من ملامح التغيرات الاستراتيجية في المنطقة الخليجية
ساهمت الأحداث والتغيرات المتسارعة للتغيير في الخارطة الثقافية والفكرية في العالم بشكل عام ، وفي المنطقة الخليجية بشكل خاص إلى رسم نمط ثقافي وفكري مختلف عن ذاك الذي كان عليه موجوداً قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر ...
ففي هذه الأسطر القليلة نحاول أن ندون أبرز التغيرات التي حدثت ومازالت تداعياتها السياسية ترمي بثقلها على كافة الجوانب الأخرى ، الثقافية ، والفكرية ، والتربوية ، والاقتصادية ، وغيرها ..كمدخل إلى هذه عنوان ( التغيرات الاستراتيجية وأثرها الثقافي والفكري في المنطقة ) .
فبدأت هذه الأحداث بالحدث البكر في نيويورك لتسقط أبرز ملامح هذه الولاية التي عانقت السحاب لعدة عقود فخسفت بها الأرض ، عندها .. شمر المارد عن ساعديه واضعاً كل الخيارات بشتى أصنافها على مائدته الشهية ، معلناً وصارخاً من دون تحفظ على شيء يذكر أن قد بدأت أمواج المحيط الأطلسي تتلاطم ليصل صداها إلى كل بيت في القرية الصغيرة ( الكرة الأرضية ) .
فتعاقبت الأحداث وتوالت المشاهد الدرامية بما من شأنه أن يكتم على أنفاس المشاهدين ، بدأًً من ( تحرير ) أفغانستان من يد الأيادي الطالبانية التي لم تصمد سوى أسابيع قليلة ليبسط المارد بذلك يده على الشرق الذي طالما كان يحلم بمثل هذه الأكلة الشهية .
فحينها – وكان الجميع يعلم – قرر سياسيو أشهر بيت في العالم السياسي المعاصر ( البيت الأبيض ) أن يتغير العالم في شتى جوانبه السياسية ، والثقافية ، والفكرية ، والعسكرية ، والاقتصادية ، والتربوية ، وغيرها ...
فمن الملامح السياسية : وبعد مسلسل أفغانستان الممتلىء من الإثارة والتشويق ، الدعم الأمريكي المعلن وبلا حدود ومن دون تحفظ على ضرورة الحفاظ وعدم المساس بالكيان الصهيوني ، ومنها : تحرير العراق الجريح من الزمرة الصدامية ، ومنها : ضرورة أن تتغير الأنظمة العربية في طبيعة تعاطيها السياسي مع شعوبها ومع توصية لبعض القضايا الكبرى ، ومنها : محاصرة النظام السوري والضغط عليه بالورقة البنانية ، ومنها : الملف النووي الإيراني ، ومنها ... ومنها ...
ومن الملامح الاقتصادية : الحدث الأهم ( منظمة التجارة العالمية ) وقرار من لم يكن ضمن هذه المنظمة فهو خارج المنظومة الاقتصادية العالمية الدولية وبالتالي السقوط نحو الهاوية ، ومن الملامح أيضا : النهب البترولي العراقي الذي أصبح خبراً لا يمس شعور العراقيين فضلاً عن غيرهم ..
وهذا كله – وبلا شك – أنتج نمطاً ثقافياً موجهاً وهيكلية فكرية تربوية من نوع مختلف عما الفت عليه الشعوب الشرقية الأوسطية معتمدة على السلاح العصري الأقوى ( الإعلام ) بكل مفرداته الفضائية والحاسوبية والترفيهية والمقروءة والمسموعة ناهيك عن الأثر المرئي بل وحتى الملموسة منها محدثة ثورة لم ندرك إلى أين تسير بتموجاتها وعلى أي ساحل ستحط أشرعتها .
فلم تزل تداعيات هذه الأحداث الصاخبة تنتج مفاعيل سياسية ومعطيات متنوعة في المنطقة .. فذلك يستدعي – على أقل التقادير – إثارة مجموعة من الاستفهامات والتي منها :
- إلى أي مدى تأثرت بذلك مناطقنا ثقافياً وفكرياً ؟
- وكيف يمكن استثمار هذه المعطيات بقصد أو بغير قصد ؟
- وهل يمكن لنا رسم خارطة ثقافية وفكرية ضمن منظومة الثابت والمتغير تحمل بين جنباتها مواصفات الحاضر والمستقبل كمضاد حيوي لجسمنا الثقافي وأرواحنا الفكرية ؟
- وهل ... وهل .... وهل ....