إصلاح المجتمع بإصلاح الفرد
من الواضح للقراء الأعزاء بأن الدين الإسلامي الحنيف هو آخر الأديان السماوية وأكملها وأشملها حيث جاء في القرآن الكريم : ﴿ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾.
وشمل الدين الإسلامي جميع القوانين التي يحتاجها المجتمع الإنساني , فجاءت إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة شرحها الرسول والأئمة الأطهار .
والقسم الأعظم من أحكام الإسلام ترتبط بالقضايا الاجتماعية , ولا يمكن لدين كامل أن يُعير اهتماماً كاملاً للحياة اليومية مثلما جاء في الدين الإسلامي الحنيف.
ولا شك أن قوانين القرآن الكريم إضافة إلى أنها شاملة لكل زمان ومكان ولجميع الظروف , وهذه عقيدة كل مسلم آمن بالرسالة المحمدية الإلهية فإنها عن طريق الوحي من البارئ عز وجل الذي هو فوق كل زمان ومكان وخالق كل شيء في الوجود وهو بكل شيء عليم ولا يخرج أي شيء عن علمه , ولهذا فلا يمكن تصور وجود قوانين أفضل منها , وكل ما يأتي من أي كائن وموجود فهو ناقص ونقصه سيُبين للناس إن عاجلاً أو آجلاً.
كما لا يخفى بأن القوانين الإسلامية جاءت ليتم تنفيذها وتطبيقها وليس لقراءتها وكتابتها. ومهما كان القانون جيداً , فإن لم يُنفذ فإنه لا يعني شيئاً بالنسبة لواضعه . كذلك فإن قوانين الإسلام العظيمة تحتاج إلى منفذ جيد لها , على أن يكون عارفاً تماماً بتلك القوانين وفروعها والحالات الاستثنائية لها ليتمكن من تطبيقها بصورة جيدة.
يمكن تقسيم القوانين الإسلامية إلى قوانين اجتماعية وأخرى فردية , حيث إن منفذ القوانين الاجتماعية هي الحكومة الإسلامية في تطبيق الأحكام العامة مثل الديات والحدود والقصاص وغير ذلك من المصالح العامة للمجتمع , وبما أننا ضمن دولة تعتنق المذهب الوهابي تدعي أنها تطبق قانون الإسلام بحذافيره وأن دستورها القرآن الكريم كما تقول , إلا إننا نجدها تكفر معظم الناس فلا أمل لها بإصلاح مجتمعها إلا بعد أن تُصلح نفسها.
وهناك القوانين الإسلامية الأخرى التي ينفذها الفرد بنفسه مثل العبادات والأخلاقيات والسلوك مع الناس وغير ذلك , ولهذا فإن التطبيق الجيد للقوانين الإسلامية الفردية يحتاج إلى مسلم واعٍ عارف بتلك القوانين.
ولا شك أن أي فرد إذا عرف واجباته ونفذها بصورة جيدة , فإن المجتمع سيكون صالحاً , فإصلاح المجتمع بإصلاح الفرد بحيث يمتنع عن الكذب والبهتان والغيبة والفتنة والسخرية والسرقة والفحشاء المنكر وغير ذلك من الذنوب والمعاصي. ومن جهة أخرى فإنه يعبد الله تعالى مكان عبادة الأموال وشعاره في ذلك الإنفاق والإحسان لوجه الله عز وجل ومثل هذا المجتمع سيكون مجتمعاً مثالياً رائعاً.
إن العمل الجيد يأتي بعد العلم بالشيء بصورة جيدة , وهنا يظهر الدور الحساس والهام لعلماء الدين في المجتمع وإصلاحه , ولهذا الدور أهمية كبيرة في تكوين النفس البشرية فإنهم بذكرهم لمفاسد الذنوب والرذائل الأخلاقية من ناحية , وذكر محاسن العبادات والفضائل الإنسانية من ناحية أخرى , يردعون الناس عن الذنوب واللهاث والعدو خلف الشهوات والملذات , ويشجعونهم لذكر الله وثواب الآخرة.