قطرة ماء
على الدوام نبحر فـي شلالات جدائلهن المنحدرة بالخيال، ساكبين سحر أقوالنا على أهلتهن، وما أحلى هذين الهلالين الناعسين، فذاك محدودب سمين الخصر، متبسم لبستانه المتوشح بالخضرة، وذاك كحورية غطت سريرها بحرير قد حاكت أطرافه بالهيام الناعس والحميم، ونحن صرنا كموج البحر فـي مده وجزره، أنميل لموج خليجه لنحظى بشروق يوم جديد مغترفـين من شعاعه الدافئ؟
أم نميل لشواطئ بحره الأحمر، لعناق الغروب، وسكون هوائه، ولمعان نجمه؟
فتوقف جنون الخيال على عيونٍ عذبة، فارتوينا من مائها الزلال.... هائمة أعيننا للسبات متوسدين تراب هضابهن، فأسكرنا عليل ماضيهن الجميل وأريج مستقبلهن الزاهر، آكلين من ثمار بساتينهن العامرة بالرمان والعنب والسفرجل والتفاح... وما إن صحونا من سباتنا وإذا بنخل هجري نابت فـي صدورنا قد ارتوى من مطر الجنة
فآليت على نفسي أن أخبركم بأسرار قطافهن الساحرة معنونة بأعلى صوتها "أسرار الحياة الزوجية"
قال الله تعالى فـي كتابه الكريم: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
فمن هذه الآية الكريمة نستنتج أن الله عز وجل شأنه خلقنا لعبادته وتقديسه..
ولكن هل هذا محصور بعدد معين من الإنس والجن؟
أم هو يحتاج إلى التعدد والتكاثر لضمان استمرارية الحفاظ على هذين العنصرين؟
وبالتالي سوف يتحقق المضمون الإلهي الذي خُلقنا نحن من أجله وهو عبادته وتقديسه عز وجل.. والعنصر البشري يتكون من جنسين لا يمكن أن يتخلى أحدهما عن الآخر وهما الذكر والأنثى...
فمنهم وبهم يتحقق ويتم التكاثر بالزواج والتزويج كما روي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فـي الحديث الشريف القائل: (الزواج سُنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني ).
ولكن هل سأل أحدٌ منّا نفسه: ما هو احتياجنا نحن من الزوجة ؟
وما احتياج الزوجة منا كرجال؟ سل نفسك الآن؟
واترك إجابتك فـي صدرك محفوظة علّها تطابق ما قاله الباحثون فـي هذا المجال..
فقد قالوا: منذ الوهلة الأولى فـي خلق الله عز وجل للإنسان وبتعدد الديانات السماوية ومرور الأزمان وإلى يوم الدين تنحصر احتياجات الكل فـي أمور محدودة جداً وفـيها قواسم مشتركة ومترابطة والحكيم من استغل ترتيبها بالشكل الصحيح وذلك لقوام وضمان الاستمرارية...
فخذ مثلاً جانب المرأة فهي لا تحتاج منا الشيء المهول والذي يروج له بعض المغرضين والفاشلين فـي حياتهم الزوجية لعدم إدراكهم ثمن تلك الجواهر التي ألبسوها هم غبار الجفاء والنكران...
عموماً فهي تحتاج منا فـي المرتبة الأولى إلى الحب والاحترام والاهتمام، ومن ثم يأتي الفراش فـي المرتبة الثانية متشعبة منها أمور بسيطة إذا أدركنا أصولها أدركنا فروعها بإذن الله تعالى...
إذا العملية سهلة جداً فهل منا أحد جربها وتفاعل معها بصدق وإحساس دون تصنع؟
فإذا أشبعنا جانب المرأة بهذه المقومات لحظينا بحياة زاخرة بالاطمئنان وإن هبت عليها عواصف الزمان فهي لن تتزحزح لقوة الروابط بين الطرفـين واضعين أمام أعيننا بأن المرأة هي الجدة والأم والأخت والعمة والخالة و الزوجة والبنت...
فوالله الذي لا إله إلا هو لو جربنا هذه المقومات المؤطرة بالورود والزهور لعشنا جميعاً فـي استقرار عاطفـي وذهني مخلفـين بعدنا جيلاً محافظاً ووسطاً مبدعاً ومميزاً فـي كل شيء لقوله تعالى: ) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(
ولكن ما هي لغة الورود والزهور التي أطربني أريجها والتي أشار إليها المختصون وأصروا على تجربتها ولو مرة فـي الشهر مسجلين نحن النتيجة على أنفسنا آخذين فـي الاعتبار فن لغة الجسد و فن لغة العيون...
وجوانب وفنون لغة السمع والحس والبصر...
فمثلاً :
ضع بالونة على خدادية السرير وبجانبها ورقة مكتوب عليها (أحبك ).
ضع دمية ًعلى المرآة لغرفة نومك وبجانبها ورقة مكتوب عليها ( أحبك ).
ضع وردة على باب غرفة نومك وبجانبها ورقة مكتوب عليها (أحبك ).
ضع بطاقة دعوة زواجك فـي إطار على باب مسكنك من الداخل أو فـي الصالة، حتى تبين لها أنك تفتخر بذلك كما لوكانت شهادة جامعية أو دكتوراه فخرية.
عطر نفسك بعطور تذكرها بأيام الخطوبة مع مراعاة الأماكن التي تؤثر فـي فوحان العطر.
اجعل الابتسامة لا تفارق محيا وجهك ممزوجة ً بأحلى كلمة للزوجة ( أحبك )...
فما خرجت كلمة أحبك من قلب صادق، فإنها لا تجد لها مستقراً إلا القلب..
فهذا من فنون الاتصال المرئي والغير مرئي.
وكلما بسطت الفكرة كلما وصلت إلى النتيجة بأسرع وقت
والهدية أو الوردة ليست بقيمتها المادية وإنما بمعناها المعنوي والكثير منا يجهل هذا الشيء فمثلاً:
أكتب بأحمر الشفاه على مرآة سريرك أحبك يا خلود أو يا جمانة أو يا عبير أو يا تهاني، فهذا أبلغ لهن من أن تكتب أحبك فقط أو يا أم فـيصل أو يا أم حمد أو ... فأنت تحاكي الذات محرك مشاعرها الداخلية منبهاً عقلها الباطن فلا تجعل شريكاً بالمنتصف فـيما بينكما فهي المستحقة أولاً وأخراً بهذه العبارات.
واجعل أفعالك أقوى من أقوالك فـي كل شيء (بيتك، عملك، مجتمعك )...
وهل جربت الاحتضان الزوجي فـي صباحك الباكر قبل خروجك للعمل؟
قبل أيام ٍ قلائل جربنا هذه المعطيات لمتزوجين جدد وقلنا لهم: خذوا هذه الورود البلاستيكية الصنع محاكة عليها كلمة أحبك وضعوها فـي كل يوم فـي مكان لافت لزوجاتكم؟ وأخبرونا بالنتائج برسائل الجوال ( SMS )
متمنين لهم الموفقية والسعادة الأبدية...
وفـي صباح يوم جديد أمتلأ بريدي الوارد بالرسائل والاتصالات!! منهم
فالبعض قال: ذباح!!، خيال لم أتصوره من قبل، ترتيب، جنون بعقل ٍ ثابت، نحتاج إلى التيمم فـي هذه الظروف، أطربنا بنفحات ٍ أخرى، "آمر تدلل" أنا فـي ماليزيا مرني بأي شيء تطلبه، أنا فـي مكة المكرمة وسأدعو لك عند باب الكعبة، و... و ...الخ.
يا تُرى، هل سمعتم بقصة البستان؟
يحكي لي أحد المقربين والمصلحين الاجتماعيين أنه قد تذمر من شاب لم يمر على زواجه سوى سنين معدودة وكل يوم فـي منزله تلتقي الرماح وتسل السيوف وتنغرس الأسهم وكل يوم على هذه الحالة السيئة وقال فـي نفسه: ما حكاية هذا الشاب فقد أستوقفني عدة مرات قد أصلحت أحواله وأمره؟
ولكن دون جدوى!!! فطلب هذا الرجل (المختص) من الزوج أن يحضر زوجته للنظر فـي أمرهم فقد سأم من تكرار هذه الحالة. وفـي الليلة الأخرى حضرت الزوجة مع أخيها لبيت هذا الرجل المختص وحضر الزوج برفقة صديقه (المخلص حسب قوله هو ) والأصوات تعج فـي كل مكان...
قائل يقول: طلقها والآخر يقول: سأطلقها.
يقول هذا الباحث: بعد أن هدأت العواصف المغبرة جعلت الزوجة فـي غرفة مع أخيها وفـي الغرفة الثانية جلس الزوج مع صديقه...
حينها سألت الزوجة: ماذا تريدين من زوجك؟ فتحدثت وتحدثت بالشيء الكثير وبعد أن أتمت حديثها ودموعها منهمرة وصوتها حزين متقطع واسيتها بالقول الحسن إلى أن أستقر حالها وأمرتها بالصبر الجميل...
بعدها توجهت إلى المجلس تاركاً إياهم فـي غرفة النساء وجلست مع زوجها وقلت له: هلاّ تقول لي ماذا تفعل فـي يومك منذ صباحك الباكر وإلى المساء؟
فاسترسل بالقول: فـي الصباح أجلس من النوم وأتوضأ وأصلي وارتدي ملابسي وأذهب للعمل وفـي الظهر أرجع إلى البيت وأتغذى جالساً أمام التلفاز نصف ساعة وأرتدي ملابسي الرياضية متوجهاً للملعب وعند المغرب أرجع إلى البيت فأغتسل وأصلي وأذهب إلى المقهى أو الاستراحة للسمر مع الشباب بعدها أرجع للبيت للنوم..
حينها قلت له: كل يوم على هذا البرنامج؟!
قال: نعم .. أيوجد شيء أحلى من هذا البرنامج!!!!
قلت له: عليك أن تجرب نظرية البستان، فقال: كيف؟
بعدها جاء اتصال لصاحبه وخرج خارج البيت عندها فرحت لخروجه بعد تيقني أنه هو الذي صال وجال فـي خراب بيت صاحبه (الزوج) وقلت له: تخيل أنك مررت ببستان جميل أسواره مزخرفة ومزينة متدلية على جنيباته عناقيد العنب والرمان ألا يستوجب منك العناية به واقتطافه بعد نضوجه؟
قال: نعم ... قلت له: كذلك الزوجة أمسح على رأسها بالعطف والحنان وتغزل بها وأمتدحها أمام أهلك وأهلها محلق فـي خيالك، فقاطعني وقال: جميل .. جميل هذا البوح فكلامك قد شوقني لفعله وتجربته..
وقلت: له أعطني النتيجة بعد أسبوع.... يقول هذا الباحث: وما أن خرجوا من عندي تلك الليلة لم أرهم إلى الآن والحمد لله فقد أخبرني ( الزوج ) بأن حياتهم جداً مستقرة والبيت قد ملئ بالأطفال مع أن فـي بداية الزواج أصيبت الزوجة بعقم بسيط نظراً لسوء المعاملة ...
وهل جربنا نحن ظرف المراسلة والمحبة؟
فالكل منا يجتهد ويتفنن فيه... فالبعض يكتب رسالة أو خاطرة على الورقة، والآخر يتفنن بتعطيرها، والآخر يكتب إلى حبيبتي، والآخر يبتسم حين يعطيها إياه، والآخر يضيف إليها نظرة إعجاب ....الخ.
لو فرضنا أنك تأخرت يوماً عن موعدٍ لزوجتك وهو هام بالنسبة لها دون قصد أو إهمال وأخذت بخاطرها عليك .... جرب شراء علبة شوكولاتة أو وردة حمراء أو صفراء واجعل الوردة أو الشوكولاتة تسبقك فـي الدخول للبيت عن طريق يدك ...
فما هي النتيجة فـي ظنك ؟
أخي الحبيب لا تجعل رابطاً لمشاكل العمل والمجتمع بالبيت والعكس صحيح...
عش يا أخي الحبيب الخيال الإيجابي، فبخيالك الواسع تستطيع حل جميع الأمور بإذن الله والتوكل عليه..
والسؤال المهم هُنا، ماذا سنجني إن فعلنا ذلك ؟
ألا تتفقون معي بأن كثيراً من أحوال بيوتنا ستصلح وتتحسن، ولن يبحث الأولاد والبنات عن الحب الدخيل عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) أو الجوال أو الترقيم أو التسكع على أعتاب المدارس والمجمعات والطرقات، لأن ما احتاجوه وجدوه فالقريب من الشيء أبلغ وأوقع !!
ولا أنس فـي هذه العجالة جانب المرأة تجاه زوجها من حيث كتمان الأسرار فـيما بينهما ( فليس كل ما يعرف يقال )، وأن تحاول بقدر المستطاع حل العقبات التي تواجهها دون تدخل الأهل والأقارب والأصدقاء، وأن تكون هشة بشة مبتسمة لينة الطرف فـي وجه الزوج بالاستقبال والاهتمام باحتياجاته... ليس على الجانب الغذائي فحسب، وإنما أن لا تغفل عن الجانب الروحي والعاطفـي والتربوي للأبناء، فمثلما أنت تريدين هو أيضاً يريد ويطمح للأكثر، فاجعلي زينتك له أولاً فأنتِ رحمة للرجل يُثاب عليها فـي حسن تبعّلِكنَّ له كرجل، صحيح أنني قدمت واجباته تجاهك وهذا لا يعني أن أجحف حقه عليك متمنياً للجميع السعادة الأبدية.
وختاماً لا تنسوا إخواني وأخواتي الأعزاء بأن لا تحكموا على هذه المقتطفات بالإجحاف والإجهاض... قبل أن تجربوها بنية صادقة لوجهه الكريم، الآمر سبحانه وتعالى بالكلمة الطيبة والتسامح... ولو مرة واحدة متمنياً لكم دوام الحب والاحترام والاهتمام ...
قال تعالى:﴿ وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾..
وسلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات.