في النهاية سترجح إحدى كفتي الميزان
إنها معادلة صعبة .. ترى هل ننجح في الاختبار ؟ أم أننا نحرز به صفراً آخر نضيفه إلى باقي أصفارنا الشمالية !!
ليست المسألة فقط متعلقة بإنقاذ رقبة إنسان وإنما هي معلقة بمقاييس الخير في دواخلنا ويبدو أن ذاكرتنا تحتاج لتنشيط عميق للتأكد من تواجدها ! .
نحن لا نحب التواجد في الأماكن الضيقة أو المغلقة كما لا نحب المواقف المحرجة .. ولا نحب أن يقيس لنا أحدهم مستوى العطاء والخير في داخلنا .. ربما لأننا ندرك أن مستوانا فيها ضعيف أو بأننا قد نخفق أخيراً !!، لكن الحياة تأبى تركنا نفر هاربين برغباتنا هذه ، فالمواقف تخلق نفسها كما تفرض علينا معايشتها بكل فرضياتها .
ولذلك نحن الآن جميعاً نقف على مستوى واحد تحت هيمنة الموقف الذي سيحدد هويتنا وسيكشف لنا من نكون في النهاية .
لقد ابتدأ العد التنازلي والأرقام بدأت تتضاءل وبدأ نوع من الحراك السريع عند البعض - هذه بادرة طيبة- لكنها للأسف ليست عند الكل !! .. فئات محدودة فقط هي التي بدأت تتحرك مسخدمة كل طاقاتها وإنسانيتها تحاول انجاز شيئاً فيما تبقى من وقت ، بينما يرقد الآخرون على وسائدهم تنام ملئ عيونهم غير عابئين بشيء مما يحصل حولهم مكتفين فقط بالمشاهدة التي يبدو أنها تشكل متعة لهم .. تتركهم عازفين بعدها عن القيام بشيء بسيط من واجبا تهم .
لماذا لا يتحركون للقيام بشيء ؟.. شيئ ليس مقصوداً به إنسان معين ولا هو قصراً على مأساة يعيش نهايتها القاسية مجزأة بهواجس الخوف والذعر والقلق وانتظار مصير محتوم .. وإنما هو أمراً يخصنا جميعاً وقد أضحى مهماً ليرجحنا في إحدى كفتي ميزان قد تحسب نتائجه إما لنا أو ضدنا .. وعندها ستبدو الحقائق لنا جلية ومكتملة حين ترتفع نحو السطح لتظهر عمق ما كنا نخبئه !..
الغريب أن البعض حتى الآن لا يعرف عن القضية شيئاً ! .. بخلاف أن آخرين لم يبالوا حين سمعوا بها ، وبعضهم ربما تعمد التجاهل واكتفوا بالنظر لها على أنها أمر فردي لا علاقة لهم به .
ترى ماذا يفعل الإعلام وأين شبكات الانترنت غافلة عن القضية؟ ، أين مسؤولية بقية الجمعيات الخيرية وأين أصوات المساجد التي تمتلئ بجموع المصلين؟ ، بل أين بقية رجال الدين لماذا لا تثار القضية لديهم !؟ .. ألم يدركوا بعد بأنها أصبحت عامة لا خاصة تخص المنطقة بأشملها !.. ماالذي ننتظره لتتحرك قلوبنا بالعطاء وبمبالغ قد نلقي بها غير عابئين في وجبة طعام سريعة قد لا نتمكن من هضمها بعافية !، أو في لعبة طفل ربما قد يهملها فاقداً لاستمتاعه بها !، أو في أمور سطحية غير ضرورية ننسى أحياناً أننا قد ابتعناها لعدم أهميتها عندنا !! ..
نعم قد لا نشعر بمبالغ زهيدة نجمعها من هنا وهناك لكنها قد تضيف الشيئ الكثير لنا حين نقرر أن ننجح بصدق ، وستضيف أشياء أخرى لأطفالنا حين نعودهم على البذل والعطاء من مصروفهم الشخصي .. كما ستضيف شيئاً أكبر أهمية وأكثر اتساعا وعمقاً حين تنتصر في دواخلنا قيم التضحية والعطاء متحدين بها ضيق الوقت وشعور الشح الذي يساكننا وعدم المبالاة التي تغلف معظم حياتنا .
وحين ننجح يمكننا أن نحتفي بأنفسنا لا لنقول للآخرين أننا انتصرنا حين ساهمنا في منح الحياة لأحدهم، ولكن لنقول أننا منحنا الكرامة والعزة والانتصار والفوز لأنفسنا أمام كل الأمور الضيقة التي بدت أنها تقيدنا بطابع العجز والكسل .