الدكتورة علياء الانصاري : واقع امرأة
كثيرا ما يظلم الرجل وخاصة باقلامنا نحن!!
فكلما اردنا ان نتحدث عن حقوق المرأة، او مظلوميتها، او سبل الارتقاء بواقعها، يكون الرجل هو المدان والظالم والمقصر!!
اليوم وفي هذه العجالة، اريد ان اطلق صرخة، ليس بوجه الرجل او المجتمع او التقاليد والاعراف او المصالح والاهواء، بل بوجه المرأة والمرأة العراقية تحديدا.
وصرختي هذه اولدتها مشاهداتي لواقع المرأة العراقية ومعاناتي معها هي بالتحديد، قبل معاناتي مع الرجل او المجتمع او الاعراف من خلال نشاطاتي وتحركي على ارض الواقع.
لا يمكن لاي مخلوق ان يمنح الاخر حقه، فالحق يؤخذ ولا يعطى... ولا يمكن للمرأة ان تنتظر ان ياتي الاخرون ويقدمون لها حقوقها، كما لا يعقل ان نكسر جمود الموروث الاجتماعي لحقب طويلة بجهود فردية لمجموعة هنا وهناك تحاول ان تبعث الحياة في اجساد خاوية!!
تصوراتي الاولية عندما فكرت في تبني فكرة صفوف النور لتعليم القراءة والكتابة للمرأة العراقية لان العلم اساس كل تطور وحضارة، ارتسم في ذهني القاصر ان العائق الوحيد امامي هو المال، ولكن – مع الاسف الشديد - ، كان المال مجرد وسيلة يمكن الاستغناء عنها فيما اذا وجدت العزيمة والارادة والعقل المنفتح...
كان الرجل وترسبات الموروث الاجتماعي عائقا مهما امام حركتنا، ولكني دهشت عندما وجدت المرأة هي نفسها تشكل عائق كبيرا امام تقدمها ورقيها!!
فهناك نسبة كبيرة من النساء يرفضن الانتماء لهذه الصفوف بحجة ان لا وقت لديهن، وفي الحقيقة انهن جاهلات بانهن جاهلات، وربما استأنسن للجهل الذي هن عليه!
لذلك كان فتح صف للنور، عسيرا كعسر تشكيل حكومتنا!
وهناك الكثير من النساء ايضا، يرفضن الحضور الى الدورات التثقيفية التي نقيمها... فيما يقتل الوقت في امور كثيرة ساهمت بشكل وباخر في تكديس الجهل المركب لدى شرائح كبيرة في مجتمعنا.
والادهى من كل هذا، هو التصور الذهني الذي يحكم عقلية الاغلبية من نساءنا، والذي يختزن كنفسية مستقرة في ذاتها... وهو انها قاصرة وعاجزة عن اتخاذ اي قرار دونما وجود رجل الى جانبها، وانها تابع له بالمنظور الديني والعرفي والخلقي حتى وان اخرجتها هذه التابعية عن نطاق انسانيتها وكرامتها وحريتها وسعادتها... فهي تفضل ان تستسلم للقدر المخيف، وتعاني ما تعانيه على ان تقول كلمة حق او كلمة رفض لان هذه الكلمة تتطلب منها جهدا وتضحية وشيء من المعاناة!
المرأة العراقية – في غالبيتها – ترضى وتقنع بكل ما هو موجود... لانها استرخت للواقع الموجود... وآمنت بالفكرة الموجودة... ورفضت كل تغيير مادام التغيير يتطلب منها الجهد والعناء والتضحية والتعب!!
تصبر على النوائب – وما اكثرها – ولكنها لا تصبر على حر او تعب لاجل تحصيل العلم والمعرفة.
تصرف طاقاتها في امور هامشية وقد تبدع في قتلها للوقت والطاقة والفكر، ولكنها عاجزة عن الابداع عندما يتطلب منها ارادة وعزم في تغيير واقعها !!
ايها الناس! لا تلوموا الرجل... فالرجل لو وجد المرأة الواعية العازمة على تغيير ذاتها للارتقاء بحاضرها من اجل بناء مستقبل افضل لاولادها وله ولكل من يحيطها... سيكون اول داعم لها، فيما اذا عرفت هي كيف تدخل الى قلبه وتقنعه بحقها في الحياة.
عندما تجد المرأة ذاتها، وتدرك عظمة دورها في صناعة الحاضر والمستقبل، وتعزم على بناء الحضارة الانسانية والبشرية، ستنفض عنها غبار الاسترخاء الذي يمثل الغشاوة الكبرى لبصيرتها، ستجد الرجل اول من ياخذ بيدها ليسيرا معا نحو الحياة.
عندما تعرف المرأة كيف تبدا مع الرجل بما يحب لتنتهي الى ما تحب هي... سيكون اول نصيرا لها ومساند، وستغلق كل منظمات الدفاع عن حقوق المرأة!
اعذريني يا سيدتي لصراحتي، انت التي قتلت الابداع في داخلك، وسكنت الى الاسترخاء والدعة، وانت وحدك القادرة على كسر قيود الخوف والتردد، تلك القيود التي استحكمت حياتك ورضيت انت بها، بل استرخت كل طموحاتك على وقع صدى حشرجتها!
لن تقوى اي منظمة لحقوق الانسان او حقوق المرأة ان تمنحك السعادة الحقيقة في ممارسة دورك في الحياة، ما لم تقرري انت ذلك.
ولن يقوى اي رجل على ان يحرمك حقك في ممارسة هذا الدور، ان كان اجتماعيا او سياسيا او انسانيا او تحت اي مسمى آخر... ما لم تسترخي انت الى واقعك، بل تستأنسي لهذا الاسترخاء.
لان هذا الدور هو حقك الطبيعي الذي وهبته لك السماء قبل ان تفكر الارض به!