لولاك ما خلقت الأفلاك
حينما نجلس نفكر ونتأمل في هذا الكون وهذه الأفلاك التي حولنا يا ترى لماذا خلقت؟ لماذا خلقها الله؟
نجد الجواب يأتينا من القران، يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾ (29) سورة البقرة. وقال: ﴿وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ (33) سورة إبراهيم.
إذن الله خلق الأكوان من اجلنا وسخرها لنا ولكن لماذا خلقنا ؟
ويأتي الجواب من القرآن أيضا قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (30) سورة البقرة، وقال: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (62) سورة النمل، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ﴾ (165) سورة الأنعام.
هذا يعني إننا خلقنا لنستخلف الأرض لمدة محدودة. فالإنسان عبد مستخلف على الأرض بتقدير سيده ومالكه وخالق كل شيء ولكن ماذا تعني هذه الخلافة في نظر القران؟ وماذا ينطوي تحت هذه المسؤولية من مهمات وتبعات؟
نستطيع بتتبعنا لمفهوم الخلافة أنها: (النيابة عن الغير من أجل تنفيذ إرادته، أو القيام بدوره الذي يؤدّيه هو أصالة). والخلافة عن الغير تكون: (أما لغيبة المنوب عنه، وأمّا لموته، وأمّا لعجزه، وأمّا لتشريف المُستخلف). فإذا عرفنا كل ذلك نستطيع أن نفهم معنى خلافة الإنسان فان الإنسان هو الكائن المستخلف في هذه الأرض تشريفا وتعظيما لقدره، ولكن..
ما هي المسؤوليات التي تترتب على هذه الخلافة؟ إنها العبادة والعمل الصالح، قال تعالى:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (56) سورة الذاريات. وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (2) سورة الملك، وكذلك حفظ الحياة وإصلاح الأرض واعمارها بقوانين الحق والعدل. وكيف للإنسان أن يقوم بذلك كله؟ وكيف يلتزم بهذا المنهج دون دليل أو مرشد: (صلِّ اللهم على الدليل إليك في الليل الأليل، والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول) فالمرشد والدليل هو الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ولولاه لما عرف الطريق الصحيح ولما عرفت العبادة، ومعنى ذلك: أن فقدان القائد، يعني فقدان العبادة، وإذا فقدت العبادة انتفت الحكمة من وجود الإنسان، وإذا انتفت الحكمة من وجود الإنسان، ولم يعد لوجود الأفلاك معنى، لأن الأفلاك إنما وجدت بوجود الإنسان الذي يعبد الله، ولذلك عندما تقوم الساعة، وينتهي دور الإنسان في الحياة، فإن الكواكب والنجوم والأفلاك كلها تتمزق وينتهي دورها: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ (14) سورة الحاقة. ويقول سبحانه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾ (105) سورة طـه. ويقول: ﴿إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ﴾ (1) سورة الإنشقاق.
ولذلك نجد في حديث الكساء علة إيجاد الأفلاك هو لأجل أهل البيت عليهم السلام، حيث يقول الله تعالى:﴿ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماء مبنية ولا أرضا مدحية ولا قمرا منيرا ولا شمسا مضيئة ولا فلكا يدور ولا بحرا يجري ولا فلكا يسري إلا في محبة هؤلاء عليهم السلام﴾ أي إني لأجل حبهم وأنوارهم خلقت هذه الأفلاك.
اللهم اجعلنا مستضيئين بنور محمد وآل محمد واجعلهم شفعاء لنا يا كريم يا كريم وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.