المقاولون أخطر من الفيس بوك!

خلف الحربي

خلف الحربيتوقف موظفو خدمة العملاء في إحدى الشركات الكبرى عن العمل لعدة ساعات للمطالبة ببعض حقوقهم الوظيفية، وما لا يعرفه الكثيرون عن مشكلة هذه الفئة من الموظفين أنهم قد يفقدون وظائفهم بين ليلة وضحاها وتسلم الشركة عقد التشغيل لشركة أصغر تأتي بصفتها (مقاول أنفار) فتعيد تشغيلهم من جديد في نفس المكان ولكن بحقوق أقل.

المصيبة اليوم أن كل جهة سواء كانت تتبع القطاع العام أو الخاص أصبحت تعتمد على (مقاول التشغيل)، المستشفيات الحكومية تتعاقد مع شركات تشغلها!.. الكثير من المؤسسات الحكومية تفعل ذلك فالموظفون الشباب الذي يعملون في مبناها أحضرهم (مقاول تشغيل).. المطارات كذلك، والموانئ، والشركات الكبرى والبنوك.. كل شيء أصبح يديره مقاول ظاهري ومقاول بالباطن ما ينتج عنه تردي الخدمة وضياع حقوق الموظفين السعوديين.

هذا بالنسبة لمقاولات التشغيل والتوظيف، أما مقاولات الإنشاء فحدث ولا حرج فكل المشاريع العملاقة شبه مخصصة لشركتين فقط الأولى منهما نشرت صحيفة السفير اللبنانية أن بعض موظفيها الكبار (من غير السعوديين) يواجهون اتهامات بالفساد المالي من خلال تسليمهم مقاولات حكومية سعودية إلى شركات صغيرة بالباطن، والثانية تتناسى أنها شركة إنشاءات كلما دخلت في أحد مشاريع التوسعة التي يصاحبها نزع ملكيات فتتحول إلى شركة عقارية تغتنم الفرص قبل اكتمال المشروع، وفي كلتا الشركتين (الملياريتين) يعاني الموظفون السعوديون الشباب ظروفا صعبة كما أنهما غالبا لا تستلمان المشاريع إلا على الورق فقط وتعيدان تسليمها إلى مقاولين بالباطن.

وهكذا تدور (لعبة التنمية) الطريفة دون توقف فالمقاول الذي وقع عقد البناء مع الحكومة يأخذ نصيبه الوافر من العقد ثم يسلمه إلى مقاول أصغر يخل بشروط البناء كي يحقق هو الآخر هامشه من أرباح الغلة فينوح البناء من كثرة التصدعات بعد تسليمه بأيام قليلة، والمؤسسة التي تشغل الشاب السعودي لا تريد الالتزام بحقوقه المالية والوظيفية فـ(تجلبه) عن طريق شركة مشغلة، حتى البلدية لا تحب أن تشرف بنفسها على المخططات السكنية بنفسها فتترك الأمر برمته للمطور العقاري الذي يزعم أنه يتكفل بكل البنية التحتية وحين يهطل المطر يغرق الناس في بيوتهم، ثم تطور الأمر فأصبحت الشركات النفطية والصناعية العملاقة التي كانت تدرب موظفيها وتبتعثهم إلى الخارج وتؤمن لهم السكن والرعاية الجيدة تعتمد هي الأخرى على شركات (تجلب) لها الموظفين كي تتنصل من حقوقهم.

لا تبحثوا عن أعداء الوطن في شبكة الإنترنت فقط قلبوا كراسات المقاولين وانظروا كيف يغرقون الوطن في بحر من الفساد وكيف تتضخم أرصدتهم في الخارج على حساب تردي الخدمات في الداخل، إنهم يعملون بكل أريحية لأنهم يعلمون جيدا أن ظهورهم دافئة، بل إنهم اليوم يقدمون أنفسهم باعتبارهم أهم الفعاليات الاقتصادية في هذا الوطن ويزايدون في إظهار الحب والولاء لهذا الوطن وحين يحدث شيء ما ــ أي شيء مهما كان صغيرا ــ سوف يغادرون على أول طائرة وكأنهم لم يصنعوا ثرواتهم الخرافية من لحمنا الحي!.