تفجيرات سامراء : من، لماذا و ماذا ؟
- مدخل:
من قام بهذه الجريمة الشنيعة؟ بالكاد هي جهة شنيعة، لأن الدال و المدلول متلازمان، و عليه لاداعي للتفلسف و التساؤل بمنطق مغولي أو بيزنطي بليد، الحقيقة واضحة أو هي قبيل" من أشكل الإشكالات توضيح الواضحات" إلا أن سماسرة العرب و الشرق الأوسط و الأدنى و الأعلى و ما هنالك من تضاريس سياسية يذهبون كعادتهم لتمويه الأحداث و تلبيسها على عقول المستحمرين الجدد، كما حدث بتنظير مغاير لإعدام الطاغية صدام ...بالمختصر البسيط إنها فنون الخداع الإعلامي و السياسي...
إن المقصود المركزي في مثل هذه الصرخات الجاهلية و الإستكبارية و الإسقاطات الإستحمارية التي تتعلق بالعراق و فلسطين و لبنان و السودان و الصومال و إيران، ليس العربي أو العجمي ...إنه الإسلام الأصيل...هذا الدين الإنساني الذي يضيق منه شياطين الإنس عبر الزمن الإسلامي كله فيبذلون الغالي و النفيس لتشويهه بأبشع الصور مستعبدين في ذلك حمقى و تجار الدم من بني جلدتنا و من يتشدقون بإسلام مقلوب و مفرغ من قيمه الإنسانية...كل هذا من خلال المساس بالرمزية المقدسة للمسلمين لكن بالتدرج ، حتى تقاس درجة حرارة التفاعل الجماهيري و الوعي الإسلامي بخصوص واقع المسلمين و ما يحدث لمقدساتهم، و سامراء الإباء التي كلنا يعلم أنها تاريخيا ذات علاقة جوهرية بالمستقبل الإسلامي كما العراق الجريح كله ، يتم التركيز عليها بالتفجيرات الإرهابية و التشويهات والتلفيقات الإعلامية و المحاكمات الطائفية ، و استخدام قدسيتها في إشعال نيران الفتنة بين المسلمين...
لأن هذا كله يخدم المشروع الإستراتيجي للاستكبار الصهيوني العالمي بالمجان و هو بمثابة فتح فواصل إعلانية للعرب و المسلمين يتوقفون عندها ببلادة كعادتهم و في الكواليس يعيد المستكبر ترتيب ديكور العالم بما يرجح كفة القوة له ...لأن المأزق السياسي الذي ترسله بغداد لواشنطن بات يؤرق فراعنة البيت الأبيض فاستنجدوا بشياطين تل أبيب ليطبخوا طبخة من تخصصات القاعدة ، و بالتالي يبقى مصير العراق يعيش " الدور" مقابل مشاريع المحافظين الجدد...
و عليه و من خلال العديد من الأبعاد الزمكانية و بالاعتماد على المستجدات السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الأمنية العالمية و كذا البرمجيات الإستراتيجية ، تكون تفجيرات سامراء الثانية ، ذات دلالة واحدة عنوانها: نحو فتنة طخياء عمياء في العراق ...تعم العالم الإسلامي ككل... !
و الأحمق يذهب في محاولات بليدة لاختزال ما يجري و تزكيته ليكون حرب سنية –شيعية ، هذا لا احسبه إنسان –حتى لا أقول مسلما- لأن العمالة تختزن في مورثاتها البلادة و الجبن لذلك يسعى أصحابها لاحتقار الناس و في واقعنا لاحتقار المسلمين بكل قومياتهم و مذاهبهم ، لكن النبهاء يدركون تمام الإدراك لماذا يقتل كل مرة نائب من فريق السلطة بلبنان و ينفلت الوضع الأمني بغزة بعد الصلح و يلتقي حكماء الشرق الأوسط و يعزم الأمير فيصل زيارة طهران و تغيب إعلاميا كوندليزا رايس عن المسرح السياسي العربي، ثم ماذا وراء تكريم شيطان أوروبا لسلمان رشدي؟؟؟
هذا السيناريو كله و بتفاصيله الأخرى التي يسع حجم المقال ذكرها محاك في مختبر واحد و يقصد بؤرة واحدة و يوحي بأن التفجيرات ذات مقاصد فتنوية طائفية مقيتة إجرامية عنصرية اسمها" الفوضى الخلاقة"...
لذلك أيها المسلم النبيه ككل و الشيعي بالأخص...حذاري ! ثم حذاري ! أن تكون كابن الحلوب ضرعا فتحلب أو ظهرا فتركب... إنك موال من قال: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور إلا عليّ خاصة" و أخرج أي المؤمن بالحق ناطقا و اصدع بالإسلام الأصيل و ارحم أخاك في الدين و نظيرك في الخلق، لأن إنسانيتك في التشيع هي إنسانية ربانية تتخلق بأخلاق الله التي أوصانا بها الأطهار عليهم السلام ...والإدارة الأمريكية شيطان يجب اتخاذه عدوا كما إسرائيل ورم فرعوني مستكبر لا يجتث بالبلادة و النفاق و العجب و التعصب و السباب و لكن بالحكمة الإسلامية التي أول ما تتطلب الوحدة الإسلامية في إرساء معالم الإسلام الأصيل في المعمورة... "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ " (البقرة/216)
أيها المسلم التقي اقرأ واقعك و آلامك بعقلك المؤمن لا كما تريد وسائل الإعلام و وعاظ السلاطين لك أن تقرأ، لأن الغالب الأعم من هذا كله يحمل رسالة اسمها الرصيد البنكي و السفرة الدسمة بعيدا عن الصلاة التامة و التقوى القائمة ...و قبل أن نبدأ بالإجابة شيئا ما على "ماذا؟" و ما يتفرع عنها من استثمارات متعددة الأزمات، لابد أن نستوعب حقيقة واقعنا الإسلامي عموما و الشيعي خصوصا و ما يكتنفه من جمود حركي إصلاحي و خوف تعصبي و تخدير سياسي و اقتصادي و إبر هذا التخدير هي الفتن الأمنية و الصراعات العلمائية و العجب و التعصب المستشري في أوساطنا الثقافية و الأمراض الاجتماعية ...شيعة أهل البيت عليهم السلام في هذا الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية ، يجب أن يمثلوا المصحة الإسلامية و الحكمة الإسلامية كما كان أئمة الهدى عليهم السلام عبر الزمن الإسلامي ككل هم ملاذ الهاربين و العارفين بكنه الأمور و المرشدين للتائهين إلى سبل السلام و الخلاص من حالة التخدير و الغيبوبة الشاملة...لابد من استدراك الدور الرسالي السليم من التخندق و التميز و التعصب...لأن إخواننا السنة قلة قليلة منهم مستوعبة للمحنة الإسلامية ككل، و عليه مدخل الجواب على "ماذا" هو تلاحم الفكر الشيعي و تعبئته و تواصله مع الوسطية السنية الرشيدة لملأ الفراغ الثقافي وحمايته من الفيروس التكفيري لصد المد الصهيوني الكاسح لقلاع الأمة الإسلامية...
إذن هناك ضعف و خبال جواني على مستوى العلاقات الإسلامية الجوهرية لابد تداركه بإصلاح ذات البين و صدق التواصل الإسلامي-الإسلامي و ديمومته...
- و تأتي في المقدمة:
• الطبقة العلمائية و على رأسها أقطاب المذاهب الإسلامية،يجب التخلص من الرواسب التعصبية المفرطة التي أتت على الأخضر و اليابس و تناست القضايا المصيرية و تغافلت عن الحكمة الإسلامية و الولائية التي أساسها الأخلاق الإسلامية الفردية و الاجتماعية...
• المملكة السعودية و الجمهورية الإسلامية في إيران، يجب فتح حوار جاد بعيدا عن السمسرة السياسية و أيضا عملاء الشرق الأوسط.
• نهوض المراجع و العلماء و المثقفين و الإعلام الإسلامي النزيه و الأحزاب الإسلامية ، بتفعيل لقاءات لمناقشة المستجدات و الإنفاق على جداول عمل لتوحيد المواقف الإسلامية.
• رفع صوت الوحدة في كل المنابر و الخطب بالمساجد و الحسينيات و المنتديات الثقافية و السياسية
• تنقية الخطاب الإعلامي بكل أشكاله من اللغة العنصرية و التحريض الطائفي و فضح المؤامرات الإعلامية الطائفية.
• إحياء سنة الدعاء بخشوع و خضوع للم الشمل و توحيد الصف الإسلامي في تجمعات إسلامية( سنة و شيعة) خاصة في صلاة الجمعة (ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) ( العنكبوت/45)
• فتح صناديق للتبرعات لإعادة بناء الأماكن المقدسة التي تعرضت للاعتداءات الإجرامية الصهيونية...
• تقديم المساعدات و الهدايا للفقراء و الأرامل و الأيتام ...
• إنشاء مؤسسة أمنية مستقلة تتكفل بحفظ أمن و سلامة الأماكن المقدسة.
• إنشاء منظمة حقوقية عالمية خاصة بالدفاع عن الأماكن المقدسة الإسلامية
• إطلاق مؤسسة إعلامية " شعائر الله" تعنى بالتعريف بالأماكن الإسلامية المقدسة كتخصص إعلامي استراتيجي لكشف التمويه التكفيري.
• الدعوة إلى تصفية الساحة الجهادية بالعراق من الجراثيم الصهيونية و الفكر التكفيري و العمل على تنقية العراق من التكفيريين و ملأ الأبواق الطائفية بتراب الصوت الوحدوي .
• العمل على إنشاء صرح ثقافي إسلامي حركي يتكفل بنشر ثقافة التعايش الإسلامي.
- في الختام:
علينا وعي حقيقة التشيع ، فأمير المؤمنين عليه السلام ، بعد أن خرج من الشورى بعد إنتخاب الخليفة الثالث عثمان بن عفان قال: لنا حق ، فإن أعطيناه ، و إلا ركبنا أعجاز الإبل و إن طال السرى" (نهج البلاغة ، قصار الحكم 22)
ينقل الأستاذ الفاضل عبد الوهاب حسين حفظه الله و رعاه في خطبة له بتاريخ 25 يناير 2002 في استقرائه لهذا الحديث (لهذا الحديث تفسيران: التفسير الأول: وهو للشريف الرضي، حيث يشير إلى أن ركوب أعقاب الإبل فيه كناية عن الذل، بمعنى أن هذه الحقوق ترتبط بكرامة وعزة الإنسان، فإذا لم يحصل عليها عاش الذل والمهانة.
التفسير الثاني :وهو للشيخ محمد عبده ، وفيه يقول بأن ركوب أعقاب الإبل كناية عن ركوب الصعاب ، أي لنا حقوق فإن أعطينها وإلا ركبنا الصعاب من أجل الحصول عليها لأن في ذلك عزتنا وكرامتنا والبديل عنها الذل والهوان ، وكما علمنا الحسين نقول : ( هيهات منا الذلة ) ، وفي القرآن الكريم : ( ولولا دفع الله الناس بعضها ببعض لفسدت الأرض ) وأحد مصاديق هذه الآية هو المطالبة بالحقوق ، فإذا لم تكن هناك مطالبة بالحقوق فالنتيجة هي الفساد في الأرض ، وصلاح أمر الناس نتيجة المدافعة المذكورة في الآية السابقة ، وأحد أشكال المدافعة المطالبة بالحقوق.
فرق كبير: هناك فرق كبير بين الحقوق الخاصة والحقوق العامة ، فمن مكارم الأخلاق أن يتخلى أو يتنازل الإنسان عن حقوقه الخاصة أيا كان هذا الحق ، ولكن فيما يتعلق بالحقوق العامة لا يجوز التنازل لأن الحقوق العامة بمثابة ميزان الحياة ، وإذا اختل هذا الميزان فسدت الأرض كما في قوله تعالى : ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) ، فالحياة لها ميزان والحقوق ميزانها فإذا أعطيت هذه الحقوق كان الصلاح وإلا فالفساد )
أحبتي لقد مر أمير المؤمنين عليه السلام و كل أهل البيت عليهم السلام بأكثر من ظروفنا بل أعظم و أدهى لأن الابتلاء درجات و عار علينا أن نتشيع لأهل البيت عليهم السلام و نقول بمودتهم و ننتمي لعلي الكرار التقي النقي الإمام الهمام ثم ننقلب على خصاله و لا نقتدي به عليه الصلاة و السلام ... !
(ماذا؟) جوابها الحقيقي في حقيقة إسلام و إيمان كل واحد منا فمن كان مسلما مؤمنا تقيا نقيا عارفا بإمام زمانه و مسؤوليته الإسلامية و واعيا لحقيقة دينه الأصيلة النقية فلينهض و ليجاهد و ليعمل لوحدة المسلمين، فالله عزوجل قال في محكم تنزيله :
"وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (التوبة/105)