ورقة مقدمة من : إدارة مركز القرآن الكريم بأم الحمام.
قراءة في المشاريع الثقافية القرآنية في منطقة القطيف
ورد إلينا رأياً يتضمن استفساراً حول ضعف الاهتمام بالجانب الفكري في المراكز القرآنية .
نص الرأي المنقول عن الكاتب: ( منذ أكثر من خمسة عشر عاماً انتشرت على مستوى القطيف مراكز تهتم بتعليم القرآن الكريم وكنت ممن شارك فيها في بداياتها في بلدتي أم الحمام وكان لدي أمل في أن تتوسع آفاق هذه المراكز لتنطلق منها مناهج ثقافية معتمدة على المعارف والبصائر النورانية على ضوء الآيات القرآنية.
ما أشهده الآن أن أغلب المراكز لم تتعد علوم القراءة كالتجويد والمقامات والحفظ والتي اكتسحت لتكون عالمية لكنها لا تلبي حاجات القلوب والعقول ).
وليقيننا بأن استفهام الكاتب ورأيه يعكس اهتمام و حرص السائل ويقصد منه تطوير المؤسسات القرآنية وخصوصا في جانب الفكر والثقافة القرآنية حيث أن السائل من المثقفين والمخلصين الأوفياء وممن له اهتمام في الجانب القرآني , رأينا أن نكتب نبذة عن المشاريع الفكرية والثقافية في المراكز القرآنية في منطقتنا والتي قد يكون الإعلام لم يبرزها ويوصلها بالشكل المطلوب للمثقفين خصوصا وللمجتمع بشكل عام .
وقبل الدخول في عرض المشاريع نود أن ننوه بأننا نقف مع الأخ السائل في أن المشاريع الفكرية محدودة ومعدودة وهي لا ترقى للمستوى المطلوب من ناحية الكم خصوصا وأن المراكز القرآنية أكثر من عشرين مركزا أكثرها يهتم في جانب الحفظ والتلاوة, إلا أننا نشير إلى أن بعض المشاريع في المنطقة من ناحية الكيف والمضمون راقية فعلا تضاهي المشاريع الأخرى في العالم الإسلامي .
وبالنسبة إلى كثير من المراكز في المنطقة عمرها لا يتجاوز 3 أو 4 سنوات فتحتاج إلى فترة كي تطور كوادرها وتنتقل بهم من الجانب السهل وهو الحفظ والتلاوة ثم الجانب الأكثر جهدا وهو الدخول في المسابقات الدولية ثم الجانب الأصعب وهو الجانب الفكري الذي يحتاج إلى تخصص سواء من الحوزة أو الجامعة.
وكان لمركز القرآن بأم الحمام السبق في تعليق الجرس وكتابة خطاباته الموجهة للمجلس القرآني المشترك وبقية اللجان من عدة سنوات في أنه يجب علينا الانتقال من مرحلة الحفظ والتلاوة إلى مرحلة الفكر خصوصا أن بعض المراكز مر على تأسيسها أكثر من 20 سنة، ونظم مركز القرآن بأم الحمام (7) ورش عمل اشترك فيها عشر لجان قرآنية وعلماء أفاضل لإعداد مناهج متطورة للقرآن في المنطقة، ولكن المراكز تشتكي قلة الكوادر وتحتاج إلى تفرغ المختصين لإعطاء دورات في الجانب الفكري والقرآني إلا أن المختصين كما يعلم السائل هم أساسا في ندرتهم كالكبريت الأحمر, وإن وجدوا فهم غير متفرغين للجانب القرآني والآن أكثر تحركنا هو على التخصص الجامعي ونيل درجة الماجستير والدكتوراة وإعلان مسابقات البحوث الدورية.
وسوف نرى بعد عرض المشاريع أن السائل قد اقتصر في استفساره على جانب المناهج المتخصصة في موضوع الفكر القرآني إلا أن الجانب الفكري للقرآن الكريم يتشعب إلى الدورات المتخصصة في التفسير والتدبر وعلوم القرآن والبحوث الدورية والندوات الفكرية والمسابقات العلمية والمعارض المتنوعة في عرض رؤى القرآن الكريم .
وعند الحديث عن المناشط الفكرية نتساءل :
- هل يوجد في منطقة القطيف لجان متخصصة تعنى فقط بالجانب الفكري القرآني ؟
- هل تصدر في المنطقة مجلة ذات طبع تخصصي بمواضيع القرآن؟
- هل يوجد في المنطقة متخصصون في الجانب القرآني من حملة الشهادات العليا كالماجستير والدكتوراة؟
- هل يوجد من يناقش الأفكار النقدية التي تستهدف القرآن الكريم من علمانيين و حداثيين ؟
- هل توجد برامج قرآنية على القنوات الفضائية ومواقع على شبكة الانترنت والفيس يديرها شباب مهتم بالجانب القرآني من أبناء المنطقة؟
- هل يوجد في المنطقة مناهج متخصصة ومطبوعة بشكل راقٍ حول الجانب الفكري في القرآن الكريم؟
- هل توجد دروس ودورات وندوات تهتم بالتفسير والتأويل والتدبر في المنطقة يستطيع الشباب الالتحاق بها والتزود من معينها؟
كل ذلك سنجيب عنه في العرض التالي لأهم الأنشطة القرآنية في المنطقة بعد الملاحظتين التاليتين.
أولاً/ لماذا تكون الكتابة حول القرآن الكريم أصعب من الكتابة في المواضيع الأخرى ؟
في الحقيقة إن الكتابة حول القرآن الكريم تحتاج إلى أدوات كثيرة وكلما كان التخصص في تلك الأدوات أكبر كلما نضجت الكتابة أكثر ومن تلك الأدوات (البلاغة – الصرف والنحو – علم الحديث – علم الأصول – علم الكلام – علوم القرآن) وتختلف الاتجاهات فبعضهم يرى أهمية علم المنطق وبعضهم ينكر ذلك أشد الإنكار كالاختلاف بين المدرستين الكبيرتين مدرسة التفكيك ومدرسة الحكمة المتعالية، وأنت خبير بأن كل علم من هذه العلوم وكل أداة تحتاج ما تحتاج من الجهد والوقت للإلمام بها فضلًا عن التخصص فيها..
كل ذلك يؤدي إلى قلة الكوادر في الاتجاه القرآني هذا بعيدًا عن هجر القرآن من المجتمع والمثقفين (رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا) ومن يطالع هجر حوزاتنا الدينية للفكر القرآني إلا ما ندر يدرك أن منطقتنا ليست بدعًا في هذا الشأن فقد أصابها ما أصابهم وإن كنا نأمل علاج هذا الجانب بما نستطيع.
ثانياً /هناك سبب من ضمن أسباب قلة الأنشطة الفكرية وإن كان هو سببًا مشتركًا بين الأنشطة جميعها في المنطقة ولكن النشاط الفكري أول المتضررين وأعني عدم تفرغ جميع القائمين في الأنشطة القرآنية فلديهم وظائفهم وأعمالهم وبيوتاتهم وأعمالهم الإضافية ولا يبقى للنشاط القرآني في معظم الأحيان إلا عبارة عن جلسة للقراء ليلة واحدة في الأسبوع شبيهة بجلسات ليالي شهر رمضان فلا تستهلك منهم جهدًا وهذا ينطبق على نصف اللجان الموجودة فلا يوجد حتى تدريس حلقات للأبناء فضلًا عن الكتابة والبحث، وأنت خبير عزيزي القارئ بأن الفرق واضح في الجهد بين من يقضي أسبوعًا أو شهرًا في تحضير موضوع قرآني فكري وبين من يتمرن على قراءة أو حفظ صفحة من القرآن ويلقيها (إذًا التفرغ والتوجه والجهد وقلة الكوادر هي أبرز النقاط التي أدت إلى انحسار النشاط الفكري وغلبة النشاط الحفظي والتجويدي والمقاماتي)
- سرد المشاريع الثقافية القرآنية في منطقة القطيف
نسرد هنا مجموعة من الأنشطة في المنطقة على سبيل الإشارة لا الحصر وسوف نركز على الأنشطة المؤسسية لا الفردية وإن كان كثير من العلماء والفضلاء لهم باع كبير في هذا المجال ولكن خشية أن يطول بنا المقام سنشير كما أراد السائل إلى المراكز فقط.
- أولاً/ منطقة القطيف:
يوجد في منطقة القطيف مؤسسة القرآن نور ( تأسست 1423هـ ) وهي مؤسسة تعنى بالنشاط الفكري القرآني وعلى رأسها سماحة الشيخ الدكتور فيصل العوامي ومعه ثلة من الكتاب منهم أ.حسن حمادة وأ.بشير البحراني وأ.فاضل البحراني وتصدر هذه المؤسسة مجلة متخصصة بالشأن القرآني وهي معنونة بـ (مجلة القرآن نور) بدأت في الصدور 1424هـ ،كما تصدر المؤسسة كتبًا متخصصة في الشأن القرآني نصف سنوية (محرم ورجب) ضمن سلسلة القرآن نور فكان من نتاجها إلى الآن عشرات المجلات وعشرات الدراسات بعضها اشتمل على حوار مع الشيخ محمد هادي معرفة (أشهر من كتب في علوم القرآني في العصر الحالي) واشتمل البعض الآخر على ردود علمية على مفكرين معاصرين كـ ( د. محمد أركون - د. محمد شحرور - د.عبد الكريم سروش - د. حامد أبا زيد- د.علي شريعتي) ومن الكتب التي تم طبعها ( كتاب بين ثقافتين وكتاب التفسير العلمي التربوي وكتاب أساس المنهج النظري للشيخ فيصل العوامي وكتاب التعددية الدينية في القرآن الكريم لمحمد بهرامي وكتاب التدبر في القرآن لماذا وكيف للشيخ محمد العوامي وكتاب القرآن والشريعة للشيخ عبدالغني عباس وكتاب منهج الاستقراء في القرآن الكريم للشيخ توفيق العامر وكتاب حركة الإصلاح من النظام إلى الانتظام لعباس أمير...).و للمؤسسة موقعاً خاصاً بنشر معارف القرآن الكريم.
وهناك برامج قرآنية تلفزيونية مستمرة للشيخ فيصل العوامي وأ.حسن حمادة.
- ثانيًا/ منطقة سيهات:
يوجد في هذه المنطقة مركز دوحة القرآن ( تأسس 1423هـ ) وعلى رأسه سماحة الشيخ علي هلال الصيود وهو مركز يعنى بالنشاط الفكري القرآني خصوصًا الجانب النسائي ولديهم عدة دراسات قرآنية متميزة كما تصدر من منطقة سيهات مجلة النبأ العظيم القرآنية ويشرف عليها الأستاذ عبد الجليل الراشد.
كما تنظم اللجنة القائمة على ملتقى القرآن الكريم في سيهات مؤتمر القرآن الكريم السنوي ويستضيف علماء وباحثين مختصين لماقشة قاضيا حياتية مهمة حول القرآن ويتميز المؤتمر بالعمق في أطروحاته فمثلاً كان عنوان المؤتمر الثالث تحت شعار ( مشروع الحرية في القرآن وإشكالات الواقع المعاصر) واستضاف كلاً من الشيخ محمد حسن الحبيب والسيد حسن النمر والشيخ زكريا الداود والشيخ محمود الموسوي وفي نهاية المؤتمر تم تدوين التوصيات وطباعتها ونشرها وهي خلاصة للدراسات الملقاة .
ويوجد في هذه المنطقة لجنة أنوار القرآن( تأسست 1421هـ ) وعلى رأسها السيد ماجد السادة وقد أصدر السيد عدة مناهج مطبوعة ومتميزة وراقية ومتخصصة بالقرآن الكريم، ومن الكتاب المتميزين في هذه اللجنة أ.مهدي صليل الذي أثرى الساحة بمقالاته وكتبه القيمة.
- ثالثًا/ منطقة صفوى:
يوجد في هذه المنطقة مركز القرآن الكريم( تأسست 1414هـ ) وعلى رأسه الشيخ صالح آل إبراهيم ويصدر هذا المركز عدة بحوث قرآنية مطبوعة سنويًا، وينظم المركز أشهر المؤتمرات القرآنية السنوية بين علماء من مختلف الدول وقد نظم إلى الآن (9) مؤتمرات دولية وأقام(7) معارض قرآنية متخصصة تحوي العديد من الأجنحة القرآنية وأصدر (7) كتب من سلسلة (يتفكرون ) منها: ( كتاب معالم حضارة الأنبياء لأحمد عجاج وكتاب أهكذا عرشك للشيح علي المعلم وكتاب حياة آدم وحواء لصباح السعيد وكتاب الشباب والثقافة المعاصرة للشيخ عبدالله اليوسف وكتاب خطوات نحو القرآن للشيخ صالح الإبراهيم...).
- رابعًا/ منطقة العوامية:
يوجد في هذه المنطقة ملتقى سحر البيان الكتابي( تأسست 1418هـ ) وعلى رأسه الشيخ علي آل موسى وقد أصدر أهم وأضخم كتاب في المنطقة حول التدبر في القرآن الكريم مطبوع ومنشور بصورة واسعة في المنطقة، ومن الكتاب في هذا الملتقى أ.محمد آل زايد، أ.عبد العزيز آل زايد، أ.محمد آل زايد.
- خامسًا/ التخصصات القرآنية:
درجة الماجستير في علوم القرآن الكريم/
الأستاذ حسين آل إبراهيم (رئيس لجنة تراتيل الفجر بصفوى) ( تأسست 1428هـ )
درجة البكالوريوس في علوم القرآن الكريم/ كلاً من:
الأستاذ عبد الصمد الرشيد المسئول في لجنة سبل السلام بالعوامية( تأسست 1429هـ )
الأستاذ مفيد المرزوق المسئول في مركز القرآن بالأوجام( تأسس 1424هـ )
الأستاذ السيد هاشم الشعلة المسئول في مؤسسة الثقلين لعلوم القرآن والحديث بالقطيف( تأسست 1431هـ ).
- سادساً / بالنسبة إلى دورنا في مركز القرآن الكريم بأم الحمام( تأسس 1416هـ ):
1- الإعلان عن برنامج كامل وشامل للاهتمام بالقرآن الكريم وعلومه من شأنه أن يقدم الأدوات اللازمة للباحث القرآني وهو عبارة عن دورة متكاملة لمدة سنتين (300 حصة دراسية) بعنوان دبلوم علوم القرآن الكريم يدرس فيها الطالب علم التفسير والتدبر وعلوم القرآن واللغة العربية بالإضافة للحفظ والتجويد والبحوث القرآنية.
2- المخاطبة الرسمية لإدارة اللجان القرآنية في المنطقة ودعوتهم للاهتمام بالفكر القرآني والانتقال من مرحلة الحفظ والتجويد إلى المرحلة المطلوبة.
3- عقد أكثر من 300 جلسة داخلية للتدبر في القرآن الكريم، وتنظيم 30 ندوة عامة للاهتمام بالشأن الثقافي القرآني مع المهتمين من العلماء والفضلاء ومنهم لا على سبيل الحصر الشيخ الدكتور فيصل العوامي والذي شارك في 5 ندوات قرآنية وكذلك المرحوم العلامة الشيخ عبد اللطيف الشبيب والشيخ غازي الشبيب والشيخ سعيد الحرز والشيخ توفيق العامر والشيخ فوزي السيف والشيخ علي آل محسن والشيخ محمد العبيدان والشيخ حسن المطوع والشيخ محمد العبدالعال والشيخ علي الزاير والشيخ علي هلال الصيود والشيخ إبراهيم حجاب والشيخ صالح اليحيى والشيخ صالح إبراهيم والسيد علي الجراش والشيخ عبد الحميد العباس والشيخ حسن الصفار ود. زكي الميلاد ود.مخلص الجدة والأستاذ الأديب بدر الشبيب.
4- إصدار وطباعة عدة كتب تعنى بالفكر الإسلامي ومنها: ( كتاب علوم التاريخية وكتاب المدارس التفسيرية وكتاب المنهج الفكري للتدبر في القرآن الكريم وكتاب القراءات واحدة أم سبع وكتاب مسائل فقهية في أحكام القرآن وكتاب الثقافة القرآنية للصغار)
5- تقديم دورات في الأدوات التي يعتمد عليها المفسر مثل النحو والصرف والبلاغة والمنطق وعلم الكلام وعلم الأصول.
6- إلقاء بحث متواصل في معارف وتفسير القرآن الكريم كل ليلة جمعة يقدمه أ.محمد الشبيب كفقرة رئيسية ضمن برامج مجلس القراء طوال السنة.
7- زيارة المراكز القرآنية في مختلف الدول الإسلامية كمصر ولبنان والبحرين وإيران والعراق والاستفادة من تجاربهم وتبادل الخبرات.
8- نظم المركز (7) ورش عمل اشترك فيها عشر لجان قرآنية وعلماء أفاضل من مختلف المناطق وتحت تغطية المجلس القرآني المشترك لإعداد مناهج متطورة للقرآن في المنطقة وأدارها المدرب القدير السيد شبر السادة.
وقد حضيت أم الحمام بدروس راقية للمباحثة والتدبر وكان أبرز المتصدين لنشر تلك الدروس السنوية المرحوم العلامة الشيخ عبد اللطيف الشبيب والشيخ علي الزاير والشيخ سعيد الحرز والأستاذ الأديب بدر الشبيب.
وأخيرا نشكر السائل على اهتمامه بالقرآن وأن يكتب لنا آراءه حول هذا الموضوع والموضوعات الأخرى فكلنا اشتياق لأنامله المباركة وندعوه دعوة صادقة للمشاركة في هذا الدور الرائد لنشر الفكر القرآني وأملنا أن يشعر بقية شبابنا بالتوجه والاهتمام نحو القرآن.
تقبلوا خالص تحيات اللجنة الإشرافية بمركز القرآن الكريم بأم الحمام.
محمد الشبيب