عاجل: وحش قاتل (..) يعيش بيننا!!

علي آل غراش *

موضوع وباء انفلونزا الخنازير الذي نسمع عنه في الوسائل الإعلامية، ونتساهل به ونقلل من خطورته، أصبح جديا والوضع أضحى خطيرا ومخيفا، والسالفة (الحكاية) ما هي سالفة (حكاية) انفلونزا عادية مجرد زكام وارتفاع للحرارة وتعب لمدة كم يوم فقط، بل السالفة سالفة موت وحياة، والمنطقة العربية والخليجية والسعودية أصبحت غير بعيدة عن خطر وحش وباء انفلونزا الخنازير، وبالخصوص بعد تسجيل عدد من الوفيات فيها منها لشاب سعودي في مدينة الدمام المطلة على مياه الخليج...؛ ويأتي ذلك بعدما سجلت السعودية اكبر عدد من اكتشاف حالات انفلونزا الخنازير في الوطن العربي.

الوفاة المفاجئة لشاب الدمام - الأولى بالسعودية - دقت أجراس الخطر في السعودية والمنطقة، وأدت إلى إصابة بعض سكان المنطقة بوسواس انفلونزا الخنازير؛ قبل أيام شعر موظف بالقطاع الخاص بألم شديد وبعد خروجه من العمل الساعة الرابعة والنصف شعر بسرعة النبضات وتعرق وارتفاع بالحرارة ورعشة..، ذهب مباشرة لأقرب مستشفى. دخل إلى قسم الطوارئ في حالة صعبة، ولكن للأسف طاقم التمريض تعاملوا معه بأقل من الطبيعي - كما هي العادة في مستشفياتنا - ، فأخذ الموظف المريض بالصراخ يا دكتور ويا.. أنا تعبان جدا أتوقع اني مصاب بإنفلونزا الخنازير! وما أن أكمل كلامه إلا وكأن صافرات الإنذار قد دقت بأعلى حالة، وحدث استنفار وخوف وقلق لدى الجميع، بل حتى المراجعين شعروا بالتعب والدوخة (أصيبوا بالوسواس) وطالبوا بإجراء فحص لهم لوباء الإنفلونزا عموما المستشفى تحول إلى استنفار وتم إجراء فحص للجميع - من كان في الإسعاف وللطاقم الطبي - ، وتم إعطاء الموظف أدوية لخفض الحرارة. وقد اتصل الموظف بمنزله ليخبر عائلته بأنه بالمستشفى وان هناك احتمالا بإصابته بالإنفلونزا وانه يفضل البقاء بالمستشفى.. وقد رحب الأهل بالفكرة - بالقول لا تطب البيت حتى تشفى -! بعد ساعات من الانتظار شعر الموظف بالراحة فذهب للطبيب ليستفسر عن إصابته بالوباء فرد عليه الطبيب ما فيك شيء لا إنفلونزا عادية ولا خنازير بل مجرد تعب وإرهاق وارتفاع في الضغط.

لا يلام هذا الموظف - لأنه موظف في البنك والذي مات موظف بنك – بل كل شخص في المنطقة مرشح للإصابة بالمرض الوبائي، وعلى كل شخص عدم التساهل مع الحرارة والزكام، لعدم قدرة الأجهزة في القطاع الصحي الرسمي والأهالي في المنطقة من اكتشاف الحالات في مراحلها الأولى، وعدم قدرة الأجهزة الموضوعة في مراكز الحدود من اكتشاف الحالات قبل دخولها إلى البلد، فكثير من الحالات يتم اكتشافها بعد أيام من دخول المسافرين المصابين داخل البلد كما حدث للممرضات الفلبينيات وغيرهن، وبلادنا مرشحة لتكون منطقة موبوءة لمرض إنفلونزا الخنازير، لأنها مقصد الملايين من الحجاج والمعتمرين والزائرين، فهي قبل موسم الحج سجلت اكتشاف اكبر عدد من المصابين في الوطن العربي، كما ان أول حالة وفاة بإنفلونزا الخنازير في الوطن العربي كانت في مصر لسيدة قادمة من العمرة، والثانية داخل السعودية!

والذي يجعل مجتمعاتنا خائفة (توسوس) إن مستشفياتنا فقيرة بالتجهيزات والخبرة بالتعامل مع مثل هالحالات الوبائية إنفلونزا الخنازير، حيث إن الشاب الذي توفي في الدمام يعمل في احد البنوك ولم يسافر، وانه أصيب نتيجة المخالطة، وقد ذهب إلى المستشفى وتم تنويمه بعدما تم تشخيص حالته بالتهاب رئوي. ولم يكتشفوا السبب الرئيس للوفاة بالإنفلونزا إلا بعد وفاته، وذلك حسب قول شقيق المتوفى الذي طالب بتشكيل لجنة للتحقيق.

هذه الحادثة المفجعة تفتح من جديد ملف أخطاء التشخيص الطبي والأخطاء الطبية القاتلة..، وافتقار المستشفيات للتجهيزات فمستشفى القطيف المركزي على سبيل المثال استقبل أكثر من 10 حالات، وتم تحويلها إلى قسم أمراض الدم الوراثية الذي حول إلى قسم عزل لمرضى الإنفلونزا. اما مرضى الدم الوراثي فقد تم تحويلهم إلى قسم الطوارئ غير المهيأ لحالاتهم!

احذروا يا جماعة؛ الظاهر اننا أصبحنا مستنقعا موبوءا بالأمراض المستعصية مثل وحش الإنفلونزا، لينضم إلى وباء أكثر خطورة مثل التشدد والطائفية والتكفير والفساد..، يا الله ارحمنا برحمتك.

 

كاتب سعودي