الانتخابات مصدر الشرعية لأي سلطة
لقيام الدولة يلزم سلطة عليا، يخضع لها جميع الافراد المكونين لهذه الدولة. وقد اجمع الفكر السياسي على ان المجتمع المنظم لا يستقيم من غير سلطة تحكمه وتوجه النشاط الفردي فيه، فهي اهم العناصر في تكوين الدولة, وحجر الزاوية في كل تنظيم سياسي.
ويرى الامام محمد الشيرازي ان السلطة هي القدرة التي توجب خضوع الضعفاء امام الاقوياء، والخضوع اما يكون لرغبة او لرهبة , ثم ان الرغبة او الرهبة قد تكون بالحق، وقد تكون بالباطل. فالديكتاتور يكون مرهوب الجانب مرغوبا فيما عنده، وتكون سلطته بالباطل. وهي قد تاتي بالمال ، او قد تاتي بالسلاح والقوة. ولكنها مهما استبدت لا تدوم، ولا بد ان ياتي يوم تزول به، بنفس الاسلوب الذي اتت به. وافضل نموذج لذلك نظام صدام المقبور.
بينما الحكم العادل يرهبه الفساق والمجرمون, ويرجوه الضعفاء والمحرومون، وسلطته بالحق. والسلطة لا تكون عادلة ما لم تكن شرعية, اي مستمدة شرعيتها من رضى الامة بها , فالشرعية هي القوة التي تبررها الاحكام والقوانين المتفق عليها من قبل الدولة والشعب. وشرعية السلطة هي التي تخول الحكومة استعمال القوة ضد المخالفين والجانين والعصاة. وبدون هذه الشرعية تصبح قوة الحكومة قوة تعسفية. وان استعمالها يكون غير عادل وغير منصف.
وهنا يؤكد السيد الشيرازي ان الشرعية هي التي تجعل الافراد يخضعون لتعاليم واوامر الدولة, وهي التي تمكنها من حكم المجتمع وتمنحها السيادة باتخاذ القرارات المناسبة التي تكفل تقدم المجتمع وسيره الى الامام هذه من جهة. ومن جهة اخرى ان السلطة الشرعية لا تضر بالدين والاخلاق, بل تنفعهما لانها آتية الى الحكم برضا الجماهير. وهي عندما تكون صادقة معهم تلجأ الى اساليب المكاشفة والشفافية في المشاكل التي تواجه المجتمع, كالفساد الاداري والبطالة والاعتداءات الخارجية وما شابه.
كما يضيف سماحته ان السلطة الشرعية تدع الناس احرارا في اختيارهم, وفي طرح ارائهم وافكارهم, وتسعى الى تحرير الفكر من كل قيد او فرض, وبذلك تلغي الجمود الذي تسعى اليه الحكومات الاستبدادية. اضافة الى ان شرعية السلطة تنعش الاقتصاد والسياسة؛ لان انعاشهما ابراز للحرية والكفاءة، فهي من جهة تؤمن بالمشاركة السياسية لكل فـئات وطبقات المجتمع في السلطة. ومن جهة اخرى تسعى لصياغة الخطط التنموية الشاملة التي قيها رقي البلاد وتقدمها.
ان السلطة لا تكون شرعية وقوية ومؤثرة في سير الاحداث التي تطرأ على المجتمع, ولا يمكن ان تعبر عن اماني وطموحات الشعب الذي تحكمه, ولا يمكن ان تنال تاييد واحترام الشعب دون اعتمادها على مصادر منطقية وعقلانية لتدعم بها وجودها وتعزز مكانتها وتدافع عن قراراتها وطموحاتها.
وهنا فأن افضل مصدر لشرعية السلطة هو الانتخاب وتعميم تطبيقه في تشكيل السلطات المختلفة في الدولة أي بقدر ما يكون ذلك النظام اقرب الى الديمقراطية بالمفهوم المعاصر لها , بحيث يثبت حق الانتخاب لكل فرد له صفة المواطن. اذ ان المساواة بين الافراد تشمل المجالين المدني والسياسي , اي المساواة في الحقوق المدنية والحقوق السياسية.
وانطلاقا من هذا الرأي فان كل فرد يمتلك جزءا من السيادة, وما دام كل فرد يمتلك جزءا من السيادة, يكون لكل فرد حق الانتخاب وبواسطته يستطيع ان يمارس السيادة.
فالانتخاب حينذاك يكون حق طبيعي لكل فرد لا يمكن لاي احد ان ينتزعه منه.
وبنفس الوقت فان الامام الشيرازي (قدس) كان دوما يدعو ابناء الامة الاسلامية الى وجوب اختيار الانسان الاصلح والاكفأ , القادر على ادارة شؤون البلاد والدفاع عن حقوقها. كما ان على افراد الامة ان يراقبوا عملية الانتخاب ليحيلوا دون وقوع عملية تزوير او تلاعب في آلية الانتخاب؛ لان في ذلك مضيعة لحقوقهم وسلب لارادتهم.
كما ان الحكومة التي تاتي برضى اغلبية الشعب عليها ان تراعي مصالح وحقوق الاقليات لان ذلك هو الطريق الاسلم لوحدة الشعب وقوته وتدمه ورقيه.