مَن لصلاة الجمعة إذا غاب إمام جماعتها ؟
قال الله تعالى في كتابه المجيد :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) .(1)
يعد يوم الجمعة يوماً مميزاً لجميع المسلمين , لأنه اليوم الذي يجتمعون فيه للصلاة ولذكر الله تعالى وشكره على نعمه الواسعة ولهذا سُمي بيوم الجمعة وقد كانت العرب تسميه ( يوم العروبة ).
إن الروايات التي جاءت حول الصلاة اليومية تقول : ( إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة ). (2) بينما الآية الكريمة السابقة تحث على صلاة الجمعة بقولها ( فاسعوا ) لتعطي أهمية بالغة لهذه الصلاة فإن الثواب والجزاء الإلهي والبركات التي يحظى بها الإنسان عند حضوره صلاة الجمعة والاستماع إلى الأحكام والمواعظ التي يلقيها إمام الجماعة وما ينتج عن ذلك من تربية روحية ومعنوية لنفس المُستمع لا يمكن مقارنتها بشيء آخر.
- أهمية صلاة الجمعة
إن أفضل دليل على أهمية هذه الصلاة هو الآيات الأخيرة من سورة الجمعة المباركة , التي أمرت جميع المسلمين وأهل الإيمان بمجرد سماعهم لأذان الجمعة أن يسرعوا إليها ويتركوا الكسب والعمل , وكل ما من شأنه أن يزاحم هذه الفريضة.
وقد ورد في أحاديث كثيرة أهمية صلاة الجمعة نذكر منها الخطبة التي نقلتها جميع مصادر المسلمين عن الرسول : ( إن الله تعالى فرض عليكم الجمعة , فمن تركها في حياتي أو بعد موتي استخفافاً بها أو جحوداً لها , فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره , ألا ولا صلاة له , ألا ولا زكاة له , ألا ولا حج له , ألا ولا صوم له , ألا ولا برّ له , حتى يتوب ). (3)
وجاء في حديث آخر عن الإمام الباقر : ( صلاة الجمعة فريضة والاجتماع إليها فريضة مع الإمام , فإن ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة إلا منافق ).(4)
والروايات كثيرة في هذا المجال , لذا نذكر هذا الحديث الأخير في أهمية صلاة الجمعة , جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله إني تهيأت عدة مرات للحج ولكني لم أوفق . فقال : ( عليك بالجمعة فإنها حج المساكين ) (5) وفي ذلك إشارة إلى أن ما يتضمنه الحج من بركات موجودة في اجتماع صلاة الجمعة.ومن الملفت للنظر أن يعد التاركون للجمعة في صف المنافقين , عندما تكون صلاة الجمعة واجباً عينياً ( في زمن حضور الإمام ) وأما في زمن الغيبة وبناءاً على أنه واجب مخير بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر فإنه لا يكون مشمولاً بهذا الذم والتقريع رغم عظمة صلاة الجمعة وأهميتها في هذا الوقت.
- دور صلاة الجمعة
إن صلاة الجمعة عبادة جماعية ولها أثر العبادات عموماً , حيث تطهر الروح والقلب من الذنوب , وتزيل صدأ المعاصي عن القلوب , خاصة وإنها تكون دائماً مسبوقة بخطبتين تشتملان على أنواع المواعظ والأحكام الإسلامية والحث على التقوى وخوف الله تعالى.
وعلى إمام صلاة الجمعة أن يلقي خطبة الجمعة وهو قائم لا جالس إقتداءً بالرسول المصطفى , فعن جابر الأنصاري أنه قال : ( لم أر رسول الله قط يخطب وهو جالس , وكل من قال يخطب وهو جالس فكذبوه ) (6) وقد جاء في ( الدر المنثور ) أن معاوية بن أبي سفيان كان أول شخص ألقى خطبة الجمعة وهو قاعد.
ودور صلاة الجمعة مهم جداً خاصة وأن من واجبات الخطيب هو التحدث في الخطبتين عن المسائل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبذلك سيكون هذا التجمع العظيم منشأ للبركات والنعم التالية :
1. توعية الناس على المعارف الإسلامية والأحداث السياسية والاجتماعية المهمة.
2. توثيق الإتحاد والانسجام بين المسلمين أكثر لإخافة الأعداء.
3. تجديد الروح الدينية وتصعيد معنويات المسلمين.
4. إيجاد التعاون لحل المشكلات العامة التي تواجه المسلمين.
- دعوتنا لعلماء القطيف الحبيبة
لقد أقيمت في محافظة القطيف صلاة الجمعة في عدد من مدنها وضواحيها بإمامة من العلماء الأفاضل ونحن نتقدم لهم بالشكر والتقدير والاحترام وهذه بادرة جميلة وحسنة وطيبة , ندعو الله تعالى أن تدوم وتبقى , ولكننا نرجو من علماء كل مدينة من مدن القطيف التي تُقام صلاة الجمعة فيها أن تشكل لجنة من علمائها ويعينوا نائباً لكل إمام جماعة لصلاة الجمعة في المنطقة أو بديلاً له , فإذا اعترض الشيخ الأول عارض ولم يستطع القدوم جاء الشيخ الثاني , وإذا ظهر مانع يمنع الشيخ الثاني من تأدية صلاة الجمعة يأتي الشيخ الثالث وهكذا, لكي نستمر على تأدية صلاة الجمعة , لتنزل بذلك بركات هذه الفريضة المباركة على القطيف الجميلة.
فهل علماء المنطقة مستعدون لتكوين هذه اللجنة ؟