نظام الحكومات المحلية السبيل الحضاري الأسلم لبناء العراق
العراق أمام تطلعات مختلفة لإرادات خفية تريد منه التقسيم المؤقت حاليا ريثما يتم التقسيم المستقبلي بعد أن تضع الأمور اوزارها, وتبني الفراخ اوكارها, ويشبع كل ذي نهم نهمه, حتى إذا نبت الرياش واخذ كل ذي مطمع حصته, دوليا محليا اقليميا, وقسموا المناطق الكردية إلى اقليم كردي, والسنية إلى اقليم سني, والشيعية إلى اقاليم جغرافية صغيرة لا هي حسب التقسيم الطائفي كما هو الحال مع السنة, ولا التقسيم القومي كما هو الحال مع الكرد, عندها تأتي سياسة (فرّقْ تسد) وتفعل فعلها في التفتيت, ليتم الاجهاز على الشيعة, ذلك لأنهم ذووا فكر حضاري ثاقب, ليسوا بتكفيريين يذبحون الناس على الهوية, ولا ذوي فكر اقصائي طارد مارَسَ ويمارس الإقصاء قرونا طويلة مع الآخر, ولا فكر قومي يذبح الإنسانية لجريمة اللغة التي يتكلمون وعِرْقِها الذي ينتسبون, ثم أن شيعة أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, ليسوا بدعاة إلى إسلام متطرف يكفر بإسلام الله ورسوله, فيقصي المواطنين من ذوي الاديان الأخرى, ذلك أن منطقهم (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد) (1).
بل فكرهم فكر وحدوي يجمع الجميع على الإسلام بالنسبة للمسلمين, وعلى الإنسانية بالنسبة لغير المسلمين, ومتسامح لا ينتقم ممن انتقم منه, متساهل لا ينهمك في تطلعات شخصية أو قومية أو طائفية على حساب المصالح العليا للإنسان والوطن.
فكر يؤمن بالاستقلال الصادق وليس الاستقلال الكاذب الذي يستهدف الاستحواذ على عراق خسره المستحوذون, بغرض إركاسه في الذل والهوان بابشع مما كانوا يفعلون.
فكر يؤمن في بناء عراق حضاري, لا جاهلي قبلي يكرس قيم البداوة التي تؤمن بغزو الجار, ونهب الصديق, وسلب الصاحب في الطريق, ولاجاهلي قومي يستعبد القوميات الأخرى ويصادرها حقوقها تحت غطاء شعارات المصالح القومية, ولا جاهلي طائفي يضع الطائفة المحكومة في عداد الاضاحي التي تنتظر الذبح بيوم النصر (المؤزّر ؟) في أعياد القومية (المجيدة ؟) للطائفيين.
بل فكر يؤمن في بناء عراق حضاري يرفع الإنسان مكانته العليا التي رفعه الله فيها إذ قال (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (2)
خصوصا وان الطاقات العراقية مبدعة خلاّقة, وفي العراق من القدرات البنّاءة التي كلما أراد الإستئصاليون والاجتثاثيون اجتثاثها من الجذور نَبَتَتْ من جديد على ضفاف شواطيء الحياة التي كانت تترسَّمُها القدرات الخلاّقة في بلدان الْمَهاجر والأصقاع الممحلة, كما يترسم النبتُ قطرات الطلِّ في الليل البهيم.
وبالطبع فإن هذا لَمِمّا لم يَرُقْ بأي وجه من الوجوه ولا ينسجم في يوم من الايام مع تطلعات الطامعين في العراق, الطامحين إلى بناءه وفق اراداتهم وبمعزل عن إرادة الإنسان العراقي واصالته الفكرية, وعراقته الدينيه, ومبادئه الإنسانية, وحريته الطبعية.
لذلك كان لابد من التأكيد على بناء العراق الموحد, وعدم مصادرة الإنسان العراقي حريته في تقرير مصيره, وصياغته دستوره الذي يراه, وتشييده مجتمعه الذي يريد, عبر نظام الولايات المحلية, باعتماد التقسيمات الادارية القائمة, بدل التقسيمات التي يراد اقامتها على أسس قومية واخرى طائفية.
وهذا ما قد دفعني إلى بيان الآلية الناجعة, والطريقة الناجحة في تاسيس نظام الحكومات المحلية (الفيدرالية) على أساس المحافظات الادارية, فكانت تلك الآلية تتطلب منّا خوض البحث في الابواب التالية:
الباب الأول: طبيعة نظام الحكم
الباب الثاني: الايجابيات الحضارية لمشروع حكومة الولايات (المحافظات)
الباب الثالث: طريقة الانتخابات في حكومة المحافظات
الباب الرابع: تشكيل الوزارة في الحكومات المحلية
الباب الخامس: تشكيل أعضاء مجلس الشورى المحلي (برلمان الحكومة المحلية)
الباب السادس: تشكيل الحكومة المركزية
الباب السابع: تشكيل أعضاء مجلس الشورى المركزي (البرلمان الحكومة المركزية)
الباب الأول: طبيعة نظام الحكم
نظام الحكم في العراق رئاسي برلماني اتحادي (فيدرالي) . فهو رئاسي بمعنى يرأس البلاد رئيس جمهوية ينتخبه عموم الشعب, وبرلماني يعتمد البرلمان (أو مجلس الشورى) في إدارة البلاد, واتحادي (فيدرالي) يعتمد نظام (الولايات المحلية) بمعنى (فيدرالية المحافظات) وليست فيدرالية اقاليم قومية ولا اقاليم طائفية أو عرقية أو غيرها.
الباب الثاني: الايجابيات الحضارية لمشروع حكومة الولايات
لابد من بيان ابرز الايجابيات الكامنة في مشروع حكومة الولايات المحلية المعروف في عرف اليوم بالفيدرالية, والتي يمكن التركيز فيه على الفوائد التالية:
فائدة (1):
من فوائد فيدرالية المحافظات أو( حكومة الولايات) أنها تلغي جذور التطلعات المستقبلية الرامية إلى تقسيم العراق, ذلك أن العراق قد كان حسب النظم السابقة نظاما خاضعا إلى تقسيم طائفي قومي عنصري تتمتع فيه المحافظات الثلاث التي سماها نظام حزب البعث (بالمحافظات البيضاء) بوافر الأمن, وكامل الدعم, وكافة الخدمات ـ وهذا لايعني أنه لم يتعرض أحد إلى الملاحقة في تلك المحافظات البيضاء, ولكن على أساس المخالفة السياسية أو الشخصية مع النظام السابق, وليس من منطلق الإقصاء الطائفي أو مبنى الحذف القومي ـ لتبقى (المحافظات السوداء) وهي المحافظات الأخرى أسيرة الحرمان, وضحية الفتك, ورهينة الإرهاب والإقصاء والمقابر الجماعية.
وبالتالي فلن يقبل أحد من العراقيين أن يرجع العراق إلى التقسيم القديم ولكن من جديد وتحت غطاء التقنين الدستوري وشعار الديمقراطية والحرية والتجديد.
الأمر الذي يحتم أن يكون نظام العراق نظام (حكومات اتحادية) على شكل حكومة ولايات (محافظات) وقد بيّنا هذا بالتفضيل في اطروحة الدستور التي قدمناها للجمعية الوطنية والحكومة العراقية كما عرضناها على الرأي العام.
فائدة (2):
حكومة فيدرالية المحافظات أو( نظام الولايات) تعطي الشعب العراقي الحرية الكبيرة في إدارة نفسه, وتمنح المواطن تطوير محافظاته التي يقطن.
فائدة (3):
حكومة الولايات تؤصل حالة التنافس في المشاريع التنموية لكل محافظة, الأمر الذي يخدم تطلعات المواطنيين في تلك الحكومة.
وبهذا التنافس يحصل الابداع والتطوير, كما يكون حلا لمشكلة التنازع القومي على هذه المدينة أو تلك.
فائدة (4):
نظام الحكومات المحلية يعطي كل فرد من الشعب حريته في انتخاب من يريد, وبناء ما يريد, وتقرير ما يريد, بدل أن تتم محاصصة البلاد وتقسيمه حسب رغبات تطلعات السياسيين.
فائدة (5):
نظام الحكومات المحلية(حكومات المحافظات) يعطي الشعب عموما وكل فرد في أية محافظة, الانتخاب وتقرير المصير, بدل أن ترسم له الأحزاب أو الكتل السياسية مصيره وتحدد له بيته على شكل اقاليم قومية وطائفية ثم تطلب منه المساهمة الموضعية المحدودة في إدارة اروقة ذلك البيت الْمُقَسَّم مسبقا له. فيكون نظام حكومة المحافظات مانِحاً الشعب وكل فرد منه المساهمة الفعالة في بناء بلاده الصغيرة ووطنه الكبير بمحض إرادته.
بينما حكومة الاقاليم القومية والطائفية تحدد للمواطن اُفقه, وتؤطِّر له حريته, في حدود إرادة الأحزاب أو الكتل السياسية, وبدل أن يكون الحزب أو تطلعات الكتل السياسية في خدمة تطلعات الشعب, يتحول الشعب كله ليكون في خدمة الأهداف التي ترسمها الأحزاب, والخضوع إلى تطلعات الكتل السياسية.
الباب الثالث: طريقة الانتخابات في حكومة المحافظات
وهي الآلية اللازمة لإجراء الانتخابات على صعيد حكومة الولايات, أو ما يسمى بفدرالية المحافظات, ويمكن أن ترتسم معالمها حسب الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: وقبل كل شيء يجب أن تُثبَّتْ قانونيا تسمية الأحزاب والكتل السياسية التي يمكن أن تدخل ميدان المنافسة والترشيح, ولنفرض أنها كانت ستة كتل سياسية على سبيل المثال.
الخطوة الثانية: يحق لكل الأحزاب أو بعضها أن تكون متواجدة شعبيا في أية محافظة من محافظات العراق, وان يكون لها مراكز سياسية تمثلها. باعتبار أن العراق للجميع.
الخطوة الثالثة: تؤسس دوائر انتخابية في كافة المحافظات بعدد الكتل السياسية في العراق.
الخطوة الرابعة: تحمل الاستمارات الانتخابية اسماء مرشحي تلك الأحزاب الستة(وفق المثال السابق) في كل الدوائر الانتخابية لكل محافظة من محافظات العراق, ليكون لكل مواطن في أية محافظة يسكن, الحق في انتخاب القائمة التي يريد التصويت لأجلها. فقد يكون المواطن الكردي يريد انتخاب قائمة غير كردية, وقد يكون للمواطن العربي الرغبة في انتخاب قائمة غير عربية, كأن تكون كردية أو تركمانية أو غيرها, وقد يكون للسني الرغبة في انتخاب قائمة شيعية, وقد يريد الشيعي انتخاب قائمة سنية, فيجب أن تكون عندئذ الاستمارات الانتخابية لكل القوائم الانتخابية متواجدة في كافة الدوائر الانتخابية المتواجدة في انحاء البلاد .
الخطوة الخامسة: الشعب عند الانتخابات لاينتخب إسم قائمة أو كتلة مُعيَّنة, بل ينتخب إسم ممثل تلك القائمة أو الكتلة, الساكن في محافظته. وأن انتخابه لذلك الاسم يدل على انتخاب القائمة التي ينتمي لها ذلك الممثل لتلك الكتلة السياسية أو الحزب.
الخطوة السادسة: تفرز أصوات الناخبين لكل محافظة في المحافظة ذاتها, مع تأسيس نظام انتخابي يحفظ الأصوات من التزوير, وهذا شأن انتخابي في كل العالم. وبعد الانتهاء من فرز الأصوات تدخل العملية السياسية مرحلة تشكيل الحكومة المحلية.
الباب الرابع: تشكيل الوزارة للحكومة المحلية
يمكن تشكيل الوزراة في الحكومة المحلية أو حكومة الولاية حسب الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: الكتلة السياسية الفائزة في أية محافظة كانت تشكل الوزارة للحكومة المحلية لتلك المحافظة التي فازت بها, فإذا حازت تلك الكتلة أو الحزب على الأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين في تلك المحافظة تسمى الحكومة عندئذ (حكومة الأغلبية), في تلك المحافظة.
الخطوة الثانية: رئيس تلك الكتلة الفائزة بتلك المحافظة سيكون رئيس الحكومة المحلية لتلك المحافظة.
الخطوة الثالثة: على رئيس الحكومة المحلية (لحكومة الأغلبية) أن يشكل وزراء حكومته من أعضاء كتلته أو حزبه السياسي الفائز في تلك المحافظة.
الخطوة الرابعة: أما الكتلة أو الحزب السياسي الذي يلي الكتلة الفائزة باغلبية الأصوات يسمى (الحزب المعارض) إن كان حزبا, أو (كتلة المعارضة) إن كانت كتلة.
الخطوة الخامسة: قائمة الحزب أو الكتلة السياسية الفائزة إذا لم تحرز الأغلبية الساحقة للأصوات كأن لم تحصل على (51) بالمئة من الأصوات واكثر, فعليها أن تتأآلف وتتعاون مع الكتلة المعارضة (كتلة الحزب المعارض), لتشكل حكومة تسمى (حكومة الإئتلاف).
الخطوة السادسة: أما إذا كانت القائمة التي فازت باكثرية الأصوات في تلك المحافظة, فعليها أن تشكل حكومة الأغلبية, ويكون الحزب التالي لها حزبا معارضا خارج السلطة وليس داخلها كباقي الأحزاب المعارضة خارج السلطة.
الباب الخامس: تشكيل أعضاء مجلس الشورى للحكومة المحلية (البرلمان)
ويمكن تشكيل أعضاء المجلس الوطني أو مجلس الشورى المعروف بالبرلمان حسب الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: الاسماء التي سُمِّيتْ في القوائم الانتخابية, والتي قد انتخبها الناخبون كممثلين عن القائمة التي يريدون التصويت لها في تلك المحافظة, ستكون اسماءا لأعضاء مجلس الشورى, أو المجلس الوطني, أو البرلمان في تلك الحكومة المحلية.
الخطوة الثانية: عند تشكيل (حكومة الأغلبية) الساحقة أو (حكومة الإئتلاف), فإن اسماء المرشحين الذين انتخبهم المواطن كممثلين عن الحزب أو الكتلة التي تمَّ انتخابها, تدخل - تلك الاسماء - في مجلس الشورى أو ما يسمى (البرلمان) ليديروا المجلس معا. وهما عبارة عن أعضاء المجلس من القائمة الفائزة مع الأخرى التي هي قائمة المعارضة.
الخطوة الثالثة: يكون لكل عضو في داخل المجلس مكتب خاص به في تلك المحافظة ينوب عن حزبه في منطقته لتفقد مشاكل الشعب ومتطلبات تلك المحافظة, وعرضها على الحكومة, ثم يعرض نشاطاته ويتفاعل مع شعب منطقته (محافظته), ويبحث في حلول مشاكلهم.
الباب السادس: تشكيل الحكومة المركزية
أما تشكيل الحكومة المركزية المسؤولة عن ادارة الشؤون المركزية لحكومات الولايات المحلية, فيمكن تشكيلها حسب الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: الحكومة المركزية يشكلها مجموع أصوات الناخبين الذين انتخبوا الحكومات محلية, فلو فرضنا أن القوائم الانتخابية للكتل السياسية السالف ذكرها والتي كان عددها(ستة), ستكون كالترتيب التالي: قائمة(1), وقائمة(2) وقائمة(3) وقائمة(4) وقائمة(5) وقائمة(6).
الخطوة الثانية: فلو فازت القائمة (1) بتشكيل ثلاث حكومات محلية.
والقائمة (2) بتشكيل حكومة واحدة.
والقائمة (3) بتشكيل حكومتين.
والقائمة (4) بتشكيل باقي الحكومات, فيكون تشكيل الحكومة المركزية من نصيب الكتلة التي تتفوق بعدد الأصوات التي حازتها على الكتل الأخرى في مجموع انحاء البلاد.
الخطوة الثالثة: فلو كانت مجموع أصوات القائمة (1) على صعيد العراق كله مثلا(مليون صوتا), ومجموع أصوات القائمة (2) على صعيد العراق كله مثلا( مليوني صوت), وعدد أصوات القائمة (3) على صعيد العراق مثلا(ثلاث ملايين صوتا), وعدد أصوات القائمة (4) على صعيد العراق مثلا(عشرة ملايين صوت), فإن الحكومة المركزية ستكون من حصة القائمة التي انتخبها عشرة ملايين مواطن.
الخطوة الرابعة: القائمة الفائزة باغلبية الأصوات على صعيد العراق كله سيكون رئيسها أو من ترشحه القائمة من داخلها, رئيسا للجمهورية.
الخطوة الخامسة: رئيس الجمهورية سيرشح رئيسا للوزراء من قائمته التي فازت بالحكم.
الخطوة السادسة:رئيس الوزراء سيقوم يتسمية وزراءه في للحكومة المركزية.
الخطوة السابعة: يطرح رئيس الوزراء بدوره تلك الاسماء على المجلس الشورى المركزي لغرض طرح الثقة بها.
الباب السابع: تشكيل أعضاء مجلس الشورى المركزي (البرلمان)
يمكن تشكيل أعضاء مجلس الشورى المركزي (البرلمان) عبر الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: يتشكل أعضاء مجلس الشورى للحكومة المركزية من ترشيح اسماء من أعضاء مجالس الشورى للحكومات المحلية, وفق عدد يتم العمل على تحديده دستوريا.
الخطوة الثانية: تقوم الكتل النيابية المكونة من نواب (الحزب الحاكم) ونواب (الحزب المعارض) في السلطة, لكل حكومة محلية بترشيح بعض اعضائها للحكومة المحلية ليكونوا أعضاءا في مجلس الشورى للحكومة المركزية, وبهذه الخطوة يكون هؤلاء الاعضاء أعضاءا في مجلس الشورى للحكومة المحلية وبنفس الوقت اعضاءا في مجلس الشورى للحكومة المركزية ليصبحوا ممثلين لحكوماتهم المحلية في الحكومة المركزية لمناقشة الأمور التي تتعلق بشؤون الحكومة المركزية, ومصير البلاد.
وبالطبع فإن الكثير من الأمور التفصيلية تحتاج إلى بيان, خصوصا فيما يخص مسؤوليات الكتل السياسية, والكتل النيابية, والمجالس المحلية, وعلاقاتها مع المجلس المركزي, ومع الحكومة المحلية والحكومة المركزية, وعلاقة الحكومات المحلية بالحكومة المركزية, وتوزيع الثروات, وكيفية استصدار القرارات والتشريعات الخاصة بكل مستجد من مستجدات الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإداري وغيره.
علما أن الكثير من تلك الأمور قد فصلنا البحث فيها خلال اطروحة الدستور التي سبق وأن كتبناها.
وبهذه الآلية يستطيع الشعب العراقي بأكمله المساهمه في البناء من دون اللجوء إلى الاطروحات القومية والطائفية والعراقية وغيرها.
كما يساهم الجميع في التنافس مع الجميع من اجل بناء عراق موحد يلتزم المناهج الحضارية في البناء.
إضافة إلى أن نظام الحكومات المحلية جغرافيا تنتظم فيه الحكومات المتعددة بحكومة مركزية تشرف على الجميع, الأمر الذي يفؤّت الفرصة على كافة الثغرات الاستراتيجية التي احدثتها حكومة الاحتلال في تأسيسها قانون إدارة الدولة المؤقت.
كما تتلاشى عندها كافة التحسسات والتخوفات من نوايا الانفصال القومي, ومشاريع التمزق الطائفي.
فضلا عن أن هذا النظام يساهم مساهمة فعالة في احترام العراق والعراقيين من خلال طرح الثقة بين الجميع من دون أن تخاف الاقلية من الديمقراطية التي تعني تغليب رأي الأكثرية, فلا يحتاج لأن يضع الاستعمار لها قاعدة الفيتو لتوقيف عجلة الديمقراطية التي يزعمون, وتعويق نشاط الحياة, وإلغاء التقدم, وتأخير مسار التنمية الإنسانية, واسقاط مشاريع التطور في العراق.
ثم يساهم نظام الحكومات المحلية جغرافيا في الحيلولة الصادقة دون كل من تسول له نفسه العبث في البلاد, وتدمير المجتمع, وإرهاب الناس, خصوصا وقد عشعشت في العراق (أحزاب إنقلابية) لا تؤمن إلا بالانقلابات الدموية, والمؤامرات الخفية, والقفز بجنح الظلام على السلطة, وذبح الشعب, وتحكيم النهب, وسرقة الثروات, واسقاط الإنسان وحريته وكرامته.
وبهذا فإن مشروع الحكومات المحلية جغرافيا تنتهي عنده المشاكل القومية والعنصرية والطائفية والإرهابية من مسرح الحياة السياسية بفضل اشتراك جميع العراقيين بنظام يضمن للجميع إمكانية اخذ الحقوق عبر الانتخاب على ارض الواقع, فلا يحتاج أحد من العراقيين إلى اللجوء في البحث عن ادلة تنفعه في اثبات ما إذا كانت هذه المحافظة تابعة له, أو تلك المدينة من مدن محافظته, إذ يتمكن عندئذ من أخذ ما يريد عمليا من خلال الممارسة السياسية الحرة على سطح العراق باجمعه.
وإذا كان مشروع إقامة نظام الحكم على أساس الولايات المحلية بدل الاقاليم القومية والطائفية يساعد على بناء العراق على الوجه الأكمل, فيجب على الجمعية الوطنية, والحكومة العراقية المنتخبة, والأحزاب السياسية, أن ينظروا بعين الواقعية والعمل على تحقيق ما هو لله رضا وللشعب خير وصلاح.
وختاما..
اقول لزاما عليك ايها السياسي في عراق المقدسات أن تعلم أنك في:
(بلاد قد جَرَتْ عليها دولٌ قبلك من عدل وجور, وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك, ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم, وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألْسُنِ عباده, فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح, فاملك هواك, وشح بنفسك عما لا يحل لك, فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أوكرهت, وأشعر قلبك الرحمة للرعية, والمحبة لهم, واللطف بهم, ولا تكونن عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أُكلهم, فإنهم صنفان إما أخٌ لك في الدين وإما نظيرٌ لك في الخلق..) (3 )
الأحد 3/تموز/ 2005