بعض من بضعةِ محمد صلى الله عليه واله وسلم
من قال إن المرأة لا تكبرالرجال ولا تستطيع أن تقارع الأهوال أو أن تنهض بما يثقل حمله ويصعب تحمله ، فها هي الزهراء تجاوز كل ذلك لتكبر وتسمو أيما سمو ؛ ومن قال إن الإسلام حجز المرأة دون الوصول إلى الكمالات ودون بلوغ مراتب السمو في العلم والعمل ومن قال إن الدين لا يجتمع مع النجاح في المرأة فإما أن تكون متدينة وإمام أن تكون ناجحة ولا تستطيع أن تجمع بينهما، فكلما كانت المرأة مؤمنة متدينة وجب عليها أن تعتزل الناس والمجتمع –فها هي الزهراء تكمل علماً وعملاً على جميع الرجال عدا بعلها وأبيها :
ولو كان النساء كمن ذكرن
لفُضِلت النساء على الرجال
فلا التأنيث لاسم الشمس عيبٌ
ولا التذكير فخر للهلال
ومن قال إن المرأة هي نصف المجتمع فقط، إن المرأة هي المجتمع كله قوتها وعلمها كل ذلك ينعكس على المجتمع كلَ المجتمع وليس نصفه أو ثلثه أو غير ذلك من النسب:
وإذا النساء نشأت في أميةٍ
رضع الرجال جهالةً وخمولا
ما أحوج المرأة والفتاه في زماننا أن تستحضر أنموذج فاطمة الزهراء وما أحرى المجتمع أن يستدعي هذا المثال ويكرر ذكر هذه القدوة حتى تكون حاضرة وماثلة أمام فتيات أضهن الطريق وأفتقدن المثال فأخذن يغترفن من الماء الآسن ويشربن كدرته الكثيرة بل حتى الثمالة منه؛ فغابت الزهراء أو غُيبت عن عقولهن وعن اهتماماتهن لتحل من يُشرّف القلم عم ذكرهن واللسان عن التلفظ بأسمائهن.
إن من أهم أسباب قوة المجتمع النساء سواءً كن أمهات أو أخوات أو بنات فالمجتمع لم ولن يستغني عن أي فئة منهن فكل واحدة دورها والمسؤولية المناط على عاتقها، ولكن السؤال كيف تنهض المرأة بمسؤولياتها وهي من جهة تجهل هذه المسؤولية ومن جهة أخرى هي غير مؤهلة للقيام بها ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون.
وإن من أهم هذه أسباب هذا القصور الشديد هو التنشئة القاصرة أو المقصّرة وهي التي لا تلحظ الاحتياجات الأساسية للفتاة والتي أهمها :
1 – العاطفة :
فالله جبل الأنثى على سيادة العاطفة ذلك لأن المهام الأساسية المناطة بها كأمرأة تتطلب هذه العاطفة حيث قد أنيط بها أن ترعى الأجيال وأن تحتضنهم في كنفها حيث يجدون العطف والحنان والدفء وهذا ملا يجدونه في صلابة الرجال وقسوة طباعهم ومن هذا كان المهم تغذية هذا الجانب لدى الفتاة وعدم إهماله بأي مبرر أو عند أي ظرف، جاء في الرواية في شأن الزهراء مع أبيها أنه ( كان إذا دخلت فاطمة على رسول الله قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها.
2 – العلم والإيمان :
وهي توأمان لا ينفكان لصلاح أي إنسان فبالعلم يتسلح للإنسان وبالإيمان يوقى على مجابهة الامتحانات و الابتلاءات؛ والعلم الذي لا نعني هو ذلك العلم الذي يقود إلى الإيمان لا العلم بمعنى تراكم المعلومات وتكثير الإحصائيات وتجميع الأرقام أو حفظ المواقع والوقائع، إنه العلم الذي يلتحم مع الإيمان ويشكل العقيدة، فالعقيدة لا تتم إلا بمزاوجة العلم والإيمان، ولهذا إن شئنا أن نرعى الفتاة فلابد أن تلحظ المادة المعطاة والأثر المتوخى من هذه المادة العلمية فإن زادت هذه المادة زاد إيمان الفتاة وقربتها إلى الله فذلك هو العلم الصحيح مهما كانت مادته أو اختلفت طبيعته، فالإيمان في كل العلوم إن أحسنّا النظر إليها، و المرأة ليست بدعاً من ذلك فهي في تنشيئها محتاجة إلى أن نرعى هذا الجانب.
إننا حينما نستمع لخطبة الزهراء نجد أن كلا الأمرين –العلم والإيمان- يتدفق بغزارة من بين جوانب هذه الخطبة العظيمة فلله أيوه حيث إنها (أم أبيها) ويقول الإمام الحسن: (ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تتورم قدماها).
3 – تحمل المسؤولية وخدمة المجتمع :
إن العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه فما لم يكن للمرأة دود في المجتمع وممارسته للعمل الاجتماعي فإن كل تلك الجهود التي بُذلت لتنشئة الفتاة ستتبخر من جرّاء عدم الممارسة وعدم القيام بالمسؤولية الاجتماعية فضلاً عن انعكاس ذلك على نفسيتها فالفراغ وعدم الشعور بالأهمية لعدم القيام بأي دور كل ذلك ينعكس سلبا على نفسيتها؛ فتحمل المسؤولية نجاة المجتمع، والقيام بالأدوار الاجتماعية ليس فقط له فوائد على المجتمع من رعاية الفتيات و توعيتهن ومساعدة المساكين منهن بل له فائدة على نفس الفتاة وعلى نظرتها لنفسها. يقول الإمام الحسن: (رأيت أمي فاطمة قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى إتضح عمود الصبح و سمعتها تدعو للمؤمنين وتسمهم وتُكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء فقلت لها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك فقالت: يا بُني الجار ثم الدار).