الاستشارة

بسم الله الرحمن الرحيم

     لقد عرف الإنسان أهمية الاستشارة وما لها من نتائج إيجابية تساعد على تحقيق الهدف المنشود، فالاستشارة أمر ممدوح بالعقل ولا يحتاج إلى أي دليل ليستدل به، فعقلين خير من عقل واحد.

وأحب أن أطرح نقطتين حول الاستشارة:

  • النقطة الأولى: من نستشير؟؟

     وهنا تقع نسبة لا يستهان بها من الخطأ، كثير منا لا يذهب إلى ذوي التخصص لاستشارتهم في مشكلته الواقع فيها، فكثير ما نسمع عن مشاكل صحية تضاعفت بسبب أخذ وصفة علاجية من صديق أو زميل في العمل غير متخصصين، وكذلك نرى بيوت زوجية قد هدمت وانهارت بسبب استشارة فلان من الناس، و فلان هذا لو وقع في نفس المشكلة لولول من عظم حيرته منها، فتراه يضع الحلول مع أي موجة تضرب بعبابها ليساعد في تفاقم المشكلة بدل من حلها.

     معظم من يتجه لغير المتخصصين يكون بحثه يدور في دائرة من يتفق معه في نفس الرأي، لكي يجد لنفسه طمأنينة تجاه ردة فعله الذي سوف يأخذها، وهنا تكمن المشكلة الكبرى، فكل ما سيفعله المستشار هو دفعك أكثر، ولا نعلم إلى أين يدفعك، هل إلى قمة المجد؟ أم إلى قعر الهاوية؟

     فالخطأ هنا يقع على الطرفين: المستشير والمستشار، فلو أن المستشير اتجه إلى ذي الاختصاص، فسيكون في الجانب الآمن –نسبياً بأقل التقدير-، ولو أن المستشار وضع نفسه في موضع المستشير –قبل أن يتفوه بأي كلمة- وحكم بنفسه وعقله: ماذا سأفعل في هذا الموقف؟ فلعله سيجد نفسه في خضم تلك المشكلة والحيرة وسيتوقف عن أي رأي –إلا ما شاء الله-، وستكون مشورته في توجيه الطرف الأول إلى ذوي الاختصاص.

  • النقطة الثانية:

     للأسف الشديد عند توجه الشخص لطبيب أو معالج أو حتى مستشار من جملة الناس، نجد كثيرا قضية إخفاء الحقائق، فتراه يظهر بعضا ويخفي بعضا، مما يوجد التباس لدى المستشار فيصدر رأيه على مقياس ما تلقاه، فالقضية هنا معطيات ونتائج، فلو كانت المعطيات المطروحة خاطئة أو ناقصة، فستكون النتائج من جنس المعطيات.

     لعل السبب الرئيسي في إخفاء الحقيقة –كلها أو بعضها- هو عدم الثقة بالمستشار، ولا أعلم هل أرمي باللوم على المستشير أم لا؟ ولكنني ألومه في أمر واحد وهو: إذا كنت لا تثق في المستشار فلماذا اخترته؟؟
     وأيضاً على المستشار طبيبا كان أو محامياً أو اجتماعيا أو دينياً إخفاء أي مشكلة تعرض بين يديه والتكتم عليها كأسرار بيته أو أشد.

     ومن المعلوم أن قضية الاستشارة تعمل على رفع المستوى البشري و إيجاد حياة أفضل للمجتمع.


الأحساء - 5/12/1430