البحر لن يزاحمكم
ينتظر أن تنطلق منتصف هذا العام أول رحلة بحرية لنقل الركاب والسيارات بين قطر والبحرين، حسب ما وعدت الشركة المشغلة GULF FERRY، وهي خطوة مهمة تساهم في حل مشاكل عدة من بينها الزمن الطويل الذي يستغرقه النقل بين قطر والبحرين، بالإضافة إلى ذلك فهي تفتح الباب أمام إطلاق مشاريع أخرى أوسع للرحلات البحرية السياحية.
من المؤكد أن وجود خطوط نقل كهذه سيساهم في تحقيق مقاصد مهمة مثل زيادة حجم التبادل التجاري، وتخفيف الضغط على الطرق البرية الدولية، والتقليل من حوادث السيارات، وتقليل الضغط على الجسور البحرية كجسر الملك فهد، حيث يشهد اختناقات خاصة في المناسبات والعطلات بما فيها عطلات نهاية الأسبوع، وقد سجلت الإحصاءات عبور 23 مليون مسافر عبر هذا الجسر عام 2016.
كثير من أبناء الساحل الخليجي يشتاقون إلى السفر بحرًا، وقد كان هؤلاء في الماضي يركبون البحر للسفر إلى الدول الخليجية بل وغير الخليجية قبل أن تتوفر مواصلات برية أو جوية، أو لضعف القدرة المالية. وعلى سبيل المثال كانت فرضة (ميناء) الخبر في الستينيات والسبعينيات منفذًا بحريًا للسفر والتجارة. ومما يبعث على التفاؤل ما نشر قبل مدة عن نية لإعادة إحياء النقل البحري بين ميناء العقير في السعودية وميناء الزلاق في البحرين.
وجود رحلات بحرية بين دول المجلس يساهم في تنشيط ونمو القطاع السياحي، خاصة في ظل توجه متنامي لدول المجلس في هذا الاتجاه. وربما تساعد ظروف الأزمة الاقتصادية في تحويل وجهات كثير من الخليجيين إلى السياحة المحلية الخليجية، خاصة إذا ما أبدت الجهات المعنية اهتمامًا بمعالجة الإشكالات وفي مقدمتها الخدمات التي تحتاج إلى تطوير.
يبدو أن الدوحة تتجه بقوة لإحياء هذا الشكل من البرامج السياحية، فقد استقبلت آلاف السياح على متن سفن سياحية عالمية، وتعتزم منتصف هذا العام إطلاق رحلتين يوميًا من ميناء الرويس في الشمال إلى ميناء خليفة بن سلمان في البحرين، كما تعتزم تشغيل خط بحري آخر إلى الإمارات. ومن دلائل التوجه الجديد استقبال شاطئ الدوحة الباخرة The World التي تعد أكبر باخرة سكنية في العالم.
ويشهد القطاع السياحي في الخليج نموًا جيدًا، فعلى سبيل المثال تظهر الإحصاءات أن السياحة أسهمت بنسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات عام 2015، ويتوقع ارتفاع عدد السياح القادمين إليها إلى 22 مليونًا بنهاية 2016، بنمو قدره 10% مقارنة بـ20 مليونًا في 2015، وهي نسبة نمو عالية. كما استقبلت دولة قطر 2.182 مليون زائر في التسعة الأشهر الأولى من عام 2016، بنمو 7% مقارنة بنفس الفترة عام 2015. وتتوقع وزارة السياحة القطرية أن يبلغ عدد السائحين والزائرين نحو 9 ملايين خلال العام 2020 بما يجلب دخلا يشكل نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
نحن بحاجة إلى تنمية القطاع السياحي لزيادة مساهمته في النواتج المحلية لدول المجلس، خاصة مع الظروف الاقتصادية التي تدفع باتجاه تنويع مصادر الدخل، ومن القطاعات الواعدة في هذا المجال القطاع السياحي، وينبغي أن لا يكون السبب الذي يعيق تنفيذ مثل هذه المشاريع هو الخوف من اقتطاع حصة من قطاعي النقل البري والجوي لصالح النقل البحري، فهذا الأزرق الجميل لن يزاحمكم، فحركة النقل والتنقل تتزايد يومًا بعد يوم، ولذلك تشهد الموانئ والمطارات والطرق البرية حركة توسع دائمة، ثم إن تزايد حركة تنقل الأفراد والبضائع تساهم في تنمية الاقتصاد، وهذا هدف أكبر من اقتسام الحصص بين القطاعات.