اغتنام هذا الزخم الروحي، والالتهاب العاطفي

من المناسب جداً، اغتنام هذا الزخم الروحي، والالتهاب العاطفي، والحماس الكبير، في قضايا الأمة، وفي تعبئة طاقات المجتمع من أجلها، فنهضة الحسين كانت من أجل الإصلاح في أمة جده ، ولا شك في صوابِ اغتنامها من أجل ما فيه صلاح الأمة.

ولكن الامر لا يختصر في ذلك، اذ أنَّ الأمر مطلوب على المستوى الشخصي ايضا.

ففي مسير الانسان نحو الكمال، هناك تحديات داخلية.. تلك التي تمثِّل سدوداً وحجباً عن الانتقال من حالٍ إلى حال.

فكم يتكرر المشهد هذا في حياة الانسان: ينوي أن يغيِّر  حياته، شخصيته، سلوكياته، أخلاقه .. يغيِّر فيها أمراً.. ولكنَّه حين يعزم عليه يحول بينه وبين ما يريد ضعفُ الإرادة، أو يمنعه عمقُ تداخل تلك الصفات مع كيانِه.. هنا، يكون بحاجة إلى طاقة ارادة كبيرة، كأنها سيلٌ هادر تحطِّم كل عائق امامها..

ولا يجد الموالي عزم ارادةٍ أفضل مما يجدها في الموسم الحسيني..  فقد تجد نفسك والتهابَ مشاعرها، وارتفاعَ ايمانها ساعة استماعك الى المقتل الحسيني.. فتخرج منها ملتهباً وكأن الحسين عليه السلام للتو قد سقط على رمضاءِ كربلاء، وأنت تسمع بأذنك صوت واعيته: هل من ناصرٍ ينصرنا.. فتقول مع نفسك صادقاً: يا ليتني كنتُ معك سيدي..

ثم تتذكَّر أنَّك في زمانٍ بعيدٍ عنه..

وتتأمل مرَّة أخرى، لو كنتُ في ذلك الزمان بنسختي الحالية، هل كنتُ حقاً ممن يقف مع امامه أو لا، فتتأمل مواطن ضعفك.. تتأمل تلك الحواجز، جهلٌ هنا، عصبيةٌ هناك.. حب للدنيا في موضع اخر..

هنا بالضبط توجِّه طاقة الحماس والالتهابِ الروحي نحوها، فتقوّي ارادتك بها، وتقرِّر أن تتجاوز عقباتِ نفسك بعزمة إرادة..
فتفعل!

حينها تجد أنَّك ارتفعتَ درجة، بل اقتحمت – بحماسِ الموسم الحسيني- عقبةً من عقباتِ نفسك، واقتربت خطوة الى الشخصية الحسينية التي طالما تمنَّيتها.

وهذا أحد أبعاد (التوبة مع الحسين).. إذ أنها  تعني إيجاد تحوِّل داخلي عبر الارتباط بالحسين ، وصولاً الى نسخةٍ متطورة من ذاتك.. أكثر تقوى، وأحسن خُلُقاً، وأعمق ايماناً.