أسباب التشنج الشيعي ــ السني

استطلاع لـ «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات» حول أسباب التشنج الشيعي ــ السني

ثلثا سنّة لبنان: أميركا لا إيران تشكّل خطراً على العراق


 أجرى «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات» استطلاعاً للرأي بهدف مقاربةأسباب التشنّج بين الشيعة والسنّة في لبنان لتبيّن ما إذا كانت هناك خشية سنّية من مقولة «الهلال الشيعي»، وما إذا كان الشيعة يعتبرون أنفسهم جزءاً من هذا الهلال، وهل يطمحون الى تقليد النموذج الشيعي في العراق (الوصول إلى الحكم)، وهل موقفهم من العراقيين محكوم باعتبارات طائفية؟ نُفِّذ الاستطلاع بين 25 و28 آذار الماضي، وشمل عيِّنة من 500 مستطلَع (مناصفة بين السنّة والشيعة)، واعتمدت منهجية إحصائية تلحظ التوزع المناطقي، بالإضافة إلى الفئات العمرية المختلفة من الجنسين

  • قراءة في نتائج الاستطلاع

تزايد الحديث أخيراً، في وسائل الإعلام العربية والغربية، عن «الصعود الشيعي» في العالمين العربي والإسلامي، رابطةً ذلك بتسلّم الشيعة السلطة في العراق، وما رافق ذلك من تزايد حدّة الانقسام الشيعي ــ السنّي، وانعكاساته على لبنان.

السؤال الأول: إذا طُرح على الشيعة أخذ حقوق سياسية إضافية في مقابل تسليم سلاح المقاومة، هل توافق أم لا؟

كشف الاستطلاع رفض نحو 97% من الشيعة أخذ حقوق سياسية إضافية كبديل من تسليم سلاح المقاومة.

السؤال الثاني: ما هو العامل الأهم الذي أدّى إلى الاحتقان بين السنّة والشيعة في لبنان؟

عزا 35% من المستطلَعين السنّة سبب الاحتقان الى التحالف القائم بين «حزب الله» وسوريا، فيما اعتبر 32% منهم أن عدم موافقة الحزب على إقرار المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو السبب، وأرجع نحو 16% من السنّة الاحتقان إلى «الاتهامات التخوينية» التي وُجّهت الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة خلال عدوان تموز. في المقابل، كشف الاستطلاع أن نحو 63% من الشيعة يردّون سبب الاحتقان الى تحالف حكومة السنيورة مع أميركا وفرنسا، ونحو 20% منهم الى موقف حكومة السنيورة من المقاومة خلال الحرب.

السؤال الثالث: هل الموقف الأميركي في كل من لبنان والعراق سلبي أم إيجابي؟

كان هناك إجماع عند الشيعة على أن الدور الأميركي في البلدين سلبي، فيما اعتبر نحو 30% من السنّة أن هذا الدور إيجابي في لبنان.
السؤال الرابع: هل تعتبر الحكومة العراقية حكومة وطنية؟

اعتبرت غالبية كبيرة من الشيعة بلغت نحو 75% منهم، أن الحكومة العراقية حكومة غير وطنية في مقابل نحو 88% من السنّة.
السؤال الخامس: هل هناك دوافع مقبولة تبرر الموقف الشيعي العراقي الرسمي المتحالف مع أميركا في العراق؟

رأى نحو 76% من السنّة أن الموقف الشيعي العراقي الرسمي المتحالف مع أميركا غير مبرر وكذلك قال نحو 60% الشيعة.
السؤال السادس: من هي الدولة التي تشكل الخطر الأكبر على العراق، أميركا أم إيران؟
أجابت غالبية سنّية بلغت نحو 65% بأن أميركا هي مصدر الخطر على العراق في مقابل نحو 28% منهم اعتبروا أن إيران هي مصدر الخطر، فيما أجاب نحو 99% من الشيعة بأن أميركا تشكل هذا الخطر.

السؤال السابع: من هي الدولة التي تشكل الخطر الأكبر على إسرائيل؟
اعتبر نحو 90% من الشيعة و60% من السنّة أن إيران هي التي تشكل هذا الخطر على إسرائيل.
السؤال الثامن: هل تؤيد حيازة إيران السلاح النووي؟

أيّد نحو 52% من السنّة هذا الخيار (الجدير ذكره أنه في استطلاع حول حيازة إيران السلاح النووي كان أجراه مركز بيروت ونُشر في صحيفة «الحياة» بتاريخ /5/2006، أيّد نحو 64% من السنّة حيازة إيران السلاح)، فيما أيّد نحو 96% من الشيعة هذا الأمر.

السؤال الحادي عشر: أي من سياسات هذه الدول (الأردن، مصر، السعودية، إيران) تؤدي خدمة للمشروع الأميركي في المنطقة؟
اعتبر نحو 48% من السنّة أن سياسات دول عربية سنّية (الأردن، مصر، السعودية) صديقة لأميركا تؤدي خدمة للمشروع الأميركي في المنطقة، مقابل نحو 11% منهم أجاب بأن سياسة إيران تخدم هذا المشروع، فيما اعتبر نحو 81% من الشيعة أن سياسات الدول العربية الثلاث هي التي تخدم المشروع الأميركي.

  • الاستنتاجات

كشفت نتائج الاستطلاع أن دوافع الاحتقان السنّي ــ الشيعي في لبنان سياسية داخلية، منها موقف الشيعة المتحالف مع سوريا، والموقف من حكومة السنيورة المتحالفة مع أميركا وفرنسا. وهذا ما يؤكد قناعة سائدة أنه لم يكن هناك تشنّجٌ مذهبي في تاريخ العلاقة بين السنّة والشيعة في لبنان، إذ كان للطرفين دائماً موقف واحد من القضايا المتعلقة بلبنان والمنطقة.

مع ذلك لا بد من ذكر بعض الفوارق بين الآراء المبدئية للمجموعات إزاء سياسة أميركا في المنطقة وسياستها في لبنان. وتعود المفارقة الى الموقف الأميركي المؤيد لإقرار المحكمة الدولية وللوقوف بقوة إلى جانب حكومة السنيورة.

وعلى رغم الحملات القوية التي تُشنّ على إيران في لبنان وفي المحيط العربي واتهامها بقيادة حملة لتشييع السنّة، وتحريض الشيعة على إسقاط حكومة السنيورة، وتحويل لبنان الى مستتبع لـ«الهلال الشيعي»، بدا من الإجابات عن الأسئلة المطروحة حول إيران أن سنّة لبنان لا ينظرون إلى هذا البلد كمصدر خطر على العرب ولا على السنّة، بل إن المصدر الحقيقي للخطر عليهم يتمثل في إسرائيل وأميركا.

  • موقف الشيعة

أظهرت النتائج المستخلصة أن مواقف الشيعة في لبنان تدحض مقولة أنهم يتطلعون إلى شيعة العراق كرمز للشعور بالاستقواء والوصول إلى السلطة. إذ تبين أن الأولوية لدى الشيعة في لبنان، وفي مقدمهم «حزب الله»، هي موضوع المقاومة وما يتصل به من دون أن يشكل موضوع السلطة وتعزيز حصتهم السياسية فيها أولوية لهم على نحو ما هم عليه غالبية الشيعة في العراق، وذلك بخلاف ما يُنقل في الإعلام الغربي عن مراكز سياسية وأكاديمية. وتظهر النتائج أن شيعة لبنان وشيعة العراق على تباين في المواضيع السياسية المتعلقة بالمنطقة بعيداً من الخلط الحاصل بين الروابط الثقافية ــ المذهبية والروابط السياسية. فيما يستنتج من الإجابات عن الأسئلة المتعلقة بدور إيران، أن علاقات شيعة لبنان مع إيران تقوم على عاملَيْ السياسة والدين بخلاف شيعة العراق الذين تربطهم بإيران علاقات دينية بالدرجة الأولى.

لم يؤثر التوتر الطائفي في العراق والتشنّج السياسي في لبنان على الخيارات السياسية والاستراتيجية لدى الشيعة أو السنّة. فالشيعة لم ينجرّوا الى تأييد حكومة نوري المالكي لمجرد أنها شيعية، والسنّة لم يتّهموا إيران بتشكيل خطر على العراق والسنّة لمجرد أنها شيعية.