الغزو الثقافي الاستعماري للعالم الاسلامي: الطرق والوسائل
البعض منا يقلل بل لا يعير أي أهمية للغزو الثقافي الجاثم على صدورنا الذي لعب دوراً بارزاً في تغير شريحة كبيرة من مجتمعاتنا الإسلامية، تغيرٌ وصل إلى حد أنك تقف متعجباً بل مذهولاً من بعض المجتمعات الإسلامية من سوء تفكيرهم وقبح تصرفاتهم وانحلالهم.
مالم يصل إليه الغرب بالسلاح وصل إليه بالغزو الثقافي, خططُ مدروسة لم تأتِ من فراغ معتمدين على علمائهم في علم النفس والاجتماع والإدارة والسياسة، خطط ٌ نجاحها مضمون100% على ضعفاء النفوس والغاطين في نوم ِالغفلة بسباتٍ عميق.
عندما سلط أعداء الإسلام الضوء على الأمة الإسلامية في محاولة تدميرها خططوا لفصل جيل الشباب عن الدين واختاروا لذلك طريقين:
الطريق الأول:
التركيز على إشباع الشهوات وخاصة الجنسية منها، والمسكرات وأهمها المخدرات، وإشاعة الانحلال الخلقي بين صفوف المسلمين وخاصة فئة الشباب والشابات, ونجحوا في ذلك نجاحاً كبيراً جداً، والذي يرجع بذاكرته إلى الوراء أي قبل عشر سنوات تقريباً وهي فترة زمنية ليست كبيرة يرى أن المجتمعات الإسلامية من قبل أفضل بكثير من اليوم في حفاظه على دينه وقيمه الأصيلة، والذي زاد في سريان سرطان الفساد طبيعة الحياة الاستهلاكية المريحة الباعثة على التخدير والغفلة التي عاضدت المخطط السابق لتقوية تيار الممارسة الانحلالية.
الطريق الثاني:
ويتمثل في التيار العلمي والفكري والتقدم التكنولوجي، إن الانتشار الفكري والعلمي الجديد إلى البلاد الإسلامية الذي بطبيعتهِ يجذب فئة كبيرة من المسلمين وهذه طبيعة كل إنسان يريد أن يصل إلى الأفضل في كل شيء فينجذب نحو العلم والتقدم, واستغلوا شياطين الأنس هذا العلم والتقدم إلى وسيلة لنزع الاعتقاد بالدين وإطفاء نور الفطرة من النفوس المسلمين ﴿يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ (257) سورة البقرة، وإغراق الشباب والشابات بالفساد عن طريق الوسائل المتقدمة الحديثة من أقمار صناعية تبث الأفلام المنحلة المبتذلة والمواقع المغرية على الإنترنت والجوالات لأغراض غير الاتصال و.......و.......و.......
وسوف يستغلون كل تقدم يساهم في صرف الشباب المسلم عن التمسك بالإيمان، نحن لا نقول أن لا نستفيد من التقدم الفكري والعلمي والتكنولوجي, إن الاستفادة من تجارب الآخرين يبعث على التكامل, ولكن هناك فرق بين (التبادل الثقافي والغزو الثقافي). إن التبادل الثقافي هو مبادرة تنطلق من حريتنا واختيارنا أما الغزو فهو مبادرة من العدو ضدنا كي يدمر ثقافتنا ويستبدل هويتنا الأصيلة.
(فرق واضح وجلي بين أن تختار الدواء والغذاء المناسب لك ولأهلك وأبنائك وبين أن يختار لك عدوك ذلك) من خطبة للسيد القائد الخمنئي.
النتيجة والتوصيات:
خلصنا إلى نتيجة إن الغزو الثقافي الاستعماري له من الخطورة أكثر بكثير من الخطر التسلحي, بحيث إنه لو قضي علينا بأسلحتهم المادية انتقلنا من هذا العالم إلى عالم ثانٍ لكن السلاح الثقافي الذي يعمل على تدمير نفوسنا ومعنوياتنا ونحن نرى ونسمع في كل يوم يمر علينا ألوان الفساد والانحلال الخلقي والاجتماعي.
من يستطيع أن يسكت وهو يرى أبنه أو ابنته أو أخته أو...أو...يقع في مستنقع الفساد والرذيلة ولا يحرك ساكناً,الغريب عندما تناقش البعض في هذا الوضع المتردي الذي وصلنا إليه يرد عليك بكل برود: ماذا تريدنا أن نفعل؟ الفساد انتشر خلاص، والآخر يقول لك خلى القرعة ترعى, والثاني يقول: دع الخلق للخالق، ومنهم من يقول: لا عليك من أحد عليك بنفسك وأهلك, كل واحد بدينه, عيسى بدينه وموسى بدينه..، وآخر يفتي بما ليس له علم، كلها أقوال تدل على أنها مورثات خاطئة وفكر هابط و نفسية محبطة على الرغم أن عندنا رصيداً ضخماً من التوجيهات الإلهية والنبوية...التي تحثنا على عدم السكوت والتحرك لمواجهة هذا الغزو الثقافي البغيض...
يقول الله في محكم كتابه ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (104) سورة آل عمران، ويقول أمير المؤمنين علي (لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي عليكم أشراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم ) بحار الأنوار،مج:97،ص77.
وهل هناك من الأشرار المتسلطين أشر من الأمريكيين والصهاينة، وجاء في الحديث: (من أعان ظالم سلطه الله عليه)، (العامل بالظلم والمعين له و الراضي به شركاء فيه) ومن أحد مصاديق الظلم ظلم النفس بدسها في الموبقات والرذائل﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)﴾ سورة الشمس.
فالانجراف وراء الشهوات والرغبات المحرمة التي تطرحها أمريكا والصهيونية عبر مخططاتهم الشيطانية يعتبر إعانة على تنفيذ تلك المخططات الشيطانية..
فمتى نستيقظ من نوم الغافلين وننتبه؟