لماذا نهتم بالانتخابات الأمريكية؟
سياسة القطب الواحد التي هيمنت على العالم قبيل سقوط الاتحاد السوفيتي، وغياب توازن القوى الدولية، جعلت مقاليد الأمور بيد الولايات المتحدة الأمريكية، والتي لا تدخر جهداً في سبيل فرض سيطرتها على كل شبر من الكرة الأرضية، ولا شك إن ما يدور في أروقة الإدارة الأمريكية يؤثر بشكل أو بأخر على منطقة الشرق الأوسط، التي تعد منطقة مهمة وإستراتجية للولايات المتحدة، لما تحتويه من ثروات ومصالح يرتكز عليها الوضع الداخلي - ومن أهمها العامل الاقتصادي.
- ما الداعي لهذا الكلام؟
في هذه الأيام تجري الانتخابات الحزبية من قبل كلا الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة، الحزب الجمهوري وأبرز مرشحيه: (جون ماكين)، (مايك هوكابي).
والحزب الديمقراطي الذي يقدم في هذه الانتخابات مرشحيه: (هيلاري كلينتون)، كأول رئيسة للولايات المتحدة أذا فازت، والوجه الجديد الشاب (باراك أوباما) كأول رئيس أمريكي من جذور إفريقيا إذا فاز طبعا.
وهي الانتخابات التمهيدية التي تفرز المرشحان الأساسيان للانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، والتي تجري في نوفمبر المقبل من السنة الجارية، وعليه فإن هذه الانتخابات ستحدد سياسة الولايات المتحدة في الفترة القادمة، ومنهجية تعاطيها مع الأحداث المهمة في العالم، وهنا تكمن أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لنا، لما لها من تأثير كما ذكرنا أعلاه، على الرغم أن لكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي سياسة مختلفة عن الآخر، في أسلوب التعاطي مع القضايا الحاسمة، وأحد أبرز هذه الاختلافات على سبيل المثال لا الحصر: ميل الحزب الجمهوري للخيارات العسكرية بعكس الحزب الديمقراطي، الذي يرى طريقة الحوار المباشر والضغط الاقتصادي حل أسلم للسياسة الداخلية الأمريكية ، ولكنهم يشتركون في نفس الأهداف التي تكون مرسومة مسبقا من قبل مؤسسات الإدارة الأمريكية مثل: الكونغرس، وزارة الدفاع (البنتاغون) وغيرها من مكونات المطبخ السياسي الأمريكي.
- ما شأننا في هذا كله؟
إن الصراع الدائر بين الحق والباطل متمثل بشكل أو بآخر في الأمة الإسلامية وقوى الاستكبار العالمي، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية ومن يلف حولها من متعاونين ومتكالبين على السلطة السياسية والمالية، ويشكل الإسلام عائق في وجه مخططاتهم الشريرة، وخاصة بأن الأراضي الإسلامية غنية بالمصادر الطبيعية التي تهم القوى العالمية، والذي تريد أن تحصل عليها بأي شكل من الأشكال.. وهذا ما أثبته تاريخ الصراع في المنطقة، وأمريكا تدعم في سياستها الخارجية كل من يحقق لها أهدافها ويخدم مصالحها، ولهذا نرى الدعم الغير محدود لدولة الصهاينة للدور التي تلعبه، فهي العصا المطواعة في يدي الولايات المتحدة لزعزعة الأوضاع في المنطقة، وورقة رابحة للمقايضة مع الدول الأخرى من دول الشرق الأوسطي.
- ما هو المطلوب منا ؟
نحن كمسلمين نحاول أن نطبق قيم هذا الدين ونفعل ما يأمرنا به، حيث أوصانا الدين الإسلامي على متابعة الإحداث السياسية المؤثرة على الوضع الإسلامي حتى خارج إطار المسلمين، وهذه المسألة واضحة ففي أوائل سورة الروم يقول الله عز وجل: ﴿الم * غُلِبَتْ الرُّومُ﴾ يخبرنا الله هنا عن حادثة حرب وقعت، ولكن أين؟ هل هي قريبة من بلاد المسلمين؟
يجيب الله عز وجل: ﴿فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
وأيضا ما جاء في الحديث الشريف: (من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين، فليس بمسلم).
وأيضا: (العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس).
هذه الآية الكريمة والأحاديث الشريفة، لا تحتاج إلا للقراءة لمرة واحدة، ليستوضح الهدف منها والمعنى المراد إيصاله، وهو "أيجاد الروح المسئولة والحس المرهف لقضايا الأمة والعالم اجمع، وجعلها من أولويات الإنسان المسلم".
ونحن الآن أمام حدث وهو الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستأتي برجل البيت الأبيض الجديد، وعادة ما تحدد هذه الفترة الكثير من القضايا، التي تخص العالم بشكل عام، والمنطقة الإسلامية بشكل خاص، مثل قضية احتلال العراق، القضية الفلسطينية، الحصار على غزة، والنزاع القائم في لبنان، ومن القضايا المهمة أيضا السلاح النووي الإيراني وغيرها، والقضايا التي تمسنا بشكل مباشر مثل الوضع الاقتصادي، الحريات الدينية، تهميش الأقليات، وحقوق المرأة وإلى آخره،، ،،،
فالمطلوب منا وفي هذه المرحلة المهمة التي يمر بها العالم أجمع، أن نرفع من مستوانا الفكري و السياسي، حتى نستطيع أن نواكب المتغيرات و نستثمرها ونوظفها في مصلحة الدين الإسلامي وشعوبنا وشعوب العالم – فأن الفرص تمر مر السحاب.
هذه قراءة أولية مبسطة جداً حول علاقتنا بالانتخابات الأمريكية، في محاولة لدفع المجتمع نحو الاهتمام بما يدور من حولنا – ومن الممكن أن نستغله لصالح الأمة.