376- فائدة كلامية
دليل حساب الاحتمالات على صحة الدعوة النبوية ومذهب أهل البيت
من الأدلة العقلية على صدق الدعوة النبوية، وحقانية التشيع لأمير المؤمنين هو دليل حساب الاحتمالات، وحاصله ضمن نقاط
1- أنّه على تطاول فترات التاريخ لأكثر من ألف سنة، واختلاف الدول، وتعاقب الحكومات، نجد أن كلّ من تسلم زمام الحكم ـ إلا الشاذ النادر ـ كانوا في حالة عداء ضد الشيعة، واستخدموا في معاداتهم مختلف الوسائل، من قمع، وإرهاب، وسجن، وتهجير، وقتل، وتعذيب، ومصادرة أموال، وغير ذلك من الطرق غير الإنسانية، مستخدمين إلى ذلك، علماء السوء، وماكنة وسائل الإعلام الجبارة التي وظفوها لخدمتهم لقلب الحقائق، وتأليب الناس، وتحريضهم على الشيعة، إضافةً إلى الترغيب والمميزات الكبيرة التي كان يحصل عليها غير الشيعي.
ويفترض ـ والحال هذه ـ أن يحدث انحسار وضعف في مساحة الانتماء للتشيع، وتركُ كثير من الناس لمذهبهم، وانطماس معتقداتهم، وهذه النتيجة المنطقية لتلك المقدمات.
في حين نرى أن الواقع بالعكس، إذ نجد أن الذين يدخلون زرافات ووحداناً في مذهب أهل البيت كانوا ولا يزالون كثرة كاثرة، سواء من عوامهم أم من خواصهم وعلمائهم ومثقفيهم.
وعلى مستوى النسبة نجد أن نسبة الشيعة المسلمين في العصر الأول (زمن الرسول وبعد شهادته مباشرةً، لعلها كانت واحداً بالعشرة آلاف، ثم ازدادت بمرور الزمن فصارت اثنين بالعشرة آلاف، ثم ثلاثة ثم أربعة، ثم خمسة، وستة... وعشرين... ومائة، ومائتين، وثلاثمائة... وألف... وقد زادت الآن عن ألفين بالعشرة الآلاف (أي الخمس) وقيل الثلث.. وذلك لعَمركم من العجائب.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على صحة تلك العقيدة، لأن كل شيء كان على الضد منها، ولم تكن تملك إلا تناغمها مع العقل والفطرة، والأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، والتي يرضح ويذعن لها العقل والفطرة السليمة، كما يدل على التسديد الإلهي الغيبي لهذه الطائفة.
2- وجود السلسلة المتصلة لأئمة أهل البيت الممتد لأكثر من (250) سنة، إمام بعد إمام، وقد تسنموا قمة الفضائل والمآثر والمناقب، وتفوقوا على جميع أهل عصورهم، في العلم والتقوى والورع والصدق والعدل والحكمة والقوة والشجاعة، وجميع صفات الكمال الإنساني الجسدي والروحي والعلمي والأخلاقي، مع إذعان المخالف والموافق لهم بهذه المميزات، مع عدم تلقيهم لهذه العلوم والمعارف والخصائص من غير آبائهم الطاهرين. إذ يستحيل عادةً وجود سلسلة متكاملة في أعلى درجات الكمال والعلم والفضائل، تمتد لاثني عشر نسلاً باعتراف حتى المخالف، من دون إعجاز يكمن خلف ذلك.
وهذه السلسلة المباركة من الأئمة، يصرحون بأن ما لديهم فهو من عند رسول الله وأنهم أوصياؤه وخلفاؤه، وأنّ (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة). ويقول أمير المؤمنين : (إنما أنا عبد من عبيد محمد).
وهذه المقدمات بحساب الاحتمالات تفيد نتيجتها القطع بصدق دعواه (صلى الله عليه وآله)، وحقانية مذهب أهل البيت .
بل نقول: تكفي للإذعان بحقانية الرسالة، اعتراف عظيم لا نظير له طوال التاريخ البشري بنبوته، ألا وهو الإمام علي .
وقد ورد عن الإمام الصادق في زيارة أمير المؤمنين يوم مبعث النبي :
(أخي نبيّك، ووصيّ رسولك، البائت على فراشه، والمواسي له بنفسه، وكاشف الكرب عن وجهه، الذي جعلته سيفًا لنبوته، وآيةً لرسالته، وشاهدًا على أمّته، ودلالةً لحجته، وحاملًا لرايته، ووقايةً لمهجته، وهادياً لأُمته، ويداً لبأسه، وتاجاً لرأسه، وباباً لسرّه، ومفتاحًا لظَفَرِه..)[1].
ويظهر منها أن أمير المؤمنين أحد الدلائل والشواهد على نبوة النبي محمد وصدق دعوته