وحدتنا في سامراء
لكل امة من الامم منظومة فكرية تنتمي اليها، والامة الذكية هي الاقدر على صياغة واقعها من نسيج فكرها.
ولا اتصور امة كأمة الاسلام تتمتع بموروث فكري عظيم من قرآن سماوي وسنة نبوية وتاريخ لسلف صالح غيّر معالم الحياة آنذاك واستطاع ان يقود العالم لحقبة من الزمن خالدة.
هناك مفردة فكرية راقية في قرآننا هي عبارة عن (لاتنازعوا)، صاغت لنا نهجا فريدا في تنظيم العلاقات الاجتماعية حيث صدحت منذ دهر: (لاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
ولعظمة هذه المقولة، استفاد منها الآخر في تحقيق مآربه، فنظَر لما يسمى بـ (فرق تسد)، ونزلت نظريتهم الى ارض الواقع بينما حلقت عبارتنا الفكرية الى عنان السماء وأمست ألفاظ مقدسة نتبرك بها بين حين وآخر.
وحاول هذا الآخر (بكل مسمياته وألفاظه وألوانه) تجريدنا من روابط الوحدة والالفة والتناغم ليصوغ لنا واقعا متزلزلا ملغما بالتنازع لنتفخخ فشلا وضياعا ومن ثم موتا ودمارا.
ولكننا كنا الاقوى رغم كل شيء، احاول ان اكون اكثر حذرا وانا اقول (كنا الاقوى)، فمازال العراقي يحب ويتزوج دون النظر الى بطاقة الهوية، مازال العراقي يجاور ويصادق ويحب دونما الالتفات الى أية لفظة في اي معجم لغوي آخر غير المعجم العراقي.
نحن عراقيون!!
لا نفهم غير هذا ولا يغمرنا اي احساس غير هذا. ومن يقتل الحياة في اطفالنا الصغار، ويسلب منهم فرحة الامل وبراءته... من يقتل في امهاتنا شوق الانتظار ويزرع الخوف في مآقيهن... من يقتل فينا الامل والحب والحرية، لا اظنه يتوانى عن قتل الفكرة المنتصبة في قبة اختزلت كل تاريخ الاسلام وعظمته واستمدت من عظمة راقدها كل شموخ التاريخ وابائه.
لم تكن قبة امامي المسلمين في سامراء، هي الهدف... انما الامل بحياة افضل في عيني العراقي هو الهدف.
الوحدة في الصف العراقي، تلك الوحدة التي أسهدت ليالي المتآمرين هي الهدف.
الحرية التي عشقها العراقي، حلما في الماضي ورؤية في الحاضر وطموحا في المستقبل، هي الهدف.
العراقي لانه عراقي، هو الهدف.
فهل نكون اكبر من المؤامرة، واعظم من الخيانة، واوسع قلبا من كل الضيق المتحجر في القلوب والعقول... ونقول كلمتنا في رص صفوفنا وتوحيد مصالحنا لتصب كلها في بودقة العراق.
لم تكن الانتخابات هي التحدي الاكبر الذي واجه العراقي، بل الفتنة الكبرى التي يحاولون اضرام نارها الآن، هي التحدي الاكبر في تاريخنا المعاصر...
من يدري لعله التحدي الاكبر... او نأمل ان يكون التحدي الاكبر.