تعود ذكراك يا حكيم

 

﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ

تعود ذكراك سيدي أيها الحكيم السعيد وتتراقص أطياف يوم الرحيل أمام الأعين يعود سيدي يوم غيب القبر محياك الملكوتي, لما استعجلت السفر ولم يكمل حلمك ولم تكتمل الابتسامة على ثغرك لم تجني الثمار بعد لم تبقى لنستفيض من عطاءك ونمتع أعيننا بنور وجهك, ونشنف أذاننا بعذوبة حديثك وخطبك وتوجيهاتك لأهلنا بالعراق الجريح... كأني بك سيدي وقلبك المتصدع بالجراحات والكلامات وبالآلام والغصص من جور الطاغية المقبور, ومن صروف الدهر ومر الغربة والبعد عن بلدكم العراق حرمت من شم عبق ترابه, من رائحة المسك والعنبر من ضرائح أجدادك الأئمة والعترة الطاهرة ...

كأني بدموع قلبك تنادي بألم, خذوني يا ملائكة السماء لا أستطيع المكوث هنا, أمة تتناحر ولم يعد للعهد ميثاق,وعراقنا تذبح اطفاله وتراق دماء أبنائه وشبابه, هنا الكثير من الآلام والدمار والشتات , كنت تخطب وصوتك الجهوري يصافح القبة البهية, وتبشر القلوب الدامية بعراق جديد, تبشرهم بان الله معهم إذا هم كانوا معه إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

 فجأة!! يا الهي خبر التهم المشاعر, قتل القلوب وأد ابتسامة للتو ولدت من بين الشفاه، وأسال الآهات في الآماقي, يا ألهي!! رحل من ملأ الكون أملاً في مستقبل زاهر وعهد جديد, رحل من أحيا الابتسامة المذبوحة في قلوب الفقراء والمظلومين وفي عيون الأيتام, ياله من إعصار عسير, زمجر بساط الموت, قالعا كل القلوب المتيمة عشقا للحكيم وجعل أفئدتهم صرعى.

خيمت الوحشة وشعرنا برعشة قوية جعلت الأرواح تسافر على بساط الدموع, اكتوينا سيدي الوقور بمرارة فراقك وعظم الخطب الجلل, نزفنا دموعا حارقة.حين انطلقت سهامهم المسمومة القاتلة إلى صدورنا المعذبة بمجازر أهلنا بالعراق, وجعلوا من الأوردة أشلاء متناثرة وأثارت سهامهم براكين الغضب, من أعماق الألم.

آه على روحك الطهر بابن السلالة الأنجبين وأبن خير الخلق أجمعين, عليهم أفضل الصلاة والسلام، سالت دماءك انهرا وأزهرت أغصانا لا تنكسروضد كل ريح عاتية بنهجك الذي رسمته لهم وخلدته بفكرهم وسجلته في شرايين الفؤاد, رحلت من دنيا فانية لكنك لم ترحل عن قلوبنا وكياننا, ولم يهجر ذكرك شفاهنا, رحلت وترك رحيلك عنا الآم مبرحة , انه الإنسان السيد الشهيد, كم أعطيت من وقتك وعمرك الشريف لخدمة أهل البيت وخدمة شيعتهم ومحبيهم.

فهنيئا لك العقبى فقد كنت مثال للصبر والله حسبك ونعم الوكيل.

 

(169) سورة آل عمران