المُجاملة مفتاح ٌ لأخذ المُبـتغى
موضوعي اليوم هو ( المُجاملة ) وخصّصتُ له محورين هما :
1 ) المحور الأول : المُجاملة في العلاقة الزوجية .
2 ) المحور الثاني : المُجاملة في العلاقات الأخرى( الصديق ـ الأقارب ـ الزملاء ـ الجارـ الوالدين ـ وغيرهم ).
المُجاملة في العلاقة الزوجية
في بعض الأوقات تحصل مُجاملات بين الزوجين فالبَعض يرى أنها إيجابية وكان يُحبّذها والبَعض الآخر كان ينفر منها وينتقدها بشدة ، دعوني أبدئ معكم بهذا السؤال :
ما هو رأي الزوجة في الزوج المُجامل ؟
من كانت ُتحّبذ المُجاملة وترى بأنها إيجابية تقول: هي كلمة ٌطيبة يتلفظ بها الزوج بالمدح والثناء وبإطراء ٍ مُبالغ ٍ فيه قد يجعلني في موضع الشك وعدم القناعة التامة بحديثه ولكن مُجاملتهُ لي لا تزعجني لأنه سوف يُدخل السرور إلى قلبي ويُخاطبني بجميل الكلام وأرى إذا كان يُجامل الناس فلماذا لا يجامل زوجته من باب أولى ؟ وأنا أعترف بأن الكلمة النابعة من َصميم القلب هي الأفضل في الواقع، وتقول يُعاملني بمُجاملة أفضل من أن ينتقدني النقد المُباشر ويُقلل من شأني ... مثلا ً ( لبسكِ كذا ورائحتكِ كذا وطبخكِ كذا) وانتقادات مُزعجة وتتحّول علاقتنا إلى مُشادة ومُشاحنة، وفي نظري هذه المُجاملة تظهر منهُ بشكل ٍ لا إرادي لأنه يتوّجب عليه إشباعي عاطفياً للتأكيد على مدى الرابطة والحُب، وتقول أيضاً أن المُجاملة هي نوع من أنواع الذوق إذا وضعت في محلها الصحيح ووقتها المناسب سوف تكون مقبولة وربما تكون المُجاملة في بعض الأحيان لرفع المعنويات والتشجيع، وربما تكون أيضاً نابعة ٌ من القلب صدقاً، فالمُجاملة في نظري شيئاً مقبول فمن يكره بشاشة ُالوجه وابتسامة ٌدائمة وكلمـــــــــة "ما أحلاك ِ ... ما أجملك ِ ... ما ألذ طبخكِ .. أو كلمة آمري وتدللي " وغيرها، وفي بعض الأحيان وعند حدوث المشاكل العائلية بين الزوجين يضطر الزوج للمُجاملة لتلطيف الجو لإنهاء النقاش الحاد وحل المُشكلة، وتقول أيضاً مُعاملته لي بإعطائي هدية ٍ في عيد ميلادي أو أي مناسبة ٍ كانت سوف تكون قيمتها عالية بغض النظر عن قيمتها المادية ثمينة ٍ كانت أو رمزية فإنها سوف تفرحني لأنها من شريك حياتي فهذه مجاملة ٌ إيجابية، لو بالغ في وصفه لي بالأشعار وأنا أشك أنها كلمات معسولة ومُلفقة في النهاية إنهُ خاطبني بأجمل كلمة وأشعرني بأنوثتي ولم يُزعجني بالتطاول عليّ بالصُراخ والشتم، وترى أيضاً أن الزوج المُجامل يُحافظ على ديمومة العلاقة الزوجية واستمرارها بأي طريقة ويهدف إلى تواد وتحبيب كل طرف بالآخر وللتقرب منه بإفشاء عبارات حسنة وأسلوب جيد لتحبيب الخاطر، والمُجامل هو يسعى لحَسم الخلافات الزوجية وتمتينها وتقويمها، والمُجاملة أيضاً هي أسلوب من أساليب اللباقة والبُعد عن اللهجة الجافة والسَعي لتبديد حالات الشقاق وفض النزاع والقضاء على انعكاسات الرتاتة الزوجية، فالمُجاملة طريقة لينة ومُهذبة ُتكسَب بها القلوب.
أما من كانت ترى أن المُجاملة سلبية ويجب القضاء عليها وقطعها من جذورها كانت تقول: أن المُجاملة هي البُعد عن المُصارحة وأنها توقع الزوج دائماً في مواقف مُحرجة لعدم صراحته وأن الصراحة وعدم المُجاملة أفضل في كل الأحوال كما يقال " الصراحة راحة " وتقول أيضاً المُجاملة قد تحرك الزوج إلى الوراء وأنه ما إن أقدم على المُجاملة فإنه يخفي شيئاً ما بداخله، وتقول أيضاً أن لجوء الزوج للإطراء المُصطنع هو أسلوبٍ تافِه لأخذ مُتطلباته ولتغطية ومداراة عيوبه أو لنيته على عمل شيءٍ أكرهه، وأن المُجاملة وسيلة الزوج للحصول على غايته وهدفه، وأنها دُبلوماسية ومُداهنة وأسلوب من أساليب النِفاق وأنها نسج الكلام العَذب والسَجي للبُعد عن الحقيقة وجَعلِها مطموسة، وتقول أيضاً لماذا يُجامل الزوج ؟ ما هو العيب في أن ينتقدني النقد البناء والهادف إلى الصواب، وتقول أيضاً إذا كان يُجاملني فسوف يُجامل أولاده والمُجاملة في الأمور التربوية تحتاج إلى مُعاملة ٌ حازمة ٌ وصارمة، وتقول أيضاً إن كثير المُجاملة كالكذاب حتى لو خرجت منه كلماتٍ صادقة فسوف تحُسب من مُجاملاته وأكاذيبه وإنه بالمُجاملة يخفي أخطاءه لكسب رضاء الزوجة وهي حيلة ُالزوج لاستحواذ مبتغاه وأنها كلمة ٌ معسولة أو أكذوبة بمعنى أصح يخرجها الزوج عندما يكون في خندق الزلة ُ والخطأ ولا أحب هذه الصفة ُفي زوجي وأن يكون أستاذاً في المُجاملة وتجري في عروقه بكيل المدح لي بدون حساب.
ما هو رأي الزوج في الزوجة المُجاملة ؟
بعض الأزواج يرى مُجاملة المرأة إيجابية فعندما ُتبادر بمُجاملتي ( أنت أنيقٌ وشلك وسيم وبُنيتك قوية ) ... وغيرها قد لا أكون مُقتنع بكلامِها ولكنها سوف ُتسعدني وأحس برجولتي أو تضطر لمُجاملتي لدوافع دينية أو لدفعي للأمام مثلا ً في مجال الكِتابة والشِعر وغيرها عقليتك جيدة وأنت صاحب موهبة وما شابه ذلك بأسلوبٍ مبالغ ٍفيه لتشجيعي للتقدم.
أما الأزواج المُنتقدين كانوا قلة ويقولون : نادراً ما ُتجامل المرأة وأن جاملت تضع نفسها في موضع الشك فيجب البُعد عنها لزرع الثقة بينها وبين زوجها.
المُجاملة في العلاقات الأخرى ( الصديق ـ الأقارب ـ الزملاء ـ الجار ـ الوالدين ـ وغيرهم )
البعض منهم كانوا ينتقدون هذه الطريقة وأحدهم يرى أن المُجاملة لو كانت هي الوسيلة الوحيدة لكسب رضاء الناس فلن أعمل بها إلا بشروط ولن أتعّدى حُدودي فمثلا ً المُجاملة لغرض الوصول إلى منصب ٍ معين والتجامل مع من أعلى منك إلى حد النفاق فهذه ليست بطريقة ٍ مُثلى بل هي ذل ٌ وخضوع لغرض المصلحة الفردية.
البعض الآخر كانوا يقولون : أن المُجاملة اختلطت بالمحبة وصعب التفريق بينهما وأصبح لهما تأثيراً كبيراً على ترابط العلاقات بين أفرادها فمثلا ً الذي يُقابلك بشوق ٍ ولهفة وبأحضان ٍ واسعة وبتحية ٍ كبيرة وأسنان ظاهرة ً من مشفرها مع أن الأمر لا يصل إلى هذا الحد فالعلاقة ُ محدودة فهذا يجعلني في شك أو عدم قناعة تامة للتفريق بين حُبه لي أو مجاملتي.
ومن المُنتقدين للمُجاملة أيضاً كانوا يقولون : بأنها سياسة ٌ فاشلة ٌ ومراوغة ومن يتعامل بها صاحب وجهين وهي فجوة ٌ تحتاج إلى توعية وهي لمسة ٌخفيفة يسعى لها الشخص لجذب الآخرين نحوه دون دوافع ٍ وأسباب.
أما من كان يُحّبذ هذه الظاهرة يرى : أن المُجاملة هي مُعاملة ّ لتوثيق العلاقات واكتِسابها ولتسهيل الأمور واختصار الوقت وأصبحت من متطلبات الحياة لإيجاد روابط بين الأفراد وهي تجعل من حولي سعيد ٌ مني ولا نستطيع اليوم العيش بدونها، ويقول أيضاً أن مُصارحتي لغيري ونقدي له قد لا تضرني بشيء ولكن الطرف الآخر قد ينزعج ويتمنى أن أجُامله بكلمة ٍ أفضـــــل .... وعلينا أن نعترف بأننا نعيش في مُجتمع ٍ تسود فيه المُجاملات.
وآخر من المُحبّذين يقول : سوف أثبت للجميع بأننا كلنا نجامل بعضنا البعض فمثلا ً : مُعاملتك الحَسنة لزمُلائك في العمل مع أنك لا تحُبهم مُجاملة، مُعاملتك مع جارك بابتسامةٍ مُشرقة وبتحيةٍ عطرة ولو افترضنا أنك تأخذ عليه بعض التحفظات هي مُجاملة أيضاً، مُشاركة الناس في المآسي والمسرات مواساة ٌ وتوجيبّ لهم ومُجاملة أيضاً، المُصافحة باليّد ومُعانقة القادم من السفر والغائب وإعادة المرضى مُجاملة، تقبيل رؤوس الوالدين والشيوخ مُجاملة، وهي أيضاً بشاشة ٌ في وجه الآخرين وعدم إظهار العيوب والمُصارحة المزعجة.
وفي نظري أنا المُجاملة لها حدود ونحن من يضعها ولا يجب التعامُل بها في كل وقت ومع من كان لأن عدم تقبّل الغير لها قد تنهي علاقات، وأن المدح والإطراء ليس بصعب ولكن ربما لا يكون في مكانه الصحيح، لكن المجاملة قد تكون لتحسين الوضع إذا ساده التوتر، وليس كل المُجاملون سيؤون فالمُجاملة حلوة ٌ بشرط عدم المُبالغة ُ المُفرطة فيها لأن بعض المواقف حقاً تحتاجُ إلى الصدق والجزم.