مفردات البداية والإستمرار (1)

يركز علم الإدارة الحديث على الخطوات الأولى لبناء المؤسسات والمنظمات التجارية أو الخيرية على حد سواء والتي تعد الركيزة والدعامة الأساس لنجاح المشروع واستمراره، وهنا محاولة للربط – ما أمكن- بين مؤسساتنا الدينية والاجتماعية وبين بعض ما جاء في بطون الكتب الإدارية الأجنبية من طبيعة الثقافة المعمول على ضخها في الجهاز المؤسسي المكون من أفراد الذين هم عماد للمنظمة.

فمن الأولويات التي تبدأ بها المنظمات في خلق نسيج متماسك قيامها ببث ثقافة معينة Culture للأعضاء العاملين ضمنها من أجل توحيد أو تقريب وجهات النظر بين الأفراد والتعريف بالمنظمة خارج نطاقها من خلال مجموعة القيم  Values المكونة لتلك الثقافة إيجابية كانت أم سلبية وذلك من أجل الوصول إلى منظومة متكاملة من الأفكار والرؤى المتداخلة التي تعمل على الأخذ بيد المنظمة أو المؤسسة الربحية إلى درجة رفيعة من العطاء والإنتاج ما يجعلها واحدة من كبرى المنظمات القائمة.

 وهنا لابد لنا من اقتباس المفردات الإدارية المعمول بها في المنظمات العالمية والمحلية والتي تعتبر دساتير ناجحة لتقدم تلك المنظمات والشركات ذات الطابع الربحي في محاولة منا لربطها بواقع مؤسساتنا الاجتماعية مع محاولة التجديد والتحديث لتلك المفردات حتى تتناسب وطبيعة المؤسسات واللجان في المنطقة.

  • بعض المفردات:

 
- أولاً: الإدارة والأفراد:

 إن من الأمور الأساس في نجاح أي مؤسسة أن يكون أفرادها على ارتباط دائم وتواصل مستمر مع قمة الهرم الإداري المتمثل بالإدارة العليا للمؤسسة، حيث انحدار التوجيهات ومتطلبات إنجاز المهام، وصعود التغذية الراجعة Feedback من قبل الموظفين للإدارة العليا، وهنا ينبغي وجود إدارة مركزية للجان والمؤسسات منتخبة من قبل أعضاء مجلس الإدارة تقوم بالجانب التوجيهي أكثر منه في جانب الأمر والنهي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المنظمات الاجتماعية من كون العاملين فيها من المتطوعين لا الكسبة.
 ويتطلب من أعضاء وأفراد اللجان الاجتماعية أن يكونوا على اتصال دائم بالإدارة التي بمباركتها يتحقق النجاح والاستمرار للمشروع إذا اتصفت بالحكمة والتقدير لجهود العاملين ضمن إطار المنظمة حتى يتحقق العطاء والإنتاج من طرفي المعادلة كل واحد منهم للآخر وللمجتمع أخيراً.

-  ثانياً: ولاء العاملين للمنظمة:

 تقوم الشركات والمنظمات في الدول المتقدمة بإعداد برامج وخطط إستراتيجية تطبق على الوضع الداخلي لتلك المنظمات من أجل الحفاظ على ولاء الموظفين لها والحفاظ على هيكلها العام لتحقيق الأهداف العامة وضمان بقاء الموظف في جهة العمل إلى فترات زمنية طويلة تكون المنظمة خلالها قد أنجزت الكثير من الرؤى التي تساهم في تقدمها بين المنظمات القائمة، وبنظرة للجان الدينية – الاجتماعية في المنظمة يتضح لنا مدى العجز والخلل في هذا الجانب خاصة مع انضمام أفراد جدد للمؤسسات وعزوفهم عن العمل أو انضمامهم لمنظمات خيرية أخرى ربما كانت محفزة للعمل بشكل أفضل من المنظمة السابقة، ومن هنا ينبغي من إدارات اللجان عمل البرامج اللازمة التي توثق ارتباط الفرد باللجنة التي يعمل ضمنها واستقطاب كفاءات أو مؤهلين جدد للعمل في الأنشطة التي تتيحها اللجنة والمؤسسة الاجتماعية لجميع العاملين تحت لوائها في ظل غياب الحافز المادي والعمل ضمن إطار الإيمان بثقافة العمل التطوعي، ومن أحد أهم الأسباب في نجاح هذه المهمة هو إعطاء عضو المؤسسة اهتماماً كبيراً وإشعاره بأن له أهمية كبيرة وأن ما يقدمه من أفكار هي بالفعل أفكار رائعة حتى يتسنى له تقديم المزيد المزيد من بنات أفكاره كلما وجد الاهتمام بها وتطبيقها فعلياً ضمن برامج العمل.

- ثالثاً: ثقافة المنظمة والأفراد:

 من أهم الركائز الأساسية لإشهار المنظمة وامتيازها بين بقية المنظمات والمؤسسات كونها واحدة من المنظمات التي يمتاز المنتمون إليها بثقافة خاصة مميزة تجعل منهم أفراد قادرين على التعامل مع الآخر وبث للثقافة التي تتبناها المنظمة وبالتالي تميزها عن المنظمات الأخرى القائمة واحترام الآخر لخصوصياتها الثقافية. حيث تعمل المنظمات والشركات والمؤسسات واللجان المختلفة حول العالم بتثقيف موظفيها بثقافة خاصة ضمن سياسة وأولويات العمل، ورسم الأخلاقيات المتعلقة بالعمل الخيري أو الربحي ، إذ يُتطلب من كل مؤسسة اجتماعية - دينية أن تقوم بتثقيف المتطوعين فيها بثقافة تقوم على التسامح واحترام الآخر وتقدير عمله إضافة إلى بث ثقافة الإطلاع على أحوال ومجريات مختلف الأمور ومعالجتها بالطريقة السليمة التي تجعل من الفرد شخصاً قادراً على استيعاب الظروف والعمل على تجاوزها نتيجة العمل بالثقافة التي يتلقاها بشكل دائم من خلال البرامج المعدة لمختلف الأمور التثقيفية، وبالتالي إعطاء كامل المجتمع انعكاس إيجابي لأفراد هذه الجهة على أنهم نتاج لتربية المؤسسة التي ينضوون تحت لوائها وبالتالي إعطائها مكانة رفيعة بين مؤسسات المجتمع المدني الأخرى.