لانها امانة!!
من الاشياء الجميلة التي تعلمناها من الماضين والتي مازلنا نحتفظ بها الى الان رغم التفخيخ والتعتيم والترهيب، مفردة تدعى (الامانة)!!
ولاني استشعر كل امانة يحملني إياها الاخرون – مادية او معنوية – قيدا في عنقي، حتى ايفاء حقها، اعذروني اليوم لو جاءت صرختي ممزقة الاحشاء ... منفوشة الشعر... دامية النبرات... وربما مصلوبة في وقت سيأتي!
وقفت أمامهن اتحدث عن: الديمقراطية... السلام... التعلم... الحب... حق الحياة!!
فابتسمن بمرارة: والنفط؟ والكهرباء؟ والبيت؟ ولقمة العيش؟ والاطفال المرضى؟ والمدرسة البعيدة؟ والمستوصف المفقود؟ ورب الاسرة الفاقد للعمل؟ والمطر واوحال الطريق؟.... (ساكتفي بهذا القدر رحمة بالقارئين).
سيدة ضريرة لها ثلاث فتيات صغار وهي من العوائل المهجرة، زوجها ايضا هجرها قبل حين وتزوج بغيرها، رفعت الي رأساً اثقلته الهموم وعلامات الاستفهام: تقاضي من؟ زوجها؟ الحكومة؟ الارهابيين؟ أم تقاضيني انا التي جئت من المدينة اتحدث لها عن السلام والحب وضرورة التعلم ومشاركتها في بناء الحياة وحقها في كل شيء؟ جالت بعينيها الحزينة وقالت: تركني زوجي! هجَرني الارهابيون! كيف اعيش مع ثلاث فتيات صغار! هل يمكنك حل مشكلتي؟!
امرأة اخرى، وثالثة ورابعة وخامسة عشرة وثلاثون...
ما آلمني آنذاك ان هؤلاء القوم لم يروا احدا يزرهم او يسأل عنهم، فلذلك عندما قيل لهم ان هناك من سيأتي ليتحدث لكم ويقيم لكم دورة ثقافية او مجموعة خطابات وعبارات، ظنوه مصباح علاء الدين بيده مفتاح لحل مشاكلهم (وما اعقدها واكثرها)!!
يا ترى ألم يفكر مسؤول في مجلس محافظتنا الموقر، ان يسأل نفسه يوما وهو يسير بحماية رجاله المدفوع ثمنهم من أموال الدولة، كيف يعيش الانسان هناك... او حتى الانسان هنا؟!
ألا يستحق المواطن الذي اعطى صوته لكم، بان تستفسروا ولو لمجرد السؤال عن اوضاعه المعيشية ومفردات حياته اليومية لكي تعطوه ولو انطباعا نفسيا بان هناك من يفكر فيه ويسأل عنه؟!
ألا تستحق المرأة العراقية العظيمة .. العظيمة بصبرها وتحملها ونضالها ومعاناتها .. شيئا من اهتماماتكم ايها السادة والسيدات المسؤولين؟!
لاني اعطيتهن وعدا بان اوصل صوتهن اليكم، والى كل مسؤول في محافظة بابل او بغداد او من يعتبر نفسه مسؤولا في اية بقعة على وجه الارض، لابد ان افي بوعدي لهم.
قال عمر يوماً: لو عثر بعير في الشام سيسألني الله عن ذلك الطريق وتلك العثرة!
وكان الليل يشهد لعلي طوافه على البيوت يسأل عن الارامل واليتامى والفقراء ليصلهم ويمنحهم ويدعمهم مادياً ومعنويًا.
فإلى من ننتمي نحن؟! والى اية امة ننتسب؟!
يا ترى كيف سيصنفنا التاريخ؟!