عندما يتفييء أطفالنا تحت ظل "حب الخيرللغير"

مفيد صالح *


تعتبر مرحلة الطفولة من اهم المراحل في حياة الفرد فالاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره فالطفل هوالثروة الحقيقية وامل الغد . وفي الوقت الذي نرى فيه من حولنا المشاكل التي يتعرض لها الطفل في العالم من نبذ وقهر واضطهاد واستغلال ومايترتب على هذه المشاكل من اضطرابات نفسية وانحراف وجريمة وادمان، ومانرى ايضا من حالات العنف والعدوان في المدارس وحالات اختطاف وانحرافات سلوكية وخاصة في العالم الغربي . وما نشاهده ايضا من تعرض الطفل العربي الى القهر والعدوان وخاصة في دول الحرب وبعض الظواهر الاخرى مثل ظاهرة اطفال الشوارع والمتسولين، والاحداث .

يؤكد علماء النفس دائما على ان اسباب الاضطرابات النفسية لدى الاطفال، هوخلل في المعاملة مع الاطفال الذين تساء معاملتهم، هم دائما ضحايا للاضطراب النفسي والانحراف . ان الاسرة تعتبر بمثابة النواة الاولى والقالب الاجتماعي الاول التي تنمي شخصية الطفل الراشد في المجتمع وتساعده على تشكيل شخصية بصفة عامة.

نفهم من هذا ان للاسرة دورا هاما وفعالا في بناء شخصية الطفل، فاذا ما اضطربت وتفككت الاسرة كان لهذا الاضطراب والتفكك الاثر السلبي على شخصية الطفل. لقد ثبت لدى الباحثين تأثير السنوات الاولى من العمر في باقي حياة الانسان وقد وجد انه اذا ما لبيت حاجات ورغبات الطفل في الاشهر الاولى الى الطعام والراحة والمحبة وغيرذلك ان يكون حظه في حياة مستقبلية سعيدة . وان الانماط السلوكية الاسرية تحدد ماسوف يفعله الوليد البشري في مقتبل حياته او مايستطيع ان يفعله لكي يحصل على الاشباع والرضا على ذلك في الاسرة التي تكون وتنمي شخصيته . ومن القواعد المتفق عليها الآن ان أول أساس لصحة النفس انما يستمد من العلاقة الحارة الوثيقة الدائمة التي تربط الطفل بأمه ومن يقوم مقامها بصفة دائمة وأي  حالة تحرم الطفل من حنان الأم تظهر آثاره في تعطيل النمو الجسمي والذهني، والاجتماعي وفي اضطراب النمو النفسي . ان الحب لذي يمنحه الابوان لطفلهما يعتبر في حياة الطفل غذاء ضروريا في نموه النفسي، هذا الغذاء لايقل اهمية عن غذائه الجسدي . يؤكد التحليل النفسي التأثير المباشر. أن الأعراض المرضية في الاطفال له رد فعل طبيعي لسلوك الاباء والمربين، الجو الأسرى الحميم والعلاقات بين الأخوة لها أثرها على التكوين النفسي للطفل . وعندما تفشل الأسرة في توفير المناخ الذي يساعد على تعليم افرادها كيف يحققون التوازن بين الحاجات الاتصالية بالاخرين والحاجات الاستقلالية عنهم فان الباب يكون مفتوحا لمختلف صور الاتصال الخاطئ والذي ينتهي باضطراب جو الاسرة وتحويلها لبؤرة للاضطراب بل واصابة بعض افرادها بالاضطراب الواضح الصريح..

باعتقادي ان افضل وسيلة لتثبيت حالة الأخلاق الحسنة لدى الأطفال تكمن في " تعليمهم حب الخير للغير" ، فقد استفزني موقف شاهدته في منزل أحد أصدقائي الأعزاء وقد كان الأب يزرع في عقل وقلب أبنه المدلل انه سوف يشتري له جهاز موبايل أفضل من جهاز ابن عمه أو ابن خاله لا أتذكر بالضبط . وقد كان هذا الموقف بمرأى ومسمع الجميع بمافيهم  ابن العم أو ابن الخال المسكين . فياترى هل يعلم هذا الأب أي صنيع سيء فعله ؟!

يجب أن نعلم أبنائنا حب الخير لبعضهم البعض ولأصدقائهم ولزملائهم ولكل الناس ، لان ذلك سيورث القناعة الذاتية في نفوس أطفالنا الصغار . قال رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : 'لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حتى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه' .

ويكفينا أن نعرف أن هنالك منظمة يطلق عليها اسم "إفعل شيئا" تأسست في العام 1993، كمنظمة تعنى بتقديم الخدمات للشباب والأطفال من خلال مكاتبها المحلية المنتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. هذه المنظمة تعمل بنسبة مئة بالمئة تقريبا بواسطة الإنترنت؛ حيث يزور موقعها  أكثر من مليوني شخص يوميا - أغلبهم من المراهقين والأطفال في الولايات المتحدة وكندا، ولكن البعض منهم من بلدان أخرى من شتى أنحاء العالم - للتعرف على مشاكل العالم، والمشاركة في مناقشات حول كيفية مد يد العون وطرح المقترحات بناء على الدروس المستفادة من المشروعات والخدمات التي قاموا بها في المنظمة والتي قامت على أساس " التخفيف من أعباء الحياة عن الآخرين "

كما تعمل كيسي ريوس، العضو في المجلس الاستشاري للشباب والبالغة من العمر 17 عاما وتنتمي إلى ثانوية برازوسوود في كلوت بتكساس، أيضا رئيسة للجنة الاستشارية للشباب في مجتمعها. وأبلغت ريوس موقع يو إس إنفو بقولها: "إننا نقدم مساعدات عديدة، بما في ذلك تنظيم عمليات التنظيف في أنحاء المدينة أو في أنحاء المقاطعة وعمليات تنظيف الشواطئ وتوزيع أكياس النفايات على جميع العاملين في مهرجان الأضواء وفي يوم الكثبان لجعل عملية التنظيف التي تعقب ذلك أسهل على عمال التنظيف في المدينة.

هؤلاء الأطفال والشباب في هذه المنظمة تجمعوا وفق مبدأ حب الخير للآخرين وكان نصيبهم التفوق وكسب الثقة والاحترام من الآخرين .
 أعتقد نحن أولى بأن نتفيأ جميعا تحت ظلال "حب الخير للآخرين" بسبب توافر المثل العليا لدينا من " محمد وآل محمد " ومن سار على نهجهم من العلماء المخلصين.

القطيف - طالب دراسات عليه بجامعة الملك سعود
قسم الكيمياء الحيويه