النور رمز الوحدة... الظلمة رمز التشتت!
إن النور والظلمة من الأضداد وهما من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، مع أن الفلاسفة والمختصين بالعلوم الطبيعية يعرفون أن الظلمة هي انعدام الرؤية، وأن النور رؤية الأشياء بوضوح.
وهذا يأخذنا إلى إشارة لطيفة وهي أن حقيقة كون الظلام «المادي والمعنوي» مصدراً دائماً للتشتت والانفصال والتباعد، بينما النور رمز التوحد والتجمع.
ولتقريب هذه المسألة إلى الأذهان نضرب مثلاً حياً يراه الجميع، وهو أننا إذا كنا في مكان مظلم نوقد ناراً، ثم لا تمضي إلا دقائق حتى نرى بعض الحشرات تتجمع حولها مؤلفة تجمعاً حياً حول النور، ولكننا إذا أطفأنا هذه النار تفرقت الحشرات كل إلى جهة، كذلك في شؤون حياتنا المختلفة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فنور العلم والقرآن والإيمان الصحيح والسلوك السليم والخلق القويم والتفكير الصائب أساس الوحدة، وظلام الجهل والكفر والنفاق والتعامل السيء والبغض والكراهية أساس التفرق والتشتت.
فعلى هذا من أراد أن يصنع ذلك النور فعليه أن يكون من المصلحين في المجتمع، يسعى إلى توحيد الكلمة على الخير ورمي الخلافات والنزاعات جانباً وبذل جهده في حل المشكلات لإظهار المجتمع بأحسن صورة عن طريق الدعوة إلى مبادئ الإسلام وتعاليمه البنّاءة التي جاء بها رسول الله وأوصى بها الأئمة الأطهار ، وبمحاربة الأفكار المنحطة والخرافات السائدة والقوانين المغلوطة في المجتمع.
مع العلم أن المصلحين في المجتمع يواجهون معارضة شديدة من جانب فريق من المتشددين الانتهازيين الذين يرون في انتشار تلك التعاليم والمبادئ البنّاءة والوصايا الجميلة خطراً يهدد مصالحهم، فلا يتركون وسيلة إلا استخدموها لترويج أهدافهم المشؤومة، ولا يتورعون حتى عن التوسل بالتكذيب والاتهام، والحصار الاجتماعي، والإيذاء والتعذيب، والسلب والنهب، والقتل، وبكل ما يخطر لهم من سلاح لمحاربة أولئك المصلحين.
إلا أن الحقيقة، بما فيها من قوة الجاذبية والعمق، وبموجب السنة الإلهية، تعمل عملها وتزيل من الطريق كل تلك الأشواك، إلا أن شرط هذا الانتصار هو الصبر والمقاومة والثبات.
فهل نستطيع أن نصبر على أذى هذا الجهة المشؤومة؟ وهل سنقاوم كل ما يشتت كلمتنا وتجمعنا؟ وهل سنثبت على توحدنا ومبادئنا؟