جريدة الحياة: الصورة لتصحير العفة.. هل تلحقها جريدة اليوم؟
- النجمان الشهيران أنجلينا جولي وبرار بيت خلال حضورهما أمس مهرجان الفيلم الدولي في كاليفورنيا لاستلام جائزة أحسن ممثل وممثلة للعام.
- الممثلة ناتاشا هنستريدج تبتسم قبل دخول أسبوع الموضة في نيويورك.
كانت الفقرتان السابقتان عبارة عن تعليقين وضعا تحت صورتين جاءتا في الصفحتين الأخيرتين لعددي الاثنين 27/01/1429هـ - 04/02/2008، من جريدتي «اليوم» «الحياة».
يلاحظ من وقعت تحت بصره جريدة الحياة، تكرار وجود صورة في الصفحة الأخيرة، في كثير من الأحيان تتسم بـ:
- نسائية.
- احتوائها على جاذبية نسبية من زواية أو أخرى.
- اشتمالها في الغالب على من ينتمي للغناء أو التمثيل أو الأزياء...
- بعدها عن الخصوصية المحلية وملامح الهوية الدينية.
- .... وقد تكون غير تلك من السمات.
هذه عن سماتها.. أما مبررات وجودها، فهذا ما يجب أن نعرفه من «التحرير» الذي تكون بيده في «المفترض» سياسات ومسارات الصحيفة، وذلك عوضاً عن إطلاق العنان لتحليلاتنا. بيد أن ما يُدرَك -على الأقل- أنه لا توجد حاجة تربوية أو تعليمية أو ثقافية «أصيلة»، تدعو لضرورة تواجد صورة تحمل السمات السالفة.
وتعد جريدة الحياة، سباقة في هذا الفعل منذ عدة سنوات، ولم يكن يستفز القلم دافع لتناول هذا الموضوع، كونها «لندنية»، شأنها شأن أي مطبوعة تدار وتنطلق من خارج الحدود.. أو من خارج «الهوية»، لا يربطنا بها غير فسح أجازته وزارة الإعلام. أما الآن وبعد أن دشنت واقعها المحلي في السعودية، وأخذت صورتنا بالكثير من مكوناتها تتموضع على صفحاتها.. استلزم الظرف أكثر من السابق لتداخلنا في الرأي والنقد حيال شأنها.. ليس هي فقط بل أي منتج موجه لثقافة أو فكر أو سلوك الناس.
ولكون واقعنا المحلي في الخليج أو في أي دول منه لا يتسق وفق سياق مرجعي موحد، يصعب علينا في بعض الأحيان الاتفاق على مبدأ وإطار حيال بعض القضايا الدينية أو الثقافية، أو الظواهر المستجدة، غير أن أرضيتنا كافية في حدها الأدنى للاتفاق على كثير من القيم الدينية والإنسانية.. التي لا منأى من صيانتها والاهتمام بها في زمن التهمت العولمة والانفتاح فيه نسبة ما من عفتنا ووداعتنا السلوكية.
إن السم فتاك وخطير، ولكنه يتعاظم خطراً حينما يتناثر في قوالب معسولة، فالإغراء ومظاهر التحلل أكثر خطراً حينما يختلط مع قناة دينية.. كما تمارس قناة «المنار» حينما تثير غثيان عشاق «التحرير والمقاومة» بساعات من المسلسلات الهابطة، وكذا حينما «تحرص» قناة «العربية» على مفاجئة المشاهد بوجبات متباعدة عن عرف قناة خبرية حينما تذيل نشرتها الخبرية برقصة السامبا البرازيلية تؤديها بعض النساء الماجنات كما طالعتنا في نشرة صباح يوم الاثنين الماضي 4/2/2008، وأيضا حينما تكون الصفحة الأخيرة من جريدة «الوطن» السعودية متحفاً تتناثر على رقعته صور من «سوق الفن» النسائي. والسبب في هذه الخطورة أنها توسع شريحة التحلل في الجمهور، ذلك أن من يريد التحلل بصوره المختلفة عادة ما يقصده في أمكنته المعروفة والمخصصة لهذا الغرض..، ولكن حينما يكون من ينأى بنفسه عن التفسخ والتحلل عرضة لهجوم مُعلن أو «مباغت» فحينها يتهدد الخطر الجميع.
ونحن نطفو على إعلامٍ لا يخلوا من التحلل، بات لزاما علينا تنمية «صوت الممانعة»...
تجاه أي مظهر خارج عن السياق كما تنتهج قناة العربية..
واتجاه أي مظهر بعيد عن الضرورة كما تنتهج جريدة الحياة..
واتجاه أي خلط بين «التحرر» و الهبوط كما يتواجد على قناة المنار..
واتجاه أي مظهر إعلامي نلحظ مزاحمته للقيم العفيفة.
لكن لماذا «صوت الممانعة»..؟
السبب في ذلك أن الكثير من التوجهات الإعلامية بمختلف شرائحها، تبرر بعضاً من توجهاتها بداعي رغبة الجمهور، أو جذب شرائح أخرى من خلال توفير مادة إعلامية من شأنها استقطاب توجهات جديدة من الجمهور. لكن في ما يبدو إن منبراً إعلاميا يتموّج وفق رغبة الجمهور -حتى وإن كانت بعيدة عن هدفيته أو خارجة عن سياقه..- لا يمكننا تصنيفه ضمن خانة الإعلام المؤثر بقدر ما نصنفه في خانة الإعلام المتأثر.. مما يشعرنا بحاجة هذا المنبر الإعلامي لمرحلة من النضج والصلابة بالدرجة التي يكون قادرا على قيادة الذوق وصيانة التوجه.. والمكنة من صنع أعراف إعلامية نقية.. وجذّابة في ذات الوقت.
لذا ليس المطلوب من مطالعي القوالب الإعلامية «العفيفين» أن ينتهجون التذمر وصفق اليدين فحسب، لاسيما إذا ما ثبّتنا في إدراكنا حرص الإعلام على إحراز القبول كجزء من مقومات بقائه وتألقه، فحياة أي جريدة بمتابعيها وحيوية أي قناة بمشاهديها، لذا فإن الصمت والتذمر غير مبرر. إن شعور العجز الذي نتّشح به قد يُعد خطراً أكبر من خطر المنهجيات الإعلامية التي عُرضت.. ويعد تعاطينا السلبي الصامت سبباً في استمراريتها واستفحالها. وهنا يجدر الإشادة بأي جرة قلم تصب في خانة تحصين العفة، وقد طالعتنا «شبكة والفجر الثقافية» بإحداها في موضوع: «دراسة تحليلية لقنوات الـ MBC الأجنبية» بقلم: بقلم: عبد الكريم آل عبد المنعم.
أخيراً «جريدة اليوم». فالتعليق الأول الذي بدأ به المقال.. نأمل أن تكون الصورة المصاحبة له، اختياراً عفوياً لا إستراتيجية مبيتة، هذا لا يعني إن القراء يرون أن صفحة «الفن» ما قبل الأخيرة بما تحتويه من صور نسائية لشخصيات رخيصة محل قبول و رضا، حتى وإن اشترت بهذا الرخص بعض الجماهير، إلا أنها لن تشتري بها تقدماً أو تحرك حضارة