الترشيد خيار المستهلك الوحيد
الصيف على الأبواب، صحيح أن حرارته سبقته، إلا أنه سيحل ضيفاً ثقيلاً - بشكل رسمي- في 12 مايو حسب الجهات المختصة..
هذا الضيف يأتينا كل عام ويغادرنا دون أن يضيف لنا شيئا أو يغيّر من سلوكنا الاستهلاكي، ففاتورة الكهرباء لهذا الصيف إن لم تكن هي نفسها لصيف العام الماضي فإنها ستكون أكثر سطواً على الموازنات في هذه المنطقة الحارة.
يشكل الصيف تحدياً أمام الجميع، فشركات الكهرباء تسعى إلى تجاوز الموسم دون إخفاقات، وهي ما زالت تراوح مكانها في الاعتماد على الغاز والنفط في توليد الطاقة الكهربائية، رغم تزايد الطلب على هذا المنتج وفي مختلف القطاعات.
تزايد وصل في المملكة العربية السعودية إلى 10% خلال الربع الثالث من 2015، وهي من أعلى النسب عالمياً.
أما خليجياً فيتوقع المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية أن ترتفع فاتورة الطلب على الطاقة الكهربائية في دول المجلس خلال السنوات 2015- 2019 بنسبة 43% تقريباً، أي بمعدل 8.6% سنوياً.
وبالتالي فإن حدة التحدي تتزايد بتزايد معدلات النمو والاستهلاك.
كحالة طبيعية، فإن شركات إنتاج الكهرباء تلجأ إلى زيادة الأسعار بحيث تغطي مصاريف الإنتاج وتوفر لها أرباحاً مناسبة.
في المقابل فإن هناك دوراً منتظراً من ثلاثة أطراف لمواجهة هذا الوضع، وهم:
المستهلكون: ونعني بهم هنا المواطنين العاديين الذين يستخدمون الكهرباء في حياتهم اليومية دون أن تتحول هذه الطاقة إلى عنصر استثماري، أو مصدر دخل إضافي لهم، خلافاً للمستهلك الصناعي أو الزراعي أو التجاري، حيث يمكنهم مواجهة ارتفاع أسعار الكهرباء والمحافظة على الأرباح برفع أسعار خدماتهم ومنتجاتهم.
الترشيد هو الخيار الأمثل أمام المستهلك العادي، وربما ينطبق المثل «رب ضارة نافعة» على الأوضاع الاقتصادية الحالية لتكون مناسبة نحو التفكير بشكل جاد في تغيير هذا السلوك، والاتجاه نحو الترشيد.
الطرف الثاني هو منظمات المجتمع المدني، فهي معنية بشكل كبير في ممارسة دور التوعية بأهمية الترشيد، والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية في الوصول إلى حلول لمعالجة ظاهرة الإسراف، فلطالما لعبت منظمات المجتمع المدني في الدول المتقدمة دوراً كبيراً في تغيير السلوك.
إضافة إلى الضغط باتجاه توليد الطاقة النظيفة المستدامة، خاصة وأن دول المجلس تمتلك الإمكانيات المتمثلة في الحرارة والرياح.
الطرف الأخير هو الأجهزة الحكومية وفي مقدمتها التعليم والإعلام، إذ يجب أن تبذل الأجهزة الحكومية جهداً مضاعفاً لاستغلال هذا الوضع في تكثيف التوعية بالترشيد، وتقديم حلول فنية سهلة تساهم في التقليل من استهلاك الطاقة.
أخيراً، ينبغي أن نتعامل مع استهلاك الطاقة الكهربائية ليس من زاوية ما ندفعه لشركة الكهرباء من أموالنا، وإنما من زوايا أخرى مهمة أيضاً كتخفيض الأعباء الاقتصادية، فإنتاج الطاقة الكهربائية يكلف خزينة الدول الخليجية مبالغ باهظة، والنظر إليها كذلك من زاوية الحفاظ على البيئة، واعتبار الاستهلاك لهذا النوع من الطاقة معرقلاً حقيقياً لبرامج التنمية المستدامة التي تتجه نحو الطاقة النظيفة.