الحسين يمنح الإنتصار
أبداً " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي" كما قال جل من قال. والغلبة لمبادئ وقيم الدين أمر شهده العالم، بغلبة الدين على الكفر في عصور الأنبياء ومن سار علىدربهم. وقد تجلت أروع وأعظم صور الغلبة بإنتصار الإسلام على حالة الكفر والإلحاد والفوضى والجاهلية التي كانت تشهدها دول المنطقة في عهد الرسول الأكرم . وكان الإمام الحسين السبط الذي المذخور لنصرة الدين وغلبته على مدى العصور المتمادية، حيث كان إمتداد رسول الله بنص الحديث الشريف "حسين مني وأنا من حسين". إذ أن أكبر التحديات والعقبات التي تقف أمام الدين وإنتصاره هم الطغاة المستكبرون الذين يسيطرون على أزمة الحكم، فيحكمون بغير ما أنزل الله ويعيثون في الأرض فساداً، " قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله ، وحرموا حلاله" كما قال سيد الشهداء الحسين . وبما أن الإمام الحسين هو النسخة الشرعية الثانية لشخصية الرسول بنص الحديث الشريف، فكان لابد من قيامه بالنهضة ضد الطغاة الذين جاؤوا بإسم الإسلام ليحكموا بعكسه، ليأصل بذلك شرعية النهوض ضد الحكام الذين يصلون باستهتارهم الى مستوى يزيد " شارب الخمر وراكب الفجور وقاتل النفس المحرمة". وهكذا استمرت النهضة الحسينية من كربلاء موقعاً ومن عاشوراء زمناً لتتجدد بحيوية ومظلومية دماء السبط الشهيد، متحدية في كل عصر طغاة الأرض المستكبرين. فكان من أراد الإنتصار على مستكبري زمانه أن يتمثل الحسين ومنهجه لكي ينتصر. وهذا ما استهلمه الثوار العلويون حين أنتشروا في الأرض وقادوا الثورات بشرعية نهوض الإمام الحسين، وأسسوا دولاً عديدة أسهمت في تقدم البشرية. واستمر استلهام الدروس من مدرسة الحسين في عصرنا الحديث. فهذا غاندي محرر الهند أكتشف في الحسين معادلة الإنتصار والغلبة على الاستعمار البريطاني الذي سلب ثروات الهند ومزقها، وأذل شعبها. فما كان من غاندي إلا أن لجأ الى الحسين كما قال في كلمته المشهورة "تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر". وحين أراد الإمام الخميني – قدس سره- أن يحقق معادلة الإنتصار على طاغية زمانه الشاه بهلوي لجأ الى منهج الإمام الحسين، فكراً وأسلوباً، فكان دم الشهداء المسفوح على شوراع إيران، وفي سجونها الرهيبة مُلهماً وقائداً للشعب الإيراني في تحقيق الغلبة والانتصار، فتأثر الناس بالشهداء فعقدوا العزم على المواصلة والصمود، وكانوا على موعد مع الجنود الأحرار الذين تأثروا بموقف الحر حين أنحاز الى الإمام الحسين، فانحاز معظم قادة الجيش والجنود الشجعان الى حركة الأمة، ووقع الإنتصار. ولم يفت الإمام الراحل أن يقول كلمته الشهيرة " إن كل ما عندنا هو من الإمام الحسين وعاشوراء". وحين أراد أبناء الجنوب اللبناني أن يحرروا بلادهم من دنس الطغاة اليهود، تقدموا بنفَس الشهادة، ودخلوا المعارك مستهلمين من شجاعة الحسين وأنصاره، وما هي إلاسنوات وإذا بالجنوب قد تحرر في أول تحرير حقيقي للعرب ملؤه العز من بني صهيون. هكذا كانت ولا تزال مدرسة الإمام الحسين فواحة معطاءة تنتظر الصادقين كي يستلهموا من فيافيها ونورها دروس الحرية والإنتصار. فما أحوج العالم اليوم للإمام الحسين كي ينتصر على جحافل الإستعمار والطغاة المستكبرين، والشمريين الإرهابيين الذين استدعوا كل مكونات فعل الشمر وإرهابه في العراق وغيره.