عاشوراء.. وإثارة الشبهات والفتن
مع بداية كل عام هجري جديد، تنطلق مراسيم إحياء ذكرى حادثة عاشوراء شهادة الإمام الحسين سبط الرسول الأعظم محمد ، في جميع إرجاء العالم، ذكرى انتصار الدم على السيف، وانتصار الكرامة والإباء والحرية ومقاومة الاستبداد، على الاستعباد والحكومات الدكتاتورية الدموية التي أرادت خطف الإسلام والمسلمين، وتحقق أهدافها الشخصية الظالمة باسم الدين.
وتتنوع وتتطور الفعاليات المصاحبة للذكرى العظيمة بما يخدم الثورة الحسينية الخالدة مع تطور الزمن، وترافق فعاليات الإحياء أجواء حزينة من هول أحداث الذكرى الدموية التي لازالت حية متجددة رغم الفترة الزمنية، ورغم المضايقات ومحاربة شعيرة الإحياء.
- تساؤلات في عاشوراء
وكما هي العادة في كل عام من شهر محرم تبرز العديد من التساؤلات منها:
لماذا احياء عاشوراء مقتل الإمام الحسين بهذا الحجم وبهذه الطريقة، وهل الحسين أهم من النبي وأهل بيته؟
من قتل الحسين: المسلمون العرب، أم السنة أم الشيعة، أم نظام بني أمية، أم قتل بسيف جده!؟
لماذا يحاول البعض تبرئة نظام بني أمية "يزيد ابن معاوية" والقتلة من دم الإمام الحسين، وتحميل الحسين ومحبيه المسؤولية!؟
لماذا قتل الحسين الحفيد الوحيد للنبي بعد وفاة أخيه الإمام الحسن ، وهل وجوده يشكل خطورة على من يدعي الإسلام لكي يقتل بتلك الطريقة البشعة نحرا، ويفصل رأسه عن جسده، ثم تحطم عظامه وجسده الشريف بحوافر الخيول، ويتم قتل أهل بيته أبنائه إلا أبنه علي ابن الحسين زين العابدين المريض، وقتل أخوانه وأقربائه وأبنائهم، وكذلك أصحابه، ثم يتم قطع رؤوس القتلى وحملها على الرماح، وتترك الأجساد على الأرض بدون دفن، ثم تأخذ نساء وبنات وأطفال الحسين وأهل بيته (أحفاد الرسول محمد ) سبايا إلى الكوفة ثم إلى الشام مجلس يزيد ابن معاوية مرورا بعدد من المدن والقرى والبلدات!!!
- الحسين والضمائر الحية
عذرا لطرح هذه التساؤلات البديهية لأصحاب العقول الواعية، والضمائر الحية من جميع الأديان والملل والمذاهب، وبالخصوص من الذين يحبون الرسول محمد وسبطه الحسين، الذين يعلمون ويدركون مكانة الحسين الحقيقية من جده خاتم النبيين، وتأتي أهمية ومحبة الحسين بناءا على طاعة الرسول الذي أمر بمحبة حفيده (الحسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسين، حسين سبط من الأسباط)، وان الحسين امتداد طبيعي لجده في حمل المسؤولية الرسالية، وان ثورته ثورة إصلاحية خالدة ذات أهداف إنسانية سامية، ويعلمون بان الحسين قتل شهيدا مظلوما عطشانا..، من قبل النظام الأموي بعدما أوعز حاكم الدولة الأموية يزيد ابن معاوية بأخذ البيعة من الحسين ابن علي أو قتله ولو كان متعلقا بأستار الكعبة!، وإن أسماء من شاركوا في قتل الحسين معروفة لديهم بعدما تم تسجيلها وتخليدها في سجل التاريخ الإنساني الأسود الدموي.
- عاشوراء والشبهات
ولكن هناك بعض بني الإسلام من الذين يدعون محبة الرسول وأهل بيته وأبنائه وأحفاده وسلالته وصحابته..، والسير على منهاجه.. ، قد وقعوا في اشتباه وفتنة وخطأ تاريخي فادح؛ فبني إسرائيل اشتبهوا في أوصاف البقرة فطلبوا من النبي موسى أن يحدد لهم لونها! أما بعض بني الإسلام فقد تشابه عليهم الحق والباطل، والعدل والظلم، والنور والظلام، والقاتل والمقتول، وتشابه عليهم كلام ـ من يرفعون اسمه في الآذان والصلاة والتبرك بذكره ـ النبي محمد إذ قال في حق الإمام الحسن وأخيه حسين (الحسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسين، حسين سبط من الأسباط)، ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)،(الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا)، (الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا).. لقد تشابه على هولاء القوم من يكون الإمام الحسين، وما مكانته من الرسول محمد وما معنى (إمامان قاما أو قاعدا)، وغابت عنهم الأهداف الإنسانية النبيلة لثورة الحسين الخالدة!
- عاشوراء ثورة خالدة
إن عاشوراء مناسبة احتفائية إنسانية عالمية فرضت نفسها على مستوى العالم، لأنها تحمل أفكارا إنسانية نبيلة، يجد الإنسان مهما كان دينه أو مذهبه أو عرقه أو قوميته أو ثقافته بالانتماء للحسين، فهي مدرسة عالمية أفكارها لا تتثاءب ولا تموت مع مرور الزمن، وان إحياءها تبعث في الأمة وقلب كل إنسان روح الثورة والإصلاح والمطالبة بالحقوق والحرية الحقيقية والكرامة والإباء.
- تشكيك وغرائب
ورغم احتفال العالم بالمناسبات ك الأعياد الدينية، وبداية العام وعيد الحب وعيد الأم واليوم الوطني ويوم العمال ويوم المعلم وغيرها، إلا ان البعض ما زال يصر على محاربة مظاهر عاشوراء الحسين والتنديد بأحيائها، وتشويه مبادئها، والطعن في شرعيتها، بل والنيل من قائدها الإمام الحسين بأن الحسين خرج على إمام زمانه، وقتل بسيف جده، وزرع الفتنة والفساد في الأمة بمقتله!!.
والغريب إن هناك من يستميت لتبرئة ساحة المسؤولين من تلطخت أيديهم بقتل ريحانة وسبط الرسول محمد الإمام الحسين ، وبالخصوص يزيد ابن معاوية وأعوانه، المسؤول الرئيس عن دم الحسين وأهل بيته، وعن دماء أهل المدينة التي استبيحت، وعن الكثير من الجرائم الإنسانية والفساد والفتنة التي وقعت خلال فترة حكمه القصيرة.. بالإضافة إلى مسؤولية كل من رفع السلاح في وجه الحسين ومعسكره.. وأسمائهم معروفة, وأعمالهم مرصودة ومدونة في كتب التاريخ والسيرة.
والأغرب في أمر من يدافع عن يزيد وزمرته أنهم يحملون الضحية الإمام الحسين مسؤولية ما حدث، كما يحملون كل من أحب الحسين وبايعه تلك المسؤولية!!
السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابا عبدالله الحسين الشهيد المظلوم.