كربلاء: جامعة القيم الشامخة

ياترى ماذا قدمنا للحسين؟.. وما الذي يجب أن نقدم؟
ياترى ماذا قدمنا للحسين؟.. وما الذي يجب أن نقدم؟

السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.

قال الإمام الحسين في اليوم العاشر من المحرم وهو يخطب في القوم: (إني لم أخرج أشراً ولا بطرا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله ).

      نعم هكذا كان الهدف السامي والنبيل الذي من أجله ضحى  الحسين بأغلى ما يملك، ضحى بأولاده وبأطفاله وبنسائه وبإخوانه لأجل إعلاء كلمة الله ومن أجل القيم والمبادئ لكي لا تندثر ولكي لا تموت تلك الدعوة التي من اجلها بعث رسول الله ،  ولأجلنا نحن الشيعة ضحى الحسين بكل من ضحى حيث كانت كربلاء جامعة الإمام الحسين الشامخة. كل بطل من أبطالها هو منهج من مناهج هذه الجامعة السامية والتي تحتوي الكثير والكثير مما يُعجِزُ العقلَ من الوقوف عند أحدها  التي بقيت وستبقى إلى يوم القيامة قائمة لن تموت ولن تميتها أيدي الظالمين. 

ولكن..!
بماذا قابلنا هذه التضحية ؟؟!!
وماذا فعلنا بتلك القيم والمبادئ التي من اجلنا ومن اجلها قتل الحسين ؟؟!!
 بل وماذا قدمنا للحسين ..!؟
أنشدكم بالله جميعاً!!..
لماذا عندما نفقد عزيزاً علينا  نجد الحزن يرافقنا ونبقى نبكيهم ونندبهم سرمداً؟!
وبالمقابل عندما يأتي شهر عاشوراء لا نحزن على الحسين ؟!
أهي كبيرةٌ على الإمام الحسين أن نبقى بلباس الحداد لشهران؟؟!!
في حين أننا لو فقدنا أُماً أو أباً يبقى معنا الحداد لسنوات؟؟!!

و لماذا عندما تنتهي العشرة الأولى نجد أصوات الغناء ترتفع والطرب يرتفع في حين أننا عندما نفقد أخاً أو أختاً نمتنع حتى عن الذهاب إلى الأعراس؟؟!!

لماذا عندما يأتي اليوم العاشر ليس لدينا أي استعداد للتغيب وإيقاف أشغالنا وأعمالنا خوفاً من أن يُخصم من مُرتبنا في حين أننا عندما نفقد قريباً أو صديقاً نتوقف عن أعمالنا لأيام؟؟!!
ولماذا عندما تكون لدينا مقابلة لوظيفة أو حتى عند الذهاب إلى الجامعات  نجد بعض الأخوات متبرجات ويرتدين الزينة دون احترام لمصيبة الحسين فيرمين بتلك القيم عرض الحائط..

في حين إنكِ أيتها الأخت عندما تفقدين أخاً أو ابناً تمتنعين من التبرج وقد تمتنعين حتى عن حضور تلك المقابلة وربما تنسحبين من الجامعة بأكملها؟!
يعز على الإمام الحسين أن يرانا إلى هذا الحد قد وصلنا من الرقي!
هل نخاف أن تُكشف هويتنا بأننا شيعة أمير المؤمنين فنُرفض؟!
أليس على جميع البشر أن يحترم شهرنا ومشاعرنا لمصاب الإمام الحسين ؟
فلماذا نخشاهم ولا نخشى الله؟؟!!
في حين إنهم يحتفلون بتلك الأعياد وتلك المناسبات ويمنحون الجميع إجازات احتراماً لتلك الخرافات الواهية؟!
ألا يستحق الإمام الحسين احتراماً تخليداً لذكراه!؟
إن كنا لا نريد أن نبقى بالحداد!! لنا ذلك
 وإن كنا لا نريد أن نحضر المآتم الحسينية!! لنا ذلك
وإن كنا نخشى من العالم الخارجي أن يعرف هويتنا!! لنا أيضاً ذلك
ولكن ...!!
أقلها نحترم شهر الحسين ونحترم مشاعرنا ونحترم هذه القيم ونحترم هذه المبادئ ونحترم قلب الزهراء (سلام الله عليها) المفجوع على ابنها وأولادها وبناتها.
أما يكفينا أننا للقرآن هاجرون؟؟!!
أما يكفينا أنه بإجحافنا لهم ظالمون ؟؟!!
إلى متى نتعذر بتلك الأقوال  التي ليس لها أي قيمة سوى أنها أوهام وخزعبلات نكذب بها على أنفسنا فنصدقها:
(نريد أن نستمتع بحياتنا)!!
(كم مرة سوف نعيش)!!
(سئمنا من الحزن )!!
ماذا يريد ذلك الضمير النائم لكي يصحوا؟!
لننظر إلى أنفسنا ولننظر إلى ما يحدث حولنا، فإن الظهور لاشك قريب وإن الساعة لا ريب آتية..
عندما جاء الإعصار في الفترات الماضية وقتل أرواح الناس ودمر البيوت وغيرها من الأضرار.. ماذا قال علماء الفلك؟!
إنها مجرد فلسفة علمية فلكية ناتجة عن تغيرات في الطقس. ولم يفكر احدنا أن يسأل نفسه أهي عقوبة من الله ليوقظ الضمائر النائمة؟!!..
صدق العزيزُ الجبار حيث  قال: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ).
لماذا لم نفكر ما سبب كثرة موت الشباب و صغار السن؟!.. بهذه الدرجة الكبيرة والغريبة. ولكننا هنا نقول انه قضاء الله وقدره. نعم.. لا نشك في هذا الأمر ولكنها أيضاً علامات كبرى للساعة لكي نوقض ذلك الضمير النائم!!
ومع ذلك كل رسالة إلهية يحدثها الله تعالى من تلك العقوبات والآيات الربانية التي ماهي إلا تنبيه لذلك الضمير النائم، في المقابل نأتي بكل جرأة نطلب من الله تعالى أن يوفقنا وأن ننجح في أمورنا، نأتي بكل جرأة نريد من الله أن يفرج همومنا!!
أما نستحي بعد كل تلك المعاصي وبعد كل تلك الذنوب وبعد أن ضربنا بتلك القييم والمبادئ عرض الحائط نأتي بكل جرأة نطلب منه أن يقضي حاجاتنا؟!
سلام الله على بقية الله في أرضه مولانا صاحب الزمان (عج) إذ قال:
(لو أن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة ولأظلهم الغمام ولأشرقوا نهارا ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولما سألوا الله شيئا إلا أعطاهم).