعيًا بأن يبدأ جميع الشيعة في سامرَّاء من اليوم حتَّى عشرة أيّام بقراءة زيارة عاشوراء، من أجل التوسُّل لرفع البلاء عنهم، ويهدون ثواب هذه الزيارة إلى الروح الطاهرة للسيَّدة نَرجِس خاتون، والدة الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف ).
فصادق الجميع على فتواه، ثمّ أبلغوا جميع الشيعة في سامرَّاء بذلك، فالتزموا به، وفي اليوم التالي رُفِع الوباء تمامًا عن الشيعة، ولم يُصَبْ أحدٌ منهم بالوباء، وكانت ضحايا الوباء فقط في صفوف غير الشيعة، فاستغرب غير الشيعة من هذا الأمر، حيث أنّه لم يصب شيعي بعد ذلك اليوم، فسأل جمع منهم عن سبب هذا التوقّف الغريب للوباء في صفوف الشيعة، وعندما عرفوا السبب، وهو زيارة عاشوراء، فعلوا ما فعل الشيعة، وعندها توقّف الوباء عنهم أيضًا، وذلك بِبَركة الإمام الحسين (عليه السلام).

من مؤلّفاته رسالة في أحكام الخلل في الصلاة، رسالة في تقوّي السافل بالعالي، رسالة في أصالة البراءة، رسالة في الدماء الثلاثة، رسالة في الخيارات، رسالة في الإجارة، الأغسال، الزكاة.وطُبعت أخيرًا ستّ رسائل منها في كتابٍ مستقلّ بعنوان (الرسائل الفشاركية).

(1)المحقق المدقق آية الله العظمى السيد محمد الطباطبائي الفشاركي .
ولد في قرية « فشارك » من توابع أصفهان ، سنة ١٢٥٣هـ ، في أسره كريمة النجار ، عريقة في الفخار ، أصلها من الشرفاء الطباطبائية القاطنين ببلدة « أزوارة » .
توفي السيد قدس سره في شهر ذي القعدة الحرام من شهور سنة ١٤١٦هـ
ودفن جثمانه الطاهر في إحدى حجرات الصحن الشريف من جهة باب السوق الكبير على يسار الداخل إليه.
انظر :طبقات أعلام الشيعة. ص ٢٦١.
ــــــــــــــــــــــــ
المصدر :
قصص وعبر (مخطوط)/ عادل آل جوهر .