براءة بلا أمل !!
تسحرني كثيرا عيون صغاري عندما أحدق في صفائها واجد البراءة تتهرب خجلا من نظراتي الفاحصة متخذة من تشابك الأهداب ستارا تتوارى لتداري حيائها...
ومن ثم يغمرني الحزن العميق... لأني لا أجد في ثنايا تلك العيون شيئا من الأمل، أو ربما هذا الأمل قد فقد في داخلي انا!!
وعندما أحول نظري عن عيون صغاري لأتفحص عيون الأمهات مثيلاتي، ترتسم أمامي علامة استفهام سرعان ما تسقط بظلالها على نظراتي: (أي مستقبل يمكن أن يتنظر أطفالي وأطفال العراق)؟ وتلتقي نظراتي ونظرات الأمهات كما تلتقي علامتي الاستفهام لكلينا... لتعكس لنا واقعا ضبابيا مخيفا!!
- يا ترى ما الذي يحدث؟
فيما مضى كانت اللعبة واضحة لنظام استبدادي مقيت عرفنا كيف يفكر وماذا يريد... وعايشنا الواقع المتعب الذي صنعه لنا بمختلف أنماط المعايشة ما بين الرفض والنضال والكفاح والهروب والاغتراب والصمت واللامبالاة وأحيانا التصفيق والتهريج أيضا.
وعندما انتهت اللعبة وأسدل الستار على آخر فصل فيها، تنفسنا الصعداء وقلنا: بدأت الحياة الآن.
ولكن يبدو أننا شعب طيب بسيط، لأننا لم نعرف كيف نستنتج الأحداث لان سقوط الطاغية لم يكن بداية الحياة، إنما هو فصل آخر لسيناريو جديد ولكننا لا نعلم إلى الآن هل نحن من الممثلين ام المتفرجين لهذا السيناريو؟!
هل يراد لنا أن نكون ممثلي الدور الأول أم الثالث أم الأخير أم خلف الكواليس أم لا يراد لنا إلا أن نكون متفرجين.
ويا ترى هل سنبقى متفرجين كما أرادوا لنا أم سنكسر الحاجز الوهمي لخشبة المسرح ونقفز على ارض المسرح لنمارس أدوارنا الحقيقية كما نريد نحن، نحن الذين نصنع السيناريو ونحن الذين نمثل ونحن الذين نخرج أيضا.
- ألسنا قادرين على ذلك؟
ألا تنوء رقابنا بالتزاماتها تجاه دماء أبنائنا التي تراق كل يوم على قارعة الطريق... فهذه الدماء لا تريد منا تعويضات مالية بقدر ما تريد منا ان نبني حاضرا شفافا لأبناء العراق ومستقبلا مزدهرا لصغاره ... فهذه الدماء يقلقها أن لا يجد الأمل مكانا له في عيون صغار العراق...
أظن بأننا نستطيع أن نفعل ذلك بقليل من الإخلاص وشيء من الوطنية وقدر لا باس به من الشجاعة.
فعيون صغاري يؤرقها الأمل.