دعونا نقرأ


القراءة هي بحبوحة العلم أن صح التعبير فهي كما هو بحر خضم لاساحل له فمهما كتبنا فيها ، نرجع لنكتب فيها مرات أخرى ومرات .
فبعد أن كتبنا فيها على مستوى الفرد نرجع لنكتب على مستوى التجمعات والشعوب وكيف تتقدم الشعوب بقرائها ومؤلفيها.
فالشعوب تتقدم وتبني كيانها من خلال البناء الثقافي والحضاري – فالأمة التي لاتبني مجدها ثقافياً فلا حضارة لها .
فينبغي على الشعوب الإسلامية على وجه الخصوص أن تبني كيانها الثقافي كما أسلفنا – فالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة حثت على ذلك ففي مشاركة سابقة أو مقال سابق صدّرنا المقال بالآية الشريفة ((أقرأ باسم ربك الذي خلق))(1). وعلاوة على هذا فالقرآن الكريم مليء بالآيات والمفردات التي تطلب وتحث على القراءة والكتابة والعلم والتفكر والتدبر- ويكفي أن هناك أكثر من تسع عشرة آية تتحدث عن القراءة ومفرداتها ومشتقاتها وعن القلم والأقلام أربع آيات حتى سميت سورة كاملة باسم القلم وقد أقسم الله تبارك وتعالى بالقلم وفي هذا بيان لما للقلم والقراءة والكتابة من أهمية بالغة ((ن والقلم وما يسطرون))(2).

وكذلك هناك مايقرب من ثلاثمائة وأربعين موضع يذكر فيه الكتاب و الكتابة ومشتقاتها(3) وأن أختلف المعنى الذي تتحدث فيه ، ويروى عن الأمير أنه قال: (من تسلى بالكتب لم تفته سلوة)(4).

  • إذا نقول بعد هذا على من يقع عاتق البناء الثقافي للمجتمع ؟

في الواقع يقع العاتق في البناء الثقافي للمجتمع على جهات عديدة أهمها في الدرجة الأولى الأعلام ودوره في تنمية عادة القراءة فالذي يحفز على القراءة ((الإعلانات مثلاً فقد تسأل أحدهم ماذا تقرأ فيقول الكتاب الكذائي أو الفلاني : تسأله لماذا بادرت بقراءة هذا الكتاب ؟ يجيب قرأت عرضاً له في إحدى المجلات أو رأيت إعلاناً له في إحدى الصحف اليومية))(5).
ومن هذا المثال البسيط نستشف مالي الإعلام من دور بارز وكبير في تعريف الناس سواء بالقراءة وتحبيبها إليهم أو بالكتاب أو المؤلف ... وهكذا.
وعلى المستوى الأوسع التعريف بدور النشر والمعارض الدولية التي تقام في أوقات متفاوتة هنا وهناك .

وعلى ذكر المعارض الدولية للكتاب أقيم في الآونة الأخيرة أكثر من معرض في العاصمة السعودية والعاصمة البحرينية – وفي هذه الأيام في الفترة من 29/3وحتى 7/4/2006في العاصمة الإماراتية.

وطبعاً تتفاوت عدد الكتب وعدد العناوين وليس هنا بيت القصيد ، أنما المسألة في عدد رواد المعرض وزواره ، فلا يقاس عدد سكان المملكة العربية السعودية بعدد سكان مملكة البحرين فهناك فرق وبون شاسع بين العددين ومع ذلك من يزور المعرضين يرى الفرق واضح في عدد الزائرين – والفرق لصالح معرض البحرين ؟!!
وطبعاً لاأزعم أن زوار المعرض جميعهم من الشعب البحريني ، وأنما هناك زوار من خارج البحرين ... ولكن نرجع ونقول ما الذي دعا لذلك بأن يكون عدد زوار البحرين أكثر وأشد ازدحاما؟

هل طبيعة عناوين الكتب المعروضة؟ هل طريقة عرض الكتب ؟ هل الدور المشاركة ؟
ولعمري أن التساؤل الأول .. هو الأقرب إلى الصحة .. لماذا ؟
لان بعض الدول توجه التفكير عندها أحادي فلا تعرض ولا تسمح إلا بعرض ما يناسب أفكارها وآرائها سواء الدينية أو غيرها. فصار الوضع معروف وواضح لدى الجميع مسبقاً سواء القراء أو دور العرض فعزفوا عن المشاركة وعن اقتناء الكتب من هذا المعرض أو ذاك بسبب ذلك.
فعندما يذهب البعض إلى البحرين ليرى التزاحم الهائل إلى آخر يوم من عمر المعرض ، فليس هناك غرابة بسبب توفر جميع العناوين التي ربما لم يرى منها شيئاً طوال حياة في بلده – وذا الابتسامة ترتسم شوقاً على شفتيه راكضاً لشراء ذلك الكتاب مثلاً – وذا به يتراجع من جديد تحدوه خيبة الأمل ... لماذا؟ لأنه تذكر أنه ربما تكون هذه الكتب لايسمح بها في البلاد وربما تصادر فيقف وتقف آماله معه.
من أجل هذا يقل عندنا من يقرأ ومن أجل هذا يقل عندنا القراء إذا ماقيسوا بالآخرين ،ومن أجل هذا لاستبعد من أن الإنتاج الإسلامي أو العربي يبلغ 1% من الإنتاج التأليفي على مستوى العالم . وفقط من أجل هذا يقرأ العربي صفحة واحدة فقط أمام مايقرأه الأمريكي من ستة كتب وهذا ماتناولته بعض الدراسات وأقرت به .
ونبقى في التساؤل الذي يقول متى ينطلق العربي في قراءته من غير قيود ومتى ترفع الحدود والحواجز عن الكتاب في بلادنا العربية.

 

1- سورة العلق /الآية (1)
2- سورة القلم / الآية (1)
3- معجم ألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي – ط\دار المعرفة .
4- موسوعة أحاديث أهل البيت - الشيخ هادي النجفي- ج 9 ص290
5- العلاج بالقراءة كيف نصنع مجتمعاً قارئاً – حسن آل حمادة – ص68.