إنه يصلي علينا...

عقيلة آل حريز *

ها نحن نحمل باقات الزهور في هذا اليوم... نعبر بها أرض وسط الصحراء كانت غافية على حُلم... حُلم نبه العالم على عيدٌ جديد يخص كل الأمم والشعوب.

يا أهل الأرض تعالوا وشاركونا فرحة ميلاده.. فقد سبقنا أهل السماء للاحتفاء به..

انه ذاك الذي نثر الورد على الأرض ونور القلب وزكى النفس وأزهر.. غرس حب موسى والمسيح عيسى  في القلوب.. قدس مريم العذراء وأعطى أجلى وأحلى صورة لكل الأنبياء والرسل والكتب والديانات..

نبيٌ عادل... لا يحقد لا يظلم... لا يطمس الأديان ولا يعتدي على الحرمات «النفس.. العرض.. المال».. وكل ممتلكات الإنسان.

جاء لنا برسالة وضمان... رسالة السلام لكل من توجه له بالسلام.. ومن صلى عليه رد عليه السلام، والضمان لكل من آمن به..

«من آذى ذمياً فقد آذاني»..

«من صلى عليَّ مرة صلت عليه الملائكة،

ومن صلت عليه الملائكة صلى الله عليه،

ومن صلى الله عليه لم يبقى شيء في السماوات والأرض إلا ويصلي عليه»..

انه يصلي ويستغفر لنا... جميعاً بلا استثناء لنكون الأفضل.. الأحسن الأكمل.. الأعدل والأوسط بين الشعوب والأمم..

«أسلم لربك تسلم في دنياك»...

«إياك أن تشتم مسلماً، أو تطيع آثماً، أو تعصي إماماً عادلاً، أو تكذب صادقاً، أو تصدق كاذباً، واذكر ربك عند كل شجر وحجر»...

حشدٌ هائل من البشر في مثل هذا اليوم يحتفلون بميلاده كل عام، ويجعلون ذكرى هذا الميلاد عيداً يتوسطون فيه كل الأمور... يدعون للسلام.. الحب.. العدل.. الحوار ونبذ العداء.. ويحلمون بالغد الأفضل..

نبي ٌ لم يأتي ليقتل الناس ولا ليستعبدهم.. بل جاء ليصبح الناس جميعاً أخوة وإن اختلفوا في الفكر والدين والمذهب...

يريد لهم الأسمى والأعلى... يحمل أزهار الرحمة بأدب عالمي يتسامى يخجل منه العاتي والأحمق فيتوارى منبوذاً خلف القضبان..


«أدبني ربي فأحسن تأديبي»
«أنـمـا أنــا رحـمـة مـهـداة»
«أنا سيد ولـد آدم ولا فخـر»
«بعثت لأتمَّ مكارم الأخـلاق»

 

انه أمة وسط... انه أمير الأنبياء وخاتم الرسل وسيد العرب والعجم... بل سيد الخلق أجمع..

أيها الحائرون الواقفون من بعيد تتطلعون في سماء عقيدتنا وتترقبون شيئاً من الثغرات تتوهمونها... تعالوا لتشاركونا ميلاده... تعالوا لندلكم على حياضه الواسعة ورياضه اليانعة وأنفاسه العبقة...

فكؤوسه الصافية تتلألأ بفيض شعاع الرحمة الإلهية وهي أكثر من كواكب السماء عدداً... ومذاقها أحلى من الشهد وأزكى من ريح المسك وعبير الورد،كما أن حياضه تتسع لنا ولكم..

تعالوا وانهلوا من أخلاقه، واستظلوا بأشجاره وتذوقوا ثمار دعوته العذبة.. ولتعلموا أن العابثين مهما عبثوا فلن ينالوا من صوره وآياته ومدارسه في قلوبنا.. لا بالرسم ولا بالاسم أو الطمس... ولا بالحقد الأسود والأبغض... 

نبيٌ لم يأتي ليقتل نفساً أو يسبي امرأة أو يكسر شيخاً أو يُيتِم طفلاً.. ولا ليتملك أو يقطع رحم... أو يهدم معبد ويدكُ حُصن..

تعالوا واقتربوا فنحن نحمل لكم منه أجمل رسالة من نقوش الخير... صاغتها تعاليمه ونقشتها صوره وروتها سيرته العطرة وخلدتها دعوته..

علمنا فيها أن نكون طلاب سلام لا دعاة حرب... أن لا نسحق الشعوب ليكونوا في ركابنا... وأن لا نُضيع الحقائق ولا نطمس الهويات..

أن لا نكفر.. أن لا نقتل.. أن لا نسرق.. أن لا نظلم.. أن لا نزني..

وأن...

نتطهر..

تعالوا إن كنتم تنتمون للرسل والرسالات واحملوا باقات الزهور العطرة معنا وضعوها على قبره بكل الحب والتبجيل والاحترام...

تعالوا لنفهم سر دعوته الشريفة ونستظل بصياغته للإنسانية رغم عبث العابثين وحقدهم... ننهل من نهجه وننشر دعوته ونكون أمة وسطاً لنكون شهداء على الناس فهو الشاهد علينا.

 تعالوا نصلي عليه فهو ما زال يصلي علينا ويستغفر لنا صباحاً وكل مساء حين نصلي عليه..

تعالوا نعتذر عن كل ما صدر منَّا ومنكم في حقه... فقد وجب علينا وعليكم الاعتذار الآن

كاتبة وقاصة (سعودية )